إعلان

في أوقات الحظر.. كيف يقضي "عالقو القطارات" التي تصل القاهرة ساعات الانتظار؟

12:03 ص الجمعة 05 يونيو 2020

كتب وتصوير - محمود عبدالرحمن:

صوت القطار القادم من محافظات الصعيد، يكسر الصمت الذي فرضه حظر التجول دخل محطة مصر بميدان رمسيس، دقائق تمر ويتوقف القطار على رصيف 8، يبدأ الركاب في النزول بعد تجاوز الساعة العاشرة مساء، وسط توجيه من أفراد الأمن بالذهاب إلى ساحة المحطة الخارجية من الباب الرئيسي الذي سمح للركاب بالخروج منه، ففي الثامنة مساءً، موعد تطبيق الحظر تغلق جميع المحطة أبوابها.

قطار الركاب المميز الذي تأخر عن موعد وصوله إلي المحطة الأخيرة ساعتين، تحرك صباحًا من مدينة الأقصر، مرورًا بجميع محطات مراكز الصعيد، التي وقف على أرصفتها؛ ليهبط منه ركاب ويصعد آخرون، كان من المفترض أن يصل إلى القاهرة في السابعة والنصف مساء، يقول أحد العاملين بهيئة السكك الحديدية، القطار ضمن القطارات الإضافية الاستثنائية، التي دفعت بها هيئة السكك الحديدية، بسبب الظروف الحالية وإجراءات مواجهة "كورونا"، مبررًا التأخير بسبب أعمال التهديات ومشروعات تحديث نظم إشارات السكك الحديدية التي تنفذها الوزارة حاليًا.

الصورة الأولى

في الساحة الخارجية لمحطة القطارات برمسيس، أتوبيسات وميني باصات تابعة لهيئة النقل العام، تأتي واحدًا تلو الآخر، وفرتها وزارة النقل بالتنسيق مع وزارة الداخلية؛ لتنقل ركاب القطارات التي تصل في مواعيد الحظر إلى بعض الميادين والمواقف الرئيسية، مثل موقف العاشر والمرج، وهو ما استفاد منه المتجهون إلى هذه المناطق أو بالقرب منها، بينما باقي الركاب انقسموا إلى فريقين؛ الأول استسلم للأمر واتخذ مكانه بأحد أورقة الساحة للانتظار حتى الصباح، وآخرون شرعوا في البحث عن تاكسي أو سيارة تمر بالصدفة تنقلهم إلى المكان الذي يريدون الذهاب إليه.

عبدالله مصطفى وأسرته، الذين قدموا من قنا في القطار، لم يجد وسيلة مواصلات إلى منطقة دار السلام بمصر القديمة التي تقيم فيها الأسرة؛ ليكون مضطرًا للانتظار حتى انتهاء ساعات الحظر في الصباح، "بقلنا 10 ساعات في القطر من قنا إلى القاهرة، هنستنى 7 ساعات كمان في الشارع؛ لأن مفيش حل تاني!!"، يقول عبدالله، الذي يتمنى أن ينتهي الوباء وتختفي التداعيات التي ترتبت عليه، منتقدًا تأخر مواعيد القطار: "وأنا بقطع التذاكر سألت على ميعاد وصول القطر القاهرة، والصراف قال قبل الحظر"؛ لذلك كان يتوقع وصوله إلى القاهرة قبل الحظر بساعة أو نصف ساعة.

الصورة الثانية_4

ما حدث مع أسرة عبدالله، تكرر مع غيرها من مئات الأسر التي قضت إجازة العيد مع ذويهم في محافظات الصعيد وكذلك عشرات المئات من العاملين من أبناء الوجه القبلي في القاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحري، ليجدوا أنفسهم مجبرين على افتراش الأرض والبقاء داخل الساحة، التي يحوطها سور حديدي حتى انتهاء الحظر.

القطار الذي تحرك من مدينة الأقصر، انتظر داخل محطة قطار المينا أكثر من نصف الساعة، مع بدابة تطبيق ساعات الحظر، ولم يعرف سبب هذا التأخير كما يقول عبدالله، بينما عمر الورداني ركاب آخر شارك أسرة عبدالله في رحلة القطار من محافظة المينا، يقول: توفير الأتوبيسات حل جيد، ولكنها لا تغطي كل المناطق داخل القاهرة؛ ليكون مجبرًا على الانتظار حتى ساعات الصباح الأولى.

الصورة السادسة_2

منذ شهر فبراير الماضي الذي شهد الظهور الأول لفيروس "كورونا المستجد" في مصر، لم يسافر الشاب الثلاثيني عمر الورداني إلى محل إقامته بمركز دير مواس بالمنيا بالقطار، خوفًا من الزحام والتحذيرات من تفشي الفيروس، حيث كان يعتمد خلال زيارته الشهرية إلى بلدته على التنسيق مع أحد معارفه الذي يمتلك سيارة خاصة ويتردد على القاهرة بين الحين والآخر للسفر معه.

لكن هذه المرة كان مضطرًا للعودة في القطار، بعد انتهاء إجازته: "القطار لو مشى كويس كنا هنوصل قبل الحظر"، القطار توقف عدة مرات وفي كل مرة كان يقف ما لا يقل عن نصف الساعة"، يقول عمر.

الصورة الثالثة_1

"التجمعات أكبر خطر ومنعرفش ممكن يكون في حد مصاب" يقولها سعيد علي، الذي اختار الجلوس برفقة أسرته في ركن بعيد عن تجمعات الأشخاص الذين افترشوا الساحات خارج المحطة رغم ارتدائهم كمامات، لحمايتهم من الإصابة بالفيروس: "الدنيا هنا زحمة ولازم نأخد أبسط الاحتياطات".

قبل صعود "سعيد" القطار أكد على أبنائه عدم نزع الكمامة إلا في حالات معينة؛ كالأكل وشرب الماء، خاصة أن عربات القطار شهدت زحامًا من الركاب، لم يتمكن الرجل من حجز مكان في الأتوبيس المتجه إلى المرج، بسبب الزحام وتدافع الركاب عليه؛ لينتظر قدوم آخر، وهو ما لم يحدث: "كل ما نروح نسأل عربية تطلع مش المرج، فقعدنا لحد الصبح".

خارج أسوار ساحة محطة القطار، وقف ثلاثة من سائقي التاكسي الأبيض، يبادر أحدهم قائلا للقادمين من المحطة: "تاكسي يا أستاذ".

إبراهيم حمدان، حاول التفاوض مع سائق تاكسي الذي طلب الحصول على 5 أضعاف الأجرة، مقابل توصيله إلى إمبابة "التاكسي عاوز ياخد 250 جنيه على مشوار بـ50 جنيه"، حاول إبراهيم إقناع سائق التاكسي بالاكتفاء بضعف الأجرة: "قلت له خليها 100 جنيه أو شغل العداد وخد 50 جنيه زيادة على الأجرة"، لكن السائق رفض هذا العرض، قائلا: "ده وقت حظر ومش هتلاقي حد يوصلك وهتقعد للصبح"، بينما برر سائق تاكسي آخر ارتفاع الأجرة: "أنا بمشي من شوارع جانبية علشان منعديش على كماين وده سبب زيادة الأجرة".

الصورة الرابعة_3

الاستغلال لم يقتصر على سائقي التاكسي، كما يقول حازم العايدي الذي كان برفقة 4 من أصدقائه قادمين في القطار من أسيوط، وينتظرون انتهاء ساعات الحظر للسفر في قطار آخر إلى محافظة الشرقية، يقول الشاب العشريني: "أسعار الحاجات في السوبر ماركت زادت أكتر من الضعفين، وأصحابها بيستغلوا الظروف، الكانز اللي بـ5 بيتباع 15 جنيه".

الصورة الخامسة

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان