8 سنوات يرسم في صمت.. أخيرًا أعمال طفل سوداني تخرج إلى العالم

كتبت- شروق غنيم:

أمسك "أواب" أدواته الفنية وأخذ يُعبر عما بداخله؛ باللون الأخضر رسم طائر تعثّر خلال سنوات طويلة في الطيران، لكنه أخيرًا استعاد جناحيه واستطاع بسطهما على السحاب، ليُحلق في السماء مُستعيدًا قطعة من روحه.

قبل ثمانية أعوام جاء الطفل سوداني الجنسية برفقة والده إلى مصر، من أجل رحلة علاج من الضمور العضلي، غير أن مدة الإقامة طالت، كما يذكر دكتور محمد صلاح، والد أواب، لموقع مصراوي "الموضوع أخذ وقت أطول مما تصورنا، وقررنا استكمال حياتنا هُنا بسبب علاج ابني".

محطات صعبة مر بها الطفل أواب، خلال رحلته العلاجية في الـ8 أعوام المنصرفة، غير أن شيء واحد هوّن عليه التجربة، حينما يرسم. تابع الأب كيفية تطور أيادي صغيره في الرسم، في كل مرة كان يُدهشه بلوحة جديدة "لكن كان الموضوع مُقتصر علينا في البيت وبس".

من جمهوره الصغير داخل المنزل، إلى ملتقى دولي، خرجت أعمال أواب لتُعلق في ملتقى أولادنا لذوي القدرات الخاصة، فرحة كبيرة ملأت قلب صاحب الـ16 ربيعًا وأسرته.

في معرض فني داخل ساحة الهناجر، عُرضت لوحة رسمها أواب برفقة لوحات أخرى من أطفال في مصر وحول العالم، كل يعبر عن موهبته ومشاعره من خلال أدوات الرسم والكولاج وفنون أخرى.

انطلقت الأربعاء الماضي، فعاليات الملتقي الخامس لمؤسسة أولادنا، حيث افتتحت سهير عبد القادر رئيس الملتقى، معرض الفنون التشكيلية بحضور نائب محافظ أسوان، ولجنة تحكيم الفنون التشكيلية، وضم المعرض مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية التي نفذها ذوو القدرات الخاصة.

وقالت سهير عبدالقادر، مؤسس ورئيسة مؤسسة أولادنا لفنون ذوي القدرات الخاصة، إن المؤسسة تعمل على دمج ذوي الهمم على المستوى الدولي مع المجتمع والعالم المحيط من خلال ملتقى أولادنا، تحت عنوان "سوا نرجع فرحتنا" وبرعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.

ويضم الملتقى 31 دولة عالمية، أبرزها فلسطين، المغرب، روسيا، أوغندا، والسعودية والإمارات وغيرهم من الدول.

في الدورات السابقة، كان يشارك دكتور محمد صلاح من خلال جمعية دُنقلا للثقافة والتراث النوبي، في ملتقى أولادنا، غير أن هذه المرة لها مذاق خاص، إذ تتوج حضوره بمشاهدة لوحة أساسية لابنه في المعرض التشكيلي، فيما قرر أن يُحضر باقي لوحاته ويُعلقها في جناح السودان المشارك بسوق التراث الشعبي لمهرجان الفنون والفلكلور الأفروصيني.

بهاتفه، اصطحب الأب ابنه في جولة داخل المعرض، إذ لم يتمكن حتى الأن من المجئ لظروفه الصحية، فرحة كبيرة عمّت بداخله إذ يرى جمهور جديد يتابع لوحته المُعلقة، فضلًا عن عبارات الإشادة والتشجيع، بينما الفخر يملأ والده كلما رأى متابعين للوحة صغيره "دي من رسم ابني أواب، لأول مرة شغله يطلع للنور".