إعلان

المنتصر بالله.. مسيرة مثيرة لفنان كبير من الميلاد إلى الوفاة (بروفايل)

06:15 م السبت 26 سبتمبر 2020

الفنان الكبير المنتصر بالله

كتب- محمد مهدي:

منذ اللحظة الأولى لميلاده لم تكن حياة الفنان الكبير المنتصر بالله اعتيادية، عانى والداه من وفاة 3 أبناء من قَبله "كانوا يقعدوا سنتين ونص ويموتوا على طول" حتى إن الأب تضرع إلى الله طالبًا منه النجاة من هذا الكابوس "وندر إنه اسم ربنا يكون مع اسم أي مولود جديد" وعندما رُزق بمولود جديد أطلق عليه المعتز بالله "ولما أنا اتولدت قال ربنا نصرني يبقى المنتصر بالله"حيث ولد في فبراير 1950 لتبدأ مسيرته التي حملت الكثير من الإثارة والموهبة والضحك والإثراء للفن المصري والعربي.

صورة 1

في طفولته عشق المنتصر بالله الفن "كنت بمثل وأنا لسه طفل في ابتدائي" كما يقول في لقاء تلفزيوني، عندما يدلف إلى بوابة مدرسته في كل مرحلة دراسية يسأل أولًا عن مكان المسرح، اشتهر بين أصدقائه بموهبته الكبيرة، ولم تمانع الأسرة في سيره بدروب الفن، غير أن الأحوال تغيرت حينما حصلت على شهادة الثانوية العامة "قولت لوالدي عايز أدخل معهد فنون مسرحية، قالي ودي تطلع منها إيه؟ " رفض الأب بشكل قاطع احتراف الفن "قالي لما الناس تبص على بطاقتك يلاقوك ممثل؟!"

حالة من الغضب انتابت الأسرة من اختيار الابن، لم يجد مفر في نهاية الأمر سوى الخضوع لرأي والديه "دخلت كلية الزراعة" بدون حماس انضم المنتصر بالله إلى كليته، لكن سرعان ما عثر على اكتشاف عظيم "لقيت في الكلية أحسن فريق تمثيل على مستوى الجامعات" إذ تخرج من قبل الفنان الكبير عادل إمام "واكتشفت إن معايا في نفس الدفعة الأستاذة محسنة توفيق، ولحقت أشتغل معاها قبل التخرج" وبعد الانتهاء من دراسة الزراعة التحق سريعًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

خلال الدراسة كان المنتصر بالله قد حصل على فرصة عمل في شركة خاصة للاستيراد والتصدير، لديه مرتب جيد ومكانة مميزة في المكان، لكن قلبه معلق بالتمثيل حتى أنه انخرط في مسابقات المسرح الخاصة بالشركات "كان منتصر ممثل قوي في المسابقات دي، وحصل بينا منافسة كبيرة مع الصداقة اللي جمعتنا" يقولها الفنان الراحل فاروق الفيشاوي عن المنتصر بالله مؤكدًا على إمكانياته الفنية التي اشتهر بها مبكرًا قبل الاحتراف.

صورة 2

ذاع صيت المنتصر بالله وإجادته لتقديم الكوميديا، تلقى عروض مسرحية عديدة من بينها شخصية "حامد محفوظ" في مسرحية "مطلوب على وجه السرعة" حيث لعب دور السكرتير الخاص بالفنان "يحيى الفخراني" ومن هنا انتبهت الأعين لقدراته الضخمة في الإضحاك "ويمكن دي كانت غلطة، لأن الناس حصرتني في المنطقة دي افتكروا إني مبعرفش اعمل غيره، رغم إني بعرف أمثل كويس" لذلك ظهر في عدد من الأدوار المشابهة خلال فترة الانتشار من بينها "مراتي عاقلة جدًا" و"عيلتين في شقة" و"حارة الضحك" و"حديقة الزوجات".

ظل المنتصر بالله يبحث عن فُرصة حقيقة حتى انضم إلى فريق عمل مسلسل "عيون" عام 1980، بجانب الفنان الكبير "فؤاد المهندس" أستاذه والأب الروحي، كما يصفه "شاركت جنب أسماء مهمة زي أستاذ فؤاد وسناء جميل وشيرين ويونس شلبي" تعلم الكثير من "المهندس" كما يقول " علمني كل حاجة في التمثيل، وعرفني قيمة احترام المواعيد وأهمية الانضباط في شغلانتنا" كما تبنى موهبته حيث شارك معه من قَبل في عدد من الأعمال من بينها فيلم "فيفا زلاطا" التجربة المختلفة والجريئة في أواخر السبعينيات، ومسرحية "علشان خاطر عيونك".

شهدت فترة الثمانينيات نجاح واسع يليق بالمنتصر بالله من خلال أعمال فنية عديدة مثل "الرجل الذي عطس" و"اللعيبة" و"ناس هايصة وناس لايصة" و"وأنا وأنت وبابا في المشمش" وغيرها، إذ يملك حضورا كبيرا أمام الكاميرا، يتقمص الشخصيات بصورة مدهشة مع الحفاظ على بصمته في الأداء أهلته إلى الدخول في زمرة النجوم خلال التسعينيات بتجارب سينمائية ومسرحية ظلت خالدة في وجدان الجمهور من أجيال مختلفة.

لا ينسى أحد شخصية "زكي" صديق المحامي مصطفى خلف-أحمد زكي- في فيلم ضد الحكومة، دويتو قوي بينه والأخير خلال مشاهدهما في العمل، مباراة تمثيل تحت إشراف المخرج "عاطف الطيب" وفي العام نفسه ينضم إلى فيلم "كريستال" مع النجمة المتألقة "شيريهان"التي صممت على وجوده أيضًا في مسرحيتها الشهيرة "شارع محمد علي" وهو ما ذكره المنتصر بالله بتأثر في إحدى اللقاء التلفزيونية "سألتهم فين منتصر؟ قالولها مفيش دور، قالتلهم لو منتصر مشتغلش أنا مش هاشتغل، منساش الحكاية دي أبدًا".

قرار "شيريهان" منح المنتصر بالله أحد أشهر أدواره الكوميدية على الإطلاق، شخصية "شلولو" الذي صال وجال على خشبة المسرح بتمثيل وإضحاك وغناء ليصبح ركن أساسي في نجاح المسرحية التي ظلت مستمرة منذ عام 1991 حتى 1995 "أخر عرض عملناه في رأس السنة، والمسرحية حققت أكبر إيراد في التوقيت دا بين جميع المسرحيات" ولم ينسّ الذكريات الجميلة التي جمعته بـ "الملك" لقب الفنان "فريد شوقي" حيث اعتادا على الحديث سويًا في غرفته خلال فترات الاستراحة "وقررنا مرة اننا نتعلم لغة فرنساوي خلال الفترة دي، بس معملناش حاجة طبعًا" يقولها ضاحكًا.

في عام 1994 حققت فيلمه "يا نحب يا نقب" مع فاروق الفيشاوي وأحمد آدم نجاحا جيدًا، لكن الفنان القدير كان يرغب دائمًا في التعبير عن إمكانياته المختلفة بشخصيات لا تقدم الضحك فقط، لذلك لم يتردد كثيرًا عندما عُرض عليه أداء شخصية "رمضان" في مسلسل "أرابيسك" من تأليف الأستاذ "أسامة أنور عكاشة" بطولة النجم صلاح السعدني ليظهر بتركيبة جديدة وغير معتادة يُظهر الشر كلما أطل على الشاشة حتى أنه كُتب على تترات المسلسل "جوز اخته الشرير".

صورة 3

انخرط المنتصر بالله في دنيا المسرح أكثر من الفنون الأخرى، وبقى متوجًا على قلوب الجمهور، ينتظره الجميع مع أي عمل جديد، ويرسم الابتسامة عند خروجه في البرامج التلفزيونية، شاهد الملايين حلقتها مع المذيع القدير "جورج قرداحي" في برنامجه الأبرز "من سيربح المليون" تابعوا بشغف نكاته وحكاياته الطريفة خلال إجابته على الأسئلة فضلًا عن برنامج"الشقة" في عام 2007 مع النجمة "هند صبري".

مثل ولادته لا تمت النهاية إلى المسارات التقليدية، حيث أُصيب بجلطة في المخ دخل على أثرها في غيبوبة لفترة طويلة قبل الإفاقة لكنه عانى من الشلل لسنوات طويلة وسط محاولات عديدة للعودة إلى جمهوره بأعمال جديدة، لكن القدر لم يتيح له الفرصة عندما ساءت حالته الصحية مؤخرًا وانتقل إلى مستشفى بالإسكندرية، قبل أن تُعلن وفاته اليوم السبت، لتنتهي مسيرة كبيرة لفنان لا يجود الزمن بمثله كثيرًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان