ليرى العالم المأساة.. مخرج شاب يصنع فيلما لدعم القضية الفلسطينية
كتب- محمد مهدي ودعاء الفولي:
لحظة بلحظة تابع عمر الرمال ما حدث في حي الشيخ جراح بالقدس، تمنّى الشاب الفلسطيني المقيم بالأردن أن يقدم شيئا لوطنه، راودته فكرة فيلم قصير؛ يشرح كيف يسرق المستوطنون منازل أصحاب الأرض في القدس وربوع فلسطين، وخلال 3 أيام خرج فيلم "المكان" للنور.
سيدة فلسطينية تعد الطعام لأولادها، أب يجلس في حديقة المنزل، فتاة صغيرة تحكي عن أن غرفتها هي المكان المُحبب لها وفي خلفية المشاهد يحمل المستوطنون متعلقات الأسرة ويغادرون، يُفرغون المنزل من محتوياته ويطردون أصحابه، لم تتعد مدة الفيلم دقيقتين، لكنه ترك أثرا كبيرا في رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما أن نشره الرمال.
شارك أحد أصدقاء الرمال في كتابة العمل "والتصوير أخد يومين ويوم ثالث لتجهيزه بالصورة النهائية"، كما يقول المُخرج لمصراوي، فيما لم يواجه الشاب الفلسطيني أزمات في اختيار المشاركين الذين تطوعوا دون مقابل "فريق العمل كان سهل التعاون معه لأني بعمل معهم.. كانوا حابين يدعموني تضامنا مع فلسطين"،
عدد من أبطال الفيلم "كانوا ممثلين بالفعل في الأردن"، فيما كان آخرون يعملون بالتمثيل للمرة الأولى "لكن اخترتهم لأنهم بيشبهوا كتير المستوطنين"، في المقابل لم يكن اختيار الأشخاص لدور المستوطنين سهلا "فيه ناس كتير كان بدي يلعبوا الدور لكن رفضوا عشان ما بدهم يكونوا مستوطنين او الفيديو لو انتشر الناس تشوفهم هيك".
يستاء الرمال من تناول السينما الأجنبية أو الإسرائيلية لقضية وطنه "بلاحظ إنهم دايما يطلعوا الفلسطينيين مش كتير حلوين ولا مرتبين.. هذا الإشي بيسطح الشخصيات ومش حقيقي"، لذا حرص على اختيار الشخصيات بشكل إنساني وسينمائي على حد سواء.
"كتير بشوف الأم الفلسطينية هيك رائعة وعفوية والبنات الفلسطينيات جميلات"، تلك الرؤية الفنية ساهم فيها آخرون مع الرمال الذي كتب الفيلم، منهم المنتج سليمان تادروس وعبود أبو جعفر، ومساعد المخرج حمزة محادين.
لم يتوقع الرمال حالة الانتشار التي صاحبت الفيلم "خاصة إنه أول مرة يظهر للنور واتعرض فقط على منصات السوشيال ميديا"، يسعد صانع العمل باستقبال المتابعين "لأنه على الأقل نكون عملنا اشيء بسيط مقابل صمود وتضحية أهل القدس وفلسطين".. يؤمن الرمال أن "القصص التي لا تُروى عن فلسطين تصير ملكا لأعدائنا"، كما يقول الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصرالله. لذا أخذ عمر عهدا أن يتحدث عن القضية بالفن طوال الوقت، لاسيما وأنها حكايات إنسانية عن الاحتلال والقهر والموت والتشريد.
ينتمي الرسام إلى منطقة سيلفيت الفلسطينية في الضفة الغربية، لم تسلم من شرور الاحتلال الإسرائيلي في لحظات هجومهم الغاشم داخل أنحاء الدولة الباسلة حيث جرت مواجهات عدة "من أيام استشهد 3 أشخاص من أبناء البلد" يذكرها بأسى شديد فيما يُشير إلى التضحيات التي يبذلها الجميع في شتى المناطق "المرات عندنا شوي بيشد ومرات بيرخي، قلوبنا معهم ومع أشقائنا في القدس وغزة بالتأكيد".
يُبدي المخرج الشاب امتنانه إلى أبطال عمله وخاصة من قاموا بأدواء المستوطنين "كنت أشفق عليهم وأشعر بالقلق خلال تنقلاتهم أثناء تصوير الفيلم" هي مغامرة بالطبع لخروجهم في الشوارع مما قد يثير حفيظة المواطنين في الأردن "حاولت أخبيهم وأفكرهم باحتمالية وقوع هجوم عليهم من الناس" يؤكد أن الناس قد لا تفهم طبيعة عملهم وتنفيذهم لتجربة فنية "لذلك كانت النصيحة المستمرة، ديروا بالكم على حالكم" فالأوضاع المشتعلة بفلسطين تُلقي بظلالها على باقي دول العالم ومشاعر شعوبهم.
فيلم المكان ليس الأول للرسام، لديه عمل سابق عن الأوضاع الصعبة داخل فلسطين مع قوات الاحتلال الإسرائيلي"مشروع تخرجي اسمه (حاجز) بيحكي عن عائلتي، كيف أسرة فلسطينية تمر بالحاجز في يوم العيد في طريقهم للملاهي وبيحصل معهم إشيء أحداث كتير" عندما جرى عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي تابعه نحو 60 ألف متفرج، وفقا للمخرج، فضلا عن فيلم آخر عن طفلة سورية تعيش في المخيم وكيفية تأثير ذلك على هويتها "اسمه فاطمة وانتشر في مهرجانات عديدة بالعالم" ونجح في حصد جوائز كثيرة.
يتمنى المخرج الشاب تقديم المزيد من الجهود لصالح القضية الفلسطينية "بالتأكيد إيش ما نعمل لا يقارن بتضحيات الأشقاء في غزة والقدس، ربي يقويهم"، لكنه في الوقت نفسه يرى أن على كل فنان فلسطيني دور في المقاومة "ما بإيدينا سوى تعبير الكاتب بقلمه والمخرج بكاميرته والمغني بصوته وإذا كان بيرسم يعبر بريشته" هي رسالة هامة وحتمية في محاولة لتغيير الواقع التعيس "في فلسطين بنحارب الخراب وكل الدمار والقتل بالجمال والفن كما تعودنا".
فيديو قد يعجبك: