من خارجها.. كيف قام شباب العرب بدعم احتجاجات فلسطين؟
كتبت-رنا الجميعي:
لا تغفل أعين يوسف الدموكي سوى ساعتين فحسب في اليوم، تلك هي الضريبة التي يدفعها عن طيب خاطر لأجل القضية الفلسطينية، يُحاول الشاب المصري دعم الفلسطينيين بما يتسنى له من وسائل، وتلك الوسيلة هي التواصل مع الفلسطينيين بالداخل عن طريق البث المُباشر على موقع الانستجرام.
على مدار ثلاثة أيام حتى الآن يقوم الدموكي بعمل بث مباشر، يتواصل فيها مع شباب على خط النار عند المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح، وغزة، ومن الداخل المُحتل أيضًا؛ اللد والخليل ورام الله وغيرها من المدن التي يُسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي "دي الحاجة الوحيدة اللي أقدر أعملها دلوقت"، يقول الدموكي لمصراوي.
يُذكر أن الأحداث المُشتعلة في فلسطين بدأت باحتجاجات أهالي حي الشيخ جراح بالقدس، فقد أدت قضية أهالي حي الشيخ جراح إلى تضامن فلسطينيي الداخل بالكامل معهم، فاشتعلت الاحتجاجات في اللد وأم الفحم وغيرها من المدن المُحتلة، وقامت حركة حماس بإطلاق صواريخ تجاه القدس، فقامت إسرائيل بالرد عليها تجاه غزة، ما أدى لاحتدام الموقف، وإلى الآن تم استشهاد ما لا يقل عن 43 فلسطيني، من بينهم 13 طفل، ومقتل 6 إسرائيليين.
القضية الفلسطينية بالنسبة للدموكي لا تحتاج للكثير من الشرح، فقد تربّى طالب كلية الإعلام منذ صغره على الانتماء للقضية، مًتذكرًا صندوق التبرعات الذي لا يبرح صالة بيته "كنت بشيل من مصروفي وأحط فيه"، وقد نما مخزون المحبّة لفلسطين عن طريق مشاهدة الأعمال الدرامية؛ مثل مسلسل "التغريبة الفلسطينية"، و"عائد إلى حيفا"، حتى أنه ألقى قصيدة في عمر الثامنة خلال حفل لإحياء ذكرى استشهاد الطفل "محمد الدرة"، وفي عمر العاشرة تظاهر تضامنًا مع غزة.
كل ذلك جعل القضية الفلسطينية جُزء من هوية الشاب، لذا لم يكن غريبًا أن يفعل ما بوسعه خلال الأحداث الأخيرة "اللايف بيوصّل الدعم ويحط الناس في الصورة"، أكثر ألفي شخص كانوا يُتابعوا الأحداث عبر البث المُباشر، حيث يتواصل الدموكي مع الفلسطينيين من مُدن مختلفة، فيما يتعرض الشباب من داخل فلسطين أحيانًا للتشويش على شبكة الإنترنت "بس بقدر المستطاع بيوصلولنا الصورة".
لم يكن الدموكي وحده من قام بالتفاعل بذلك الشكل، فبشكل عفوي بدأ الفلسطينيون مع تأجج الوضع بفتح حساباتهم على الانستجرام بالبث المباشر، الموجودين بغزة وعند المسجد الأقصى وداخل حي الشيخ جراح، كما جاء البعص من بلداتهم للتضامن مع أهل القدس مثل الشاب محمد بزبز، الذي يعيش بقرية سلوان "اللي بيتهجروا من حي الشيخ جراح هم جيراني وأصحابي وإذا اليوم وافقنا على تهجيرهم يعني بكرة راح نوافق على تهجيرنا"، فلا يُريد الشاب الفلسطيني إعادة ما حدث من تهجير عام 1948، يحكي لمصراوي.
لم يقتصر دعم الشاب على التظاهر فقط، أو التواجد داخل حي الشيخ جراح، بل قام هو وآخرين بالتواصل مع أكبر عدد من الشباب الفلسطينيين، وهو ما جعل الأمر ينتشر "لحد ما وصل صوتنا على السوشيال ميديا"، كذلك قام بالتواصل مع المشاهير "باعتبارهم الفئة اللي لهم أكبر قدر من الجمهور"، حيث يؤمن بزبز أن مواقع التواصل الاجتماعي الآن هي قوة يجب الاستفادة منها "وأصرينا نوصل الصورة الصحيحة للي بيحصل".
تلك كانت المرة الأولى التي يُشارك فيها الدموكي بدعم القضية بتلك الطريقة، حيث يراها موجة جديدة مشتركة "مكانش فيه أي اتفاق"، فقبل ذلك كان دعم الشاب عن طريق التظاهر والتبرع "ومن صغري بلبس كوفية فلسطين في كل مكان"، وفي نفس الوقت الذي يظهر فيها الدموكي بالبث المباشر، يتفاعل آخرون بنفس الطريقة، ومن بين هؤلاء الصحفية منى حوا، ومخرجة الأفلام آلاء حمدان، وخلال الأيام الماضية تفاعل مع البث المباشر لدى الشابتين أكثر من 500 ألف شخص.
ساعات طويلة هي عمر البث المُباشر، لا ينقطع طالما كانت هناك أحداث ومواجهات، فخلال البث المباشر لدى منى حدث قصف في غزة، حيث شارك في البث الصحفي عبد الكحلوت، وقد سقط أرضًا تأثرًا بقوة انفجار زجاج المبنى في وجهه، ومواقف أخرى خلال البث وضّحت الحياة الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، من بينها ما حدث خلال بث مباشر لدى آلاء، حيث طالبت الصحفي المُشارك بأن يُعطيها وجهه حتى يلتقطون صورة جماعية، فكان رده "الكهرباء مقطوعة".
تعرّض أيضًا الدموكي لمواقف لدى البث المباشر، منها بكاءه الشديد حين حدث قصف قريب من أحد الفلسطينيين بغزة، وقد كان متواصلًا معه خلال البث "وكان هو وأسرته بيكبروا وقتها وبيقولوا غزة شرف الأمة وبتقهر الاحتلال".
وعلى الرغم من قساوة الموقف، لكن الدموكي تعرّض أيضًا لموقف لطيف سيظلّ ذكرى جميلة لديه، فقد كانت مدة البث المباشر تطول على مدار اليوم وحتى موعد السحور "وكنا نتسحر سوا، أنا من اسطنبول وزيد من الأقصى وإبراهيم من غزة".
حالة الزخم التي كوّنها البث المباشر صنعت تفاعلًا شديدًا مع احتجاجات أهالي حي الشيخ جراح، وما تبعها، يرى الدموكي، وهو الدارس لمجال الإعلام، كما أنه يعمل كصحفي، أنها مرحلة إعلامية جديدة بخصوص القضية الفلسطينية "، فقد استغل العديد من الشباب الفلسطيني والعربي مُتابعيهم الكثر على مواقع التواصل الاجتماعي للتحدث عن القضية، ولم يقتصر الأمر على شباب الإعلاميين فقط "كان معايا في البث شباب أصحاب براندات ملابس وعندهم متابعين كتير، كانوا بيدخلوا البث حتى لو مش هيتكلموا بس عشان نوصل لأكبر عدد ممكن".
فيديو قد يعجبك: