إعلان

كيف ساعدت مجموعات دعم الأمهات في التعامل مع الأطفال صعبة الطباع؟

05:46 م الخميس 14 أكتوبر 2021

مجموعات دعم الأمهات في التعامل مع الأطفال

كتبت- هبة خميس:

حينما صارت الصيدلانية رانيا الحسيني أمًا لطفلة صغيرة دخلت في دائرة الإنهاك المتواصل، بالنسبة لها كانت الأمومة جديدة عليها فكانت تختبر كل شيء لأول مرة مع ابنتها الملتصقة بها، وفي خضم ذلك الإنهاك كانت تُوّجَه لها التهم الكثيرة بأن البنت لا تنفصل عنها وتبكي كتثيرًا ولا تنام بشكل جيد، وكعادة أي أم ظلت تبحث عن الخلل الذي فعلته لتصبح ابنتها صعبة الطباع هكذا.

"الناس كلها كانت بتحسسني إني السبب في طباعها، ومع الوقت مكنتش قادرة حتى اشتكي لحد أو أقول حاجة وكنت تعبانة بزيادة ومرهقة جدًا".

حينما وصلت ابنتها دارين فكرت رانيا البحث والقراءة كي تعرف كيف تتعامل مع متطلبات طفلتها، فوقع تحت أيديها مقال في مجلة أجنبية يتحدث عن الأطفال المتطلبين مثل طفلتها.

أنهت الأم المقال لتدرك أن هناك مصطلح يطلق على الأطفال مثل طفلتها وهناك طرق للتعامل تربويًا ونفسيًا، مع البحث في المراجع والانترنت لتجد على السوشيال ميديا العديد من مجموعات الدعم لأمهات ذلك النوع من الأطفال.
"لما بحثت لقيت مراجع فيها اختبارات للطفل وبتعرفنا أكتر طريقة التعامل معاه ،و كان غريب اني الاقي مجموعات دعم بكل اللغات إلا اللغة العربية".

قررت منذ قرابة العام بعد حصيلة واسعة من الإطلاع والقراءة إنشاء مجموعة دعم للأمهات والأباء للأطفال "high needed"، أو المُتطلبين جدًا، في بدايات إنشاء الجروب استقبلت هجومًا ووصف ما تحكي عنه بالـ"دلع"، بسبب شكواها لكن مع مرور الوقت بدأ الأعضاء في الزيادة ومشاركة تجاربهم مع أطفالهم.


"كان الغريب أن فيه أمهات وأباء بيدخلوا يحكوا تجاربهم أنهم نفسهم كانوا أطفال عندهم نفس الطباع لكن أهلهم معرفوش يتعاملوا معاهم وده أثر عليهم بشكل سلبي لحد الكبر". تحكي الأم لمصراوي.

في منشور مثبت بالمجموعة جمعت رانيا الكثير من المراجع والاختبارات التي ترجمتها بنفسها وأحيانًا بمساعدة الأعضاء لجمع مادة علمية موثوق فيها كي يرجع إليها الأعضاء لتُعينهم وتساعدهم باستمرار، بمشاركتها تلك الخبرات وتجربتها مع ابنتها، تغيرت الأم للأفضل فلم تعد تلك الأم المرهقة باستمرار، بمعرفتها أنها ليست وحدها ولا يوجد أزمة في تأخر طفلتها في الانفصال عنها أو تعليمها النونية ودخولها الحضانة لأن كل طفل مختلف عن الآخر.

تقول الدكتورة دعاء أحمد أخصائي الطب النفسي للأطفال بمستشفى المعمورة، إن هناك نظرية علمية لاثنين من علماء النفس؛ توماس وتشيس، تُقسم الأطفال لثلاثة طباع تبعًا للوراثة وأثر البيئة عليهم وهي الطفل سهل الطباع وهي نسبة 70 في المائة من الأطفال وفي المنتصف الطفل متوسط الطباع وأخيرًا الطفل صعب الطباع ويمثل نسبة 10 بالمائة من الأطفال.

الطفل الـ"High needed"، هو طفل يقع في المنتصف بين الطفل السهل الطباع وصعب الطباع، وهناك نسبة وراثة بسيطة في نوع الطفل "لأنه فيه أطفال سهلة الطباع بتنشأ في بيئات صعبة فيتغير طبعها و العكس صحيح" تحكي الأخصائية لمصراوي.

بسبب كونها والدة أيضًا لطفل متوسط الطباع ودائم الاحتياج لها، تعلم الأخصائية كم الضغط الموجود على الأم بسبب صعوبة التعامل مع طفلها، تحتاج الأم الكثير من الوقت والصبر والمجهود كي تروض طباع طفلها مثل عمل جدول بأوقات نومه والإصرار عليه.

"الأم في الحالات دي بتكون محتاجة برامج تربوية علشان تعرف تتعامل مع طفلها بشكل كويس وتغير طبعه والتصاقه بيها واعتماده عليها طول الوقت".

أحد أعضاء المجموعة والذي التحق بها منذ نشأتها محمد أنور، أب بمنتصف الثلاثينيات وأب لطفل عمره أربعة أعوام. يهتم أنور بالشأن التربوي قبل حتى أن يصير أبًا "اللي بيفكر يشتري عربية بيتعلم يسوق الأول، مينفعش أقرر أجيب طفل وأنا معرفش حاجة عن التربية، وده اللي خلاني مطلع باستمرار وأقرأ في مجال التربية".

قبل جائحة كورونا حصل أنور على دبلومة في التربية والتي أضافت له الكثير من المعرفة حول تربية طفله، بسبب تعرضه للكثير من التجارب النفسية القاسية التي تزامنت مع إنجابه لطفله الوحيد، قرر أنور الوقوف قليلًا للتخلص من الضغط ومراجعة نفسه فيما يشعر به طوال الوقت من حساسية شديدة وانفعال زائد، ومع البحث وجد الأب المجموعة التي أكملت له الكثير من الفراغات التي تنقصه في فهمه وإدراكه لنفسه وطفله.

"التحدي المتعلق بالتربية بسبب حقيقة أننا أسرى طفولتنا، وعدم التعامل بشكل مناسب مع غلطات التربية في الطفولة تمنه كبير وبيسيب أثر مؤلم علينا". يقول الأب لمصراوي.

يشارك أنور بالكثير من المنشوارات في المجموعة عن خبرته مع التربية وتجربته مع طفله وأحيانًا إعادة اكتشافه لنفسه، وكيف كان فارقًا تعرفه على تلك المجموعة واحتكاكه بالكثير ممن يمرون بنفس التجربة.

صورة 1

تعتبر الدكتورة دعاء أحمد أخصائي الطب النفسي للأطفال، أن أفضل ما يمكن تقديمه لأي أم هو وجود مجموعات الدعم التي تمكنها من بث شكوتها أو مشاركة معاناتها حتى لو كان لديها طفل عادي وطبيعي، فحينما تجد الأم القليل من الدعم بشأن سلوك طفلها وتربيتها له تتحمس أكثر للإطلاع والمعرفة.

مؤخرًا في المستشفى التي تعمل بها دكتور دعاء، تم عمل برامج تربوية باللغة العربية للأم كي تتمكن من التعامل مع طفلها صعب الطباع، لأن الأم هي الأساس في تنشأة أبنائها تنشأة نفسية سوية تحميهم من الأمراض حينما يبلغوا ويحكتوا بالمجتمع أكثر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان