بسيارة تحمل اسم والدته.. البطل المصري حديث الساعة في أمريكا يتحدث لمصراوي
كتب- عبدالله عويس:
في مدينة سان دييغو، التابعة لولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، كان أحمد حسني شعبان، يعيش حياة هادئة بسيطة، لا يعرفه الكثيرون، ولا يهتم إلا بعمله في مجال السيارات. لكنه بين ليلة وضحاها صار مشهورا، تستقبله كبرى الشبكات الإذاعية ومحطات التلفزيون، ويستوقفه المواطنون في الشوارع، طالبين منه التقاط صورة تذكارية معه باعتباره بطلا، عرض نفسه للموت في سبيل اعتراض متهم بالقتل، ومطلوب على خلفية جرائم أخرى. فيما يرى الرجل المصري نفسه لم يفعل سوى ما يقتضيه الواجب.
عشرات السيارات التابعة للشرطة، تطارد سائقا، بينما كان أحمد عائدا من عمله. وحين مر القاتل من أمامه بسيارته، وتابع مشهد المطاردة، أخبر صديقه على الهاتف بما يجري، ليخبره الأخير، بأن الشرطة تحاول القبض عليه منذ ساعتين دون جدوى، وبعد دقائق أبصر الرجل من جديد تلك السيارة، وفي أحد التقاطعات، قرر أحمد أن يوقف المتهم، الذي يقود سيارته بشكل جنوني، رغم ما في ذلك من مخاطر كبيرة، قد تصل إلى الموت: «لم أفكر في ذلك، كان كل هدفي الحفاظ على أرواح الناس، كان يتخبط بشكل كبير، ودمر سيارات في سبيل الهرب من الشرطة، وحين اعترضته حاول الفرار مني، وكان ذلك في الثلاثاء الـ6 من إبريل».
صدم الرجل المصري سيارة المتهم الذي تطارده الشرطة، والذي ارتكب جريمة قتل في نهاية مارس الماضي، وكان مطلوبا في جرائم كبرى، وبعد الاصطدام، كان المتهم مايكل كالب ريد، يحاول أن يفلت من سيارة أحمد، لكن الشرطة سبقته وألقت القبض عليه. ولم يكن يعرف ذو الـ44 عاما، والذي ترك محافظة الإسكندرية منذ سنوات طويلة، أن فعله هذا مراقب بالكاميرات، وأنه سيصبح حديث الناس حوله: «استضافتني أكثر من 7 قنوات عالمية، وأجريت العديد من اللقاءات، وحين أسير في الشوارع يوقفني الناس ويثنون على تصرفي، فأخبرهم بأني لم أفعل أكثر من الواجب».
في عام 1998 وصل أحمد إلى كاليفورنيا، في ذلك التوقيت كان عمره 20 عاما، وقدم إليها للسياحة، لكنه وقع في غرام شابة وقرر الزواج منها والاستقرار هناك، وأنجب منها ولدين، قبل وقوع الطلاق وزواجه من أخرى كان لديها ولد، وأسماء الـ3 طارق والزين وسيف، وجميعهم فخورون بما فعله الأب، ويحكون لأصدقائهم في المدارس وجيرانهم عن والدهم، وكان ذلك أكثر ما فرح به الرجل، كونه بطلا في عيون أولاده: «كنت أدرس في الكلية العسكرية، وفي العام الثاني تقدمت باستقالتي نظرا لاحتياج والدي لي، وكنت الولد الوحيد له، وتربيت هناك على عدم الخوف والشجاعة، والإقدام في أي موقف قد ينقذ حياة الناس». يحكي أحمد، والذي درس بعد استقالته من الكلية العسكرية، في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، ولم يكمل عاما واحدا فيها قبل سفره واستقراره في أمريكا.
«ما درسته في الكلية العسكرية ظل ملازما لي، لا أنساه قط، لا أعرف الترد، طالما كان القرار سليما» قالها أحمد، الذي لم يؤلمه في الأمر سوى أن السيارة التي اشتراها منذ 5 شهور صارت غير صالحة للعمل، واشتراها بـ75 ألف دولار، ورغم أن التأمين سيتكفل بسيارة جديدة، إلا أن لهذه السيارة قصة يحكي عنها بمحبة كبيرة: «كتبت على جانبيها اسم يسرية، ورقم السيارة 1948، وهذا الاسم اسم أمي، والرقم تاريخ ميلادها» هذه المحبة للأم، كانت سببا في تغيير اسم زوجته التي أسلمت بعد الزواج، ليكون اسمها يسرية: «علمتني أمي وربتني أفضل تربية، ولذلك سأصلح تلك السيارة التي تحمل اسمها من جديد، وهناك مواطنون قاموا بإنشاء حساب باسمي للتبرع لإصلاح العربة».
نشأ أحمد في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية، شمالي مصر، تعلم هناك، ودرس حتى أتم العشرين عاما قبل سفره، ويعود كل عام إلى منطقته، يلتقي أقاربه وجيرانه ورفاق الطفولة والشباب، ويصطحب أولاده معه، وما يزال معتزا بكونه مصريا، يرتدي دوما ملابس عليها علم مصر، ولذلك ظهر في مقابلاته التلفزيونية بملابس عليها اسم مصر: «أحكي للناس هنا عن مصر، أخبرهم عن عظمتها، وعن عظمة أبنائها وأجدادهم، وبعد أن صارت لي شهرة هنا أحدثهم بشكل أكبر عنها، وكثيرون يتمنون زيارتها».
لأهل الإسكندرية لكنة في الحديث يميزها من استمع لأحدهم، وهي ما تزال على لسان ابن الإسكندرية، الذي ترك مصر منذ 23 عاما، وتلقى عشرات المكالمات والرسائل من مصريين يمتدحون فعله، وتصرفه الذي كاد يودي بحياته، وتلقى كذلك رسائل من غرباء يخبرونه بأن قيادته للسيارة كانت رائعة: «فكنت أخبرهم بأن من شاء تعلم قيادة السيارات، عليه أن يذهب إلى مصر، الأمر هناك ليس بالسهل» قالها مازحا، قبل أن يتحدث عن حبه للسيارات والعمل فيها. ويعمل كثير من أهل أحمد في القوات المسلحة المصرية، ومنهم تعلم معنى الشجاعة، وينوي أن يزور مصر قريبا، رفقة أسرته. ولولا أن طفليه من زوجته الأولى يذهبون للقاء أمهم بشكل دوري لعاد إلى مصر بشكل نهائي بحسب ما يوضح.
تلقى أحمد الكثير من عبارات الشكر، لمساعدة الشرطة، في إيقاف الرجل الذي تمتلأ صحيفته الجنائية باتهامات كثيرة، منها الاغتصاب والسطو وحيازة سلاح ناري والقتل. لكنه يرى في الأمر فرصة لإضفاء صورة ذهنية إيجابية عن المصريين في الخارج، ومساعدتهم المجتمعات التي يعيشون بها. وفي صباح اليوم، الأربعاء، تلقى المصري الذي يعيش بأمريكا مكالمة هاتفية من وزيرة الهجرة المصرية، الدكتورة نبيلة مكرم، التي كانت فخورة به وبما قدم من شجاعة.
فيديو قد يعجبك: