إعلان

محاولات البقاء الخمس.. "أمنية" حوّلت حادثا أليما إلى معرض فني بديع (صور)

07:30 م الأحد 08 مارس 2020

أمنية حوّلت حادثا أليما إلى معرض فني بديع


كتب- محمد مهدي:

الحياة تبدو قاسية أحيانًا، في لحظات قد يتغير كل شيء، تُصبح الصورة ضبابية، ويفقد البعض شهيتهم ناحية الاستمرار، لكن الفنانة التشكيلية "أمنية السيد" التي عانت من حادث آليم منذ سنوات، أفقدها القُدرة على الحركة، قاومت اليأس وشَبح الاستسلام، دفعت عن نفسها قدر إمكانها آثار الحُزن، عادت إلى كليتها-فنون جميلة- لتدريس الطلبة، وحولت تجربتها المؤلمة إلى لوحات فنية بديعة على مدار 3 أعوام، زينّت معرضها الأول "محاولات البقاء الخمس" وسط إشادة من الحضور سواء أساتذة أو طلبة أو جمهور "المعرض نتاج التجربة اللي مريت بيها، ورؤيتي الجديدة لنفسي وللعالم" تذكرها "أمنية" بفخر.

صورة 1

داخل معرضها الذي أُقيم بكلية فنون الجميلة بالزمالك، كانت "أمنية" تتحرك بكرسي مُتحرك بين الحضور، تتحدث عن لوحاتها، تدخل في نقاش عن فِكرة المعرض، تبتسم أثناء التقاط الصور لها مع أعمالها الفنية، فيما تلوح في الأفق ذكرى الحادث التي عَبّرت عن تأثيره في حياتها من خلال المعرض. كانت الفنانة الشابة رفقة صديقتها داخل جاليري في منطقة التجمع الخامس، تحمل لوحاتها لتضعها فوق شبكة مجهزة أعلى سيارتها "مشروع تخرجي عن أصحاب متلازمة داون، كنت بنقله عشان يظهر في عرض الرسالة بتاعتي في الكلية" أحكمت ربط اللوحات جيدًا، ثم تحركتا سويًا بالسيارة في طريقهما إلى الكلية، قبل أن تكتشفا وقوع مُشكلة كبيرة.

صورة 2

حينما خرجت إلى الطريق الرئيسي السريع "بحط إيدي على سقف العربية بطمن على اللوحات، ملقتهمش هما والشبكة. طاروا" انتفض قلبها، توقفت سريعا على جانب الطريق، تملكها خوف من تسبب الشبكة في إصابة السيارات المارة من المكان وأصحابها، بخطوات سريعة ترجلت عن عربتها، من الناحية الآخرى قامت صديقتها بالفعل نفسه، باندفاع تحركتا لعشر خطوات فقط بحثًا عن الأشياء المفقودة ثم تحولت الدنيا بغتة إلى ظلام دامس "مدرتش باللي حصل، فوقت بعدها بعشرين يوم في المستشفى، عرفت بعد كدا إن عربية خبطتنا وفاعل خير طلب الإسعاف ونقلونا" في اليوم المُحدد لاقتراح رسالتها "اتعمل في الكلية بدون وجودي أو اللوحات، لكن الدكاترة وافقوا عليه" في الوقت ذاته كانت تخضع لعملية جراحية خطيرة في الظهر "31/10/2016- يوم العملية".

2020_3_8_19_28_56_742

لنحو 6 أشهر، ظلت "أمنية" في المستشفى، بين عمليات عديدة في أنحاء جسدها، أو التأهيل في مراكز العلاج الطبيعي "كنت الفترة دي مش بحرك إلا عيني ورقبتي بس" تتسائل كُل يوم عن سِر ما جرى، تحاول مجاراة الواقع الجديد، بجانبها يقف الأب دائمًا، يحنو عليها، يمنحها الدفء والدعم والأمان "أكتر حد ساعدني نتجاوز الأزمة سوا، هو جزء كبير من قوتي"، اتخذت الفتاة العشرينية من الصبر سلاحا لها "لما سألت الجراح اللي أنقذ حياتي، هأمشي إمتى، قالي معاكي صبر كتير الله يعينك" عادت من جديد إلى عملها"كنت واخدة إجازة سنة ثم رجعت الشغل للتدريس في الكلية، بروح يومين في الأسبوع". كانت ابتسامة ترتسم على وجهها كلما رأت لوحاتها، أرادت إطلاق مشاعرها في لوحات "لكن كنت متخوفة في الأول لأن دراعي اليمين كان مكسور" غير أنها تخطت ذلك الشعور.

صورة 4

في غرفتها، أمام الصفحات البيضاء، أمسكت "السيد" بالفرشاة، تتمسك بها قدر الإمكان بينما ترتعش يدها، قاومت الأمر، اندفع خيالها للحصول على فكرة لتحويلها إلى لوحة فنية "لقيت إن العمود الفقري هو اللي شاغل تفكيري طول الوقت، بتكلم عنه دايمًا، وعن العملية اللي تمت في ضهري" نَقلت كل هذا على الورق، ترسم لتضع مخزون ما مرت به في اللوحة، الصدمة والارتباك والنور والأمل "بدأت بالاسكتش الأول، اللي بعد كدا بقى جزء من معرضي" كانت ترسم بعفوية ودون تخطيط أن التجربة ستتحول إلى معرض فني لها.

صورة 5

ظلت الفنانة الشابة ترسم منذ أكتوبر 2017 لأكثر من عامين "رسمت عن عمودي الفقري، وبورتريهات شخصية تحت اسم (تدوب) بحالتي اللي مريت بيها بعد الحادثة، وفيديو آرت اسمه (محاولات البقاء)". نحو 50 عملا فنيا كان لابد في نهاية المطاف ظهورهم في معرض يروي تجربتها القاسية والملهمة في الوقت ذاته، لتجد ردود فعل كبيرة ومبهجة عن لوحاتها "مبسوطة إن معنى الأعمال وصل لشريحة كبيرة من الناس وخصوصها اللي بعيدة عن المجال الفني". لأيام ظل الحضور للمكان ينهل من عذوبة الأعمال المعروضة فيما نقلت قصتها عدد من الصفحات على "فيسبوك" التي تهتم بإبراز النماذج المميزة من النساء باعتبارها مثالا حيا على النجاح.

صورة 6

رغم الإشادة المستحقة بتجربة "أمنية" وقدرتها على تحويل ما مرت به إلى أعمال فنية بديعة، لا ترى الفتاة العشرينية أنها قامت بخطوة مختلفة "معملتش حاجة خارقة، أي حد مكاني عنده ناس بتدعمه كان هيعمل كدا" لذلك أهدت معرضها إلى والدها "هو جزء كبير من قوتي اللي أنا فيها دلوقتي" كما تشعر بالامتنان تجاه "الأطباء المعالجين لحالتي، والدكاترة، وأهلي طبعًا، أنا محظوظة بيهم" فيما تنوي الفترة القادمة إتمام رسالة الماجستير والبدء في مشروع فني جديد "لأن دا أكتر شيء بكون سعيدة وأنا بعمله".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان