إعلان

إمامة بمصر وخطبة بفلسطين.. طبيب صعد المنبر بالبالطو الأبيض: لكورونا أحكام

02:33 م الإثنين 16 مارس 2020

الطبيب بكر قندوس

كتب- عبدالله عويس:

برداء الأطباء الأبيض، صعد خطيب الجمعة المنبر، وسط دهشة الحضور، لم يلبث أن حمد الله وأثنى على نبيه، ثم انطلق في خطبة حول فيروس كورونا المستجد، مستعينا بما درسه في الطب وما طالعه من نصوص دينية تدعم حديثه حول الوقاية وحفظ الأرواح. لتستحيل دهشة المصلين إلى إعجاب، بما قدمه طبيب الباطنة «بكر قندوس» من شرح وافٍ للوقاية من الوباء الذي صار حديث العالم، ورغم أن الخطبة كانت في مسجد بمحافظة طولكرم بفلسطين، إلا أن مصر كان لها نصيب من الحضور في ذلك المشهد.

طبيب 2

منذ ظهر فيروس كورونا المستجد في الصين، ديسمبر الماضي 2019، وانتقل إلى عشرات الدول، والطبيب بكر قندوس يتابع تفاصيله مثل الملايين حول العالم، لكنه شعر بأن مسؤولية تقع على عاتقه، فاتجه إلى التدوين عن الفيروس الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية وباءً، من خلال صفحته على موقع فيس بوك، وإن اعتبر ذلك غير كاف. لكن الشاب أتته فرصة للتوعية بشأن الفيروس على نطاق أوسع، من خلال تجمعات المصلين يوم الجمعة لأداء الصلاة، بدرس صغير يسبق خطبة الجمعة، وحين لاقى الدرس إعجاب زوار المسجد، قررت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أن تدفع بالشاب و9 غيره من الأطباء لإلقاء خطبة الجمعة حول فيروس «كوفيد 19» لكنهم لم يتحمسوا للأمر واكتفوا بإلقاء الدرس الذي يسبق الخطبة، غير أن بكر كان له رأي آخر.

«رفض الأطباء أن يصعدوا المنبر، واكتفوا بالدرس الصغير الذي يسبق الخطبة، لكنني وافقت لمعرفتي ببعض أمور الدين، ولأن ذلك سيكون لأجل الصالح العام» قالها طبيب الباطنة، الذي يعمل في عيادته الخاصة، وما أعطاه الثقة للوقوف على المنبر لأول مرة في حياته، وربما هي الأخيرة، ما حدث معه في مصر، حين كان يدرس الطب منذ عام 2005 وحتى 2011، حين دفعه أحد المصلين، لإمامة الناس ذات يوم، بأحد مساجد منطقة المنيل، واستحسن المصلون مخارج حروفه وإجادته تلاوة القرآن، وظل طيلة فترة إقامته في مصر يؤم الناس، ويستمع للعلوم الدينية في مساجد الأزهر والحسين بالتوازي مع دراسة الطب في جامعة القاهرة، لكنه لم يتوقع يوما أن يصعد المنبر، فله مهابة لا يقوى عليها: «ولذلك حين عرض الأمر علي ترددت قليلا، لكنني في النهاية اقتنعت أن إفادة أكبر قدر من الناس أمر من الأهمية بمكان».

طبيب مصر

توتر وقلق عاشهما الشاب قبل صعود المنبر، أعد خطبته، التي كانت حول الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وما يتوجب على الناس فعله حال وجود أعراض تقلقهم، وكيف يتعامل كبار السن مع المجتمع من حولهم، وأمور أخرى تتعلق كلها بالفيروس الذي بات حديث العالم، وكان الجزء الأول من الخطبة حوله، والجزء الثاني حول أحاديث نبوية تتحدث عن الحجر الصحي ومحاولة النجاة من الأمراض المعدية: «لأن الناس حين تسمع المعلومات من طبيب ستثق فيه أكثر من ثقتها في معلومات على فيس بوك وغيره، وقرأت عن أركان الخطبة حتى لا أخالف أحدها».

في مسجد عمر بن الخطاب بمحافظة طولكرم، التي تقع شمال غرب الضفة الغربية، صعد الطبيب المنبر وبدأت الخطبة، التي استحسنها الحاضرون، وكانوا نحو 300 شخص، وتعمد الطبيب الصعود إلى المنبر بالبالطو الأبيض، ليكون ذلك أكثر جذبا للحاضرين، لكنه لم يتوقع ردة الفعل التي تلت تلك الخطبة. كان ذلك في الـ13 من مارس الجاري، قبل أن تصدر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، أول أمس السبت، قرارا بإغلاق المساجد ابتداء من السبت وحتى إشعار آخر، وفقا لتعليمات وزارة الصحة. وحتى هذه اللحظة تم تسجيل 39 إصابة بفيروس كورونا المستجد في فلسطين.

طبيب 3

عقب الخطبة التي استمرت نحو 15 دقيقة، وانتشار صورة بكر وهو يقف بالرداء الأبيض على المنبر، وردت للشاب اتصالات من مصر لأصدقاء درسوا معه، يشجعون خطوته، ويثنون على موقفه، وعلى حسن صنيع وزارة الأوقاف الفلسطينية وتفكيرها بشأن المصليين واستفادتهم من الخطبة، فيحدثهم عن الأمر ويتذكر معهم أياما مضت في القاهرة حين كان يدرس الطب، ويتمنى الشاب أن تُعمم تلك الفكرة في الفترة المقبلة، لتوعية أكبر عدد ممكن من الناس، وأن يكون القائمون على التوعية من أهل التخصص، فذلك أدعى لانتباه الناس واعتدادهم بما يقوله الخطيب المتخصص: «لأن الدين والعلم يحرصان على الإنسان وصحته ولا تعارض بين هذا وذاك».

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان