إعلان

في مدرجات المنازل "الافتراضية".. طلاب الجامعات ينتظرون المصير المعلق للدراسة

11:54 م الجمعة 17 أبريل 2020

الكشف عن فيروس كورونا

كتبت-إشراق أحمد:

كانت الأمور تسير باعتيادية؛ تذاكر نغم محمد استعدادًا لامتحانات منتصف العام الدراسي الثاني "ميدتيرم"، نحو أسبوع يفصلها عن الاختبار، يملأها الحماس بأن تحصل على درجة امتياز كما في نتيجة الفصل الأول، لكن بقرار تبدلت الخطط "لقيت خبر تعليق الدراسة قمت قفلت الكتب ولميت حاجتي ونزلت القاهرة". قرابة 700 كيلو مترًا قطعتها الطالبة من جامعتها في الوادي الجديد لتعود إلى منزلها مع السادس عشر من مارس المنصرف، ومن حينها وأصبح مصير الدراسة بالنسبة لنغم مبهمًا "المحاضرات على النت مش متظبطة ومفيش سيرة الامتحانات هتكون إزاي. بقيت تايهة مش عارفة حاجة".

في الخامس عشر من مارس المنصرف، أقر المجلس الأعلى للجامعات تعطيل الدراسة ضمن الإجراءات المتخذة لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". نحو 3 مليون طالبًا بالجامعات الحكومية والأزهر -وفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء- التزموا المنازل، فيما التمسوا استكمال الدراسة عبر الانترنت كما أعلنت وزارة التعليم العالي، واتخذوا من حجراتهم مدرجات بديلة تماشيًا مع الظرف الاستثنائي، لكن هذا لم يكن يسيرًا طيلة الشهر المنصرف.

1 أحد اجتماعات المجلس الاعلى للجامعات

تدرس نغم الإعلام في جامعة الوادي الجديد. 6 مواد يضمها الفصل الدراسي الحالي لعامها الثاني في الكلية، مع بداية تعليق الدراسة عزمت الطالبة ألا تفوت محاضرة تُنشر عبر المنصات التي انشأها هيئة التدريس للتواصل مع الطلاب، لكن مع الدخول في الأسبوع الخامس عدلت نغم عن قرارها "قولت مش هسمع محاضرات تانى ده تضيع للوقت وخلاص أنا أذاكر من الكتب أحسن واللى مش هفهمه هسأل عليه صحابى"، ما عايشته دفعها لهذا "في دكاترة بتبعت فويس ودكاترة بتنزل pdf ومفيش شرح".

لم يعد هناك تواصل يتيح لنغم تعويض أجواء الجامعة "كان في دكاترة عاملين جروبات على الواتس آب راحوا خارين منها"، فيما ارتبكت المواعيد، إذ يتواصل البعض مباشرة عبر خاصية "الويبنار" في الوقت المتاح له، تذكر طالبة الإعلام طلب إحدى الأساتذة بأن تكون المحاضرة في وقت متأخر من اليوم "عشان لو بدري ولادها هيطلعوا معانا في اللايف" مبتسمة تقول نغم.

تفتقد نغم ما كان يحدث من تفاعل "ممكن حد يسأل سؤال والدكتور يرد ويقول حاجة كلنا نستفيد منها. مكناش بنحس أنه تلقين"، اليوم تجلس الطالبة في حجرتها، تستشعر أن الأساتذة يسجلون المحاضرات فقط تأدية للواجب، تتذكر كيف كانت خطتها في هذا التوقيت أن تعود إلى القاهرة لقضاء الأسبوع الأول من رمضان مع عائلتها ثم تعود لاستكمال الدراسة، فيما بات الآن يساورها القلق بشأن الامتحانات التي لم يحدد موعدها، ولا كيفية أدائها.

2 جامعة الوادي الجديد

غدًا السبت، يعقد المجلس الأعلى للجامعات جلسة ضمن اجتماعاته الدورية منذ بداية اتخاذ الإجراءات الاحترازية بشأن كورونا، ويناقش برئاسة خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي عدة موضوعات في مقدمتها كيفية إجراء امتحانات نهاية العام، والتي سبق أن صرح عبد الغفار أنها لن تنعقد قبل 30 مايو المقبل دون تحديد سبل إتمامها كما حدث مع طلاب مراحل قبل الجامعة.

في منزله بمركز ميت غمر بالمنصورة، يواصل إبراهيم محاولة الدخول إلى منصة التواصل مع أساتذة كليته دون نتيجة، فيما ينتظر بفارغ الصبر ما يسفر عنه اجتماع الغد بشأن الامتحانات، يتمنى أن يكون القرار بعيدًا عن الخيار الإلكتروني أو التأجيل. "مش هينفع امتحان إلكتروني. أحنا امتحاناتنا مقالي والنت بطيء الفترة دي، ولو قطع هو أو النور هيبقى الوضع إيه" لا يتوقف طالب الشريعة والقانون بجامعة تفهنا الأشراف -الأزهرية- عن التفكير في مصير الشهور التي تفصله عن التخرج من الجامعة، والإلتحاق بمجال المحاماة.

طيلة الأيام الماضية، ينقسم يوم إبراهيم ما بين إتمام عمله الإداري في مكتب المحاماة الذي يتدرب معه منذ 3 سنوات، ثم الاطلاع على المستجدات في كليته "الدكاترة يا دوب بينزلوا محاضرات صوت على واتس آب. ممكن دكتور ينزل 3 و4 محاضرات في اليوم قراءة للمنهج"، يتلقى طالب القانون ما ينشر، لا يلاحق تحصيل استكمال 12 مادة عبر الانترنت دون رد، إذ أتاح فقط أساتذة 5 مواد التواصل معهم، فيكتفي إلى الآن بمذاكرة المناهج حتى 15 مارس المنصرف، قبل تعليق الدراسة.

يزيد الضغط على إبراهيم كلما تسلل لنفسه هاجس بتبديد أمله؛ كان ينتظر الشاب بشوق شهر مايو لأداء الامتحانات ثم التقدم للتقيد في نقابة المحامين "مش أقل من 6 شهور بعد التخرج عشان أعرف أدخل"، فيما يعني أي تأجيل ضياع الفرصة التي يعد نفسه لها منذ أعوام "لو مالحقتش أقدم السنة دي هأدرس سنتين تاني ده غير سنتين جدول عام وسنة التجنيد يعني ضياع عمر"، إذ وضعت النقابة شرطًا جديدًا للدفعات القادمة بداية من عام 2021 بأن عليهم الالتحاق بأكاديمية لمدة عامين.

3 الطلاب في المدرجات قبل كورونا

يتمنى إبراهيم لو جاء قرار المجلس الأعلى للجامعات ومن ثم الأزهر المنتمية إليه كليته مهونًا على الخريجين أمثاله، ود لو اكتفوا بتقديم الطلاب لأبحاث وعليها يمنحون درجات الفصل الدراسي المتبقي لهم، لا يرى صعوبة الحال عليه فقط، يطالع الشاب مجموعات الطلاب ويلتقي بعض زملاء له "إمكانياتهم المادية محدودة. معندهمش نت كويس بيضطروا يلجأوا لأصدقائهم يقولوا لهم إيه اللي بيحصل".

كذلك لا يتخيل مصطفى الصباغ، طالب كلية العلوم في جامعة القاهرة خيار الامتحان الإلكتروني، يرى أنه لا يتوافق مع طبيعة كليته "عندنا ممنوع استخدام الألة الحاسة عشان الغش حتى مادة البرمجة بنكتب الكود على ورق صعب يلغو ده كله ويدونا ثقة فجأة".

ورغم أنه عامه الأول في الجامعة، لكن الصباغ لا يجد ضررًا كبيرًا من الدراسة بالمنزل، خاصة وأن المحاضرات النظرية تسير على نحو جيد، اعتبرها فرصة لتوفير الوقت، إذ أصبح يمتلك نحو 8 ساعات يستغلها في تلقي دورات تدريبة إضافية،فضلاً عن أن التواصل أصبح جيدًا مع أساتذته "قبل كده كنت ابعت لدكتور يرد بعدها بتلات أيام دلوقت الدكاترة بقت مهتمة ترد أكتر"، إلا أن هذا لم يمنع انشغاله بالتساؤل حول موعد الامتحانات وكيفية أدائها، خاصة الجانب العملي منها والذي توقف منذ التزامهم المنزل.

4 صفحة كلية العلوم على فيسبوك

تغير شكل تلقى التعليم بعد "كورونا" كما باقي جوانب الحياة، غير أن أحمد اعتاد على الصعاب؛ يدرس طالب الصيدلة في سيناء، مما جعل شبح تعليق الدراسة يطارده بين حين وآخر، لكن هذه المرة جاءت مختلفة "الكلية اتعاملت سريعًا وأفضل من توقف الدراسة وقت العملية الشاملة". بعد نحو أسبوع من قرار غلق الجامعات، أنشأت جامعته الخاصة منصة إلكترونية يصفها أحمد بـالجيدة، عبرها يستمع الشاب للمحاضرات "كأني في المدرج. شايف الدكتور صوت وصورة والميكروفون مفتوح لو حد عايز يسأل أو يتناقش".

وفيما يفتقد أحمد الجانب العملي المعتمد عليه دراسته، والذي لم تعوضه محاولات الأساتذة بتقديمه إلكترونياً، يملأ الغضب محسن أسامة حتى أنه عزف عن متابعة الموقع الإلكتروني المخصص للدراسة في كليته "كل ما أدخل عألاقيه واقع. وكل محاضرة بتنزل بتمسح اللي قبلها"، أصبح طالب اللغة الإنجليزية في كلية أداب الزقازيق يعرف بالمستجدات عبر زملائه المتواصلين مباشرة مع هيئة التدريس، فيما لا يعلم كيف يتجاوز ما تبقى في عامه الثاني بالكلية على هذا النحو.

5 كلية الطب في جامعة الإسكندرية

ينتمي 77.6% من إجمالي طلاب الجامعات الحكومية والأزهر إلى كليات نظرية، بينما يلتحق 22.4% بكليات عملية، إلى النسبة الأخيرة، تنتمي آية إسماعيل، لكن طالبة الطب في جامعة الإسكندرية خلاف العديد توقفت دراستها حتى إشعار آخر "بالنسبة لنا سنة 6 طب الدراسة متأجلة لغاية النهاردة عشان الكلية جوه المستشفى الميرى فلو في أي حالات هيبقى خطر علينا". منذ 10 مارس وتلزم آية منزلها؛ تأجل امتحانها في هذا اليوم بسبب العاصفة التي ضربت البلاد، ثم إثر وباء كورونا، وإلى الآن لا تعرف مصير عامها الدراسي.

محاولات خرجت من المسؤولين عن الكلية مؤخرًا للتخفيف عن الطلاب "التلات اللي فات نزلوا لنا محاضرات على الانترنت"، فيما جاري بحث كيفية التواصل مع الحالات المتابعين لها وقت الدراسة بطرق بديلة حسب قول آية "قالوا الدكاترة هيسجلوا مع الحالات المهمة نعرفها لحد ما نقدر نروح ونشوفهم بنفسنا".

من المفترض أن ينتهي العام الدراسي لآية في شهر نوفمبر المقبل، لكن الطالبة تظن أنه سيؤجل في ظل هذه الظروف، لا تجد آية غضاضة في هذا، تراها فرصة لالتقاط الأنفاس بعد قضاء هذه السنوات لدراسة الطب، فيما يعد إبراهيم الأيام راجيًا اللحاق بكشوف نقابة المحامين بعد التخرج، بينما تأمل نغم فقط أن تعرف ما تسفر عنه الخطوات المقبلة عسى أن يهدأ لها بالاً أثناء إقامتها بالمنزل.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان