إعلان

من الأزمة الاقتصادية لكورونا.. كيف طحنت أوضاع لبنان حلم إلياس؟

05:29 م الجمعة 26 يونيو 2020

كتبت-دعاء الفولي:

قبل مارس الماضي، كانت حياة إلياس أسعد هادئة، فمنذ عام بدأ الشاب عمله كمعلم فنون في إحدى المدارس الخاصة، أحب صاحب الخمسة وعشرين عاما مهنته، أتعبته الأزمة الاقتصادية التي يمر بها بلده لبنان، لكنه تعايش مع الوضع، غير أن مجيء فيروس كورونا جعل الظروف أسوأ، غُلّقت كثير من الشركات، باتت المعيشة أصعب، ظن إلياس أن توقف مدرسته مؤقت لحين انتهاء الجائحة، لكن القائمين على المكان اضطروا لتخفيض عدد المدرسين بسبب الظروف الاقتصادية، وكان إلياس ضمن من تم إنهاء عقودهم.

منذ بضعة أيام، صوّر إلياس فيديو بسيط، يجمع ذكرياته خلال العمل في المدرسة، يُبدي حزنه من الرحيل عن مهنته المفضلة "كنت حابب أنقل وجعي مش أكتر من هيك"، لم يتخيل أن تفاعلا ضخما سيلاقيه المقطع عبر موقع تويتر "دعم كتير لاقيته من الناس.. انبسطت لأنهم هونوا علي الأزمة"، شوهد الفيديو حوالي 13 ألف مرة بالإضافة لآلاف التفاعلات.

لم تكن مهنة التدريس يدور في عقل إلياس، درس التصميم الداخلي في الجامعة "ولما سنحت لي الفرصة للعمل قلت ليه مجربش؟"، تحمّس الشاب للفكرة، وما أن بدأ العمل حتى اكتشف كنزا "هايدي المهنة بتخلي الشخص يتعامل مع عالم الأطفال البريء، كأنه عالم تاني موازي زي ديزني لاند، عطول فيه مرح وسعادة"، بقي هناك لمدة عام قبل أن تدب أزمة كورونا.

في 21 فبراير الماضي، سجلت لبنان أولى حالات الإصابات بالفيروس المستجد، ساعدت التوعية في خفض نسب الإصابات، فلم تتخطَ 1.700 حالة إلى الآن، لكن قرارات الإغلاق التي اتخذتها الحكومة، ووقف التعاملات منع دخول الكثير من السلع "وكتير شركات ومحلات سكّرت"، ما أدى لارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، حتى وصل في السوق السوداء لـ7000 ليرة مقابل الدولار الواحد حسب بعض التقارير غير الرسمية، فيما قالت الحكومية اللبنانية إبريل الماضي أن السعر في السوق السوداء وصل إلى 4400 ليرة مقابل دولار واحد.

ًورة 1لم تكن تفاصيل الحياة مُريحة قبل كورونا، كان إلياس يحاول تلبية احتياجاته الأساسية "أكل وشرب وتياب ومش اكتر من هيك"، وضع ذلك ضغطا أكبر الشاب وأسرته "بتضل تفكر إنه نفسك في إشيا تشتريها بس ما بتقدر بسبب الأوضاع العامة وارتفاع أسعارها بشكل جنوني"، لذلك أصبحت رغبة السفر تراوده "إنه أطلع ع بلد تاني وأقدر أشتغل وأكوّن نفسي".

إلياس ليس الوحيد، فالأزمة الطاحنة ألقت بظلالها على الشعب البالغ عدده حوالي 6 ملايين مواطن، انخفضت الدخول ليحصل 73% من الأسر اللبنانية على 480 دولار شهريا للأسرة الواحدة، فيما ستحصل 18% من الأسر الأخرى على 128 دولارا فقط في الشهر، حسب إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية ومنظمة العمل الدولية، فيما تشهد أسعار السلع تضخما شديدا وصل لـ52%، حسبما أعلنته خطة الحكومة إبريل الماضي.

حين توقفت الدراسة، عاش الشاب على ذكرياته مع المدرسة "كتير مفتقد الأطفال.. ما حدا متخيل إديش حلو إنه يغير تصرف ولد صغير للأحسن أو يعلمه شيء"، يفتقد الشاب أيضا المُعلمين زملائه "كنا كتير كأننا عيلة واحدة"، على مدار الأشهر الماضية، لاحظ الشاب كيف تغيرت قرارات المحيطين فيما يتعلق بالمدارس "كتير منهم هيضموا ولادهم لمدارس حكومة لأنه الخاص كتير صعب يتحملوا نفقاتها في الظروف الحالية"، ما دفع المدارس لتخفيض عدد العاملين بها.

لم يتسن للشاب اللبناني البحث عن مهنة بديلة "عم يسرحوا الموظفين من أماكن كتيرة"، لكن يبقى الأمل رفيقه "إنه مدرستي لما تبلش الأزمة تنتهي أرجع تاني هونيك أو أسافر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان