"أصحاب المقامات العالية (4)- ضريح "حورية الحسينية" طبيبة الغلابة (بروفايل)
كتبت- هبة خميس:
تحتضن الأم صغيرها المريض بينما تقترب من ميدان حورية الحسينية، بمحافظة بني سويف، على بعد خطوات من المسجد الموجود به الضريح المقصود، بعد انتهاء صلاة الجمعة تتفرق جموع المصلين بينما تحتشد جموع زوار الضريح من المرضى وطالبي المساعدات والمتبركين.
حول الضريح ووسط الزحام الشديد أمسكت الأم بصغيرها تتضرع لطبيبة الغلابة لشفاء طفلها الذي دارت به على الأطباء دون جدوى، يتوافد المريدين ويعلو تضرعهم لأم الغلابة طلبا للمساعدة، ومناجاتها تقرباً إلى الله، بينما تعلو الزغاريد ممن فرج كربهم.
في معركة كربلاء بالعراق عام 61 هجرياً بين سيد الشهداء الحسين وجيوش يزيد ابن معاوية، وقفت السيدة زينب ابنة الحسين ابن علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- وهي ابنة السبعة عشر عاماً وحدها تتولى تطبيب الجرحى، في المستشفى الميداني الذي أٌقامته خلال المعركة، ومع انتهاء المعركة بقتل والدها شهيداً صدمت الابنة بمقتل والدها، وتعرضت بعدها للظلم الشديد والمهانة بالعراق فقررت الرحيل.
جاءت السيدة زينب الحسينية إلى مصر مع من جاؤوا بصحبة أخيها الأكبر علي والأصغر زين العابدين، وفي أحضان أمها فاطمة أم الغلام، والتي يمتد نسبها من إحدى بنات كسرى ملك الفرس ، وبرفقتهما زوجة أخيها.
تقول الحكاية الشعبية إنه وبعد سنوات طويلة في العام 1323 هجرياً زارت أحد أعيان بني سويف في المنام لتطلب منه بناء مسجد على مقامها ويدعى ذلك الرجل "عثمان بك"، فاستعان بالمهندسين الايطالين لبناء المسجد الكبير، لكن قبل استكمال البناء توفى الرجل فأكمل ابنه البناء حتى خرج المسجد للنور بعد أشهر قليلة وبجوار ضريحها ضريح الشيخ سعد والشيخ يوسف و يقال أنهما كانا رفقائها في رحلاتها.
يقع المسجد بقلب مدينة بني سويف والمسجد مليء بالأعمدة الرخامية والزخارف الإسلامية، والضريح تحفة معمارية من الخشب الأرابيسك المدون عليه كلمات شعر ومدح في السيدة حورية الحسينية ونسبها، وتم تطوير الضريح وترميمه عام 2015 للمحافظة على قيمته التاريخية والمؤثرة في قلوب محبيها من المصريين.
على أرض البهنسا بمحافظة المنيا كانت المعركة الكبيرة أثناء فتح مصر، ففي البهنسا حصن روماني منيع واستشهد على أرضها ما يقرب من الثلاثة آلاف من الصحابة والتابعين، دفنوا بأرضها الملقب بالبقيع الثاني والأرض الطاهرة التي ارتوت بدماءهم. في المعركة كانت هناك السيدة زينب الحسينية تداوي الجرحى و تقوم بدورها بإخلاص شديد رغم صغر سنها.
بعد انتهاء المعركة اشتهرت السيدة زينب الحسينية بالترحال والتنقل بين القرى وزيارة مقابر الصحابة بالبهنسا، وسميت السيدة حورية لشدة جمالها فكانت تلفت الانتباه لشدة بهائها، فعينيها واسعتان ووجنتيها شامختين وفمها صغير وشعرها ذهبي مسدل على كتفيها بلون براق يأخذ العيون. وأثناء عودتها ذات مرة من زيارة مدينة البهنسا عانت من حمى شديدة فظلت في مدينة بني سويف حتى توفيت بها إثر مرضها وقبل زواجها، ليجمع على حبها أهل المدينة ويتبركون بضريحها.
فيديو قد يعجبك: