مشوار طويل.. كفاح "سامية" ووالدتها لتُصبح الأولى مكفوفين بالثانوية العامة
كتب- محمد مهدي:
تصوير-رامي محمد:
في منطقة فيصل بالجيزة، لم تتمالك الطالبة "سامية محمد" نفسها، حينما سمعت اسمها يتردد على لسان الدكتور طارق شوقي، وزيرة التربية والتعليم، مُعلنًا أنها الأولى على مكفوفي الجمهورية بالثانوية العامة، صرخت بصوت عال، تحركت داخل بيت الأسرة بعشوائية من شدة الفرحة، قلبها ينبض بسرعة تتجاوز المعتاد قبل أن تستقر في أحضان أمها السيدة "ميرفت محمد" رفيقة الدرب والكفاح منذ ولادتها وحتى وصول الخبر السعيد "من غيرها مكنتش هوصل لأي نجاح حصلي" تذكرها الفتاة النابغة في حوارها مع "مصراوي".
كان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اعتمد اليوم الثلاثاء، نتيجة امتحان شهادة إتمام الثانوية العامة للعام الدراسي 2019/2020، تمهيدًا لإعلانها بجميع مدارس الجمهورية غدًا الأربعاء، ووصلت النسبة العامة للنجاح إلى 81.1%.
رحلة طويلة خاضتها الأم منذ ميلاد سامية في عام 2002، علمت الأسرة في الأيام الأولى للطفلة الجميلة، أنها لن تتمكن من الرؤية بوضوح لوجود تلف في العصب البصري، دفع ذلك والديها إلى منحها الكثير من المحبة والاهتمام خاصة في الدراسة "كنا مركزين إنها تبقى متفوقة دايمًا في دراستها" وفق حديث الأم لمصراوي، حيث نجحت في الحفاظ على المركز الأول بالمحافظة في الابتدائية والإعدادية، رغم الظروف الصعبة التي مرت بها الأسرة.
مضت الحياة بوتيرة جيدة، تتقاسم ميرفت المسؤولية مع زوجها "كان يروح بيها المدرسة ويتابع معاها" لكن القدر كان يحمل للأسرة البسيطة الكثير من الألم، حيث توفى والد سامية في عام 2013 وهو ما ألقى بمزيد من الأعباء على كاهل الأم المكافحة."حولت من مدرستي ونقلت لمدرستها عشان أكون جنبها دايمًا" حيث تعمل كأخصائية اجتماعية في وزارة التربية والتعليم.
بات عليها المتابعة الدائمة لمذاكرة الابنة النجيبة والذهاب رفقتها لتحصيل الدروس ومراجعة المواد معها أولًا بأول، تقول سامية:"وقفت معايا طول الوقت، وفرتلي كُل سُبل الراحة، ربنا يخليهالي" وعلى مدار السنوات الماضية، عكفت الأم على تجهيز الكتب الخارجية على طريقة برايل حتى تتمكن من المذاكرة بسهولة ويسر "بشتري الكتب وأروح بيها على جمعية (نور البصيرة) بيساعدوا في ترجمتها وتحويلها لـ (برايل)" مشاوير مستمرة لا تنقطع حرصا على وصول كافة المعلومات الدراسية إلى ابنتها.
بعد قرار الحكومة في مارس الماضي بتعطيل الدراسة، كان لزاما على الطالبة المتفوقة المكوث في البيت لأشهر طويلة، زاد ذلك من الضغوط النفسية التي يمر بها طلاب الثانوية العامة "خاصة إن عندي حلم وطموح عايزة أوصله" كما تؤكد سامية، وكالعادة وقفت الأم بجوارها، تدعمها وتساندها وتخفف عنها قدر الإمكان "تقولي ريحي شوية، تعالى نقف في البلكونة نتكلم، تطمني وتقعد تدعيلي" وهو ما ساهم في منحها دفعة معنوية خلال معترك صعب.
قبل امتحانات الثانوية العامة بأيام عديدة لم تذق الأم النوم بشكل كافي، توضح ميرفت:"مكنتش بنام 3 ساعات على بعض، أقعد أراجع معاها، وهي نايمة أعملها الأكل أو أظبط واجباتها الدراسية" تعتقد الابنة أن تلك المواقف كان لها بالغ الأثر في المرور من تلك الفترة الصعبة بسلام "على طول تقعد تقرأ لي الأسئلة اللي بيبعتها الأساتذة لينا، وتصحح لي الإجابات" تراجع معها الإجراءات الوقائية اللازمة خلال إجراءات الامتحانات كما تذهب معها إلى اللجان، تنتظرها حتى تخرج من أجل العودة إلى البيت ومراجعة إجاباتها.
لحظة لن تُنسى، عندما أُذيع خبر نجاحها من الأوائل على التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة، مجهود ضخم تكلل بالنجاح أخيرًا "فرحة كبيرة مع عياط مع ضحك مع خوف، حسيت بكل المشاعر" تذكرها الأم المُلهمة، التي تتمنى أن تصل ابنتها إلى أفضل مكانة، حيث ترغب في الالتحاق بكلية إعلام "عايزة احقق نجاح في الإذاعة والتلفزيون، وأكمل وأدرس للطلبة بنفسي بعد كدا" طموح مشروع من فتاة متميزة.
فيديو قد يعجبك: