إعلان

3 أيام من الخوف.. قصة أسرة تسكن "فوق السطوح" مع عذاب الأمطار

07:40 م السبت 14 مارس 2020

أسرة تسكن فوق السطوح

كتبت-دعاء الفولي:

تصوير- محمود بكار:

حين سطعت شمس اليوم السبت، أخرج سالم محفوظ أثاث منزله إلى سطح العقار الذي يعيش فيه، أحصى الأب الخمسيني ما فعلته الأمطار، أصابه الحزن "الماية غرّقت عفش بيتي كله وحاجات جواز بنتي اللي بحوش عشانها من سنين". كانت أياما عصيبة عاشتها عائلة محفوظ، مازالوا يدفعون ثمن آثار موجة الطقس السيئة حتى الآن.

لا يتذكر محفوظ تحديدا متى بُني العقار الكائن بشبرا الخيمة، والذي يقطن فيه رفقة زوجته ووالدته وأبنائه الأربعة "أمي عايشة فيه من 40 سنة"، لم تكن أزمة الأب قِدم البيت فقط، ولكن السكن في شقة تضم غرفتان مبنيتان من الخشب وكذلك السقف، فيما تقبع تلك الشقة فوق سطح العقار "أي شوية مطر أو شمس بيدخلوا عندنا وينغصوا حياتنا"، لذلك قبل الموجة التي استمرت الخميس والجمعة قرر محفوظ "آخد أهل بيتي كلهم واروح عند أخويا في القناطر".

صباح الخميس، لملمت الأسرة حاجياتها، وضعوا أغطية فوق الأثاث، فصلوا الكهرباء عن الأجهزة "خاصة التلاجة والتليفزيون والسخان في الحمام" كما تقول كريمة ابنة محفوظ "لأن قبل كدة نزلت مطرة وحصل ماس في الحمام"، احتاطت الأسرة قدر المستطاع "بس قدر الله نافذ"، بعد عدة ساعات من رحيلهم اتصل الجيران بالأب "قالولي تعالى بسرعة المطرة مش بتقف والسطح غرقان والمية نشعت على السقف عندنا".

ساعات قليلة وعاد الأب للمنزل رفقة أولاده الذكور "وانا ووالدتي وستي فضلنا في بيت عمي" حسب قول كريمة، كان قلب صاحبة الـ27 عاما يختلج خوفا على حياة والدها وأخواتها "خايفة من المطر وخايفة من الكهرباء ومن كل حاجة"، داخل المنزل كان محفوظ لا يتوقف عن العمل "فضلنا نكنس الماية من الخميس بليل وطول يوم الجمعة"، لم يستطيعوا الدخول للشقة حتى مساء الجمعة "لأنها مليانة على آخرها".

كريمة أيضا كان لها من أذى الأمطار نصيب "اضطريت أروّح امبارح بليل عشان عندي شغل انهاردة ولازم أبات في البيت"، عادت الفتاة التي تعمل محامية لمنزلها ليلا "مكنش فيه لا ماية ولا كهرباء"، غاصت بقدميها وسط المياه وحاولت قضاء الليلة "كنت عاملة حسابي ونايمة عند عمي كويس عشان أسهر للصبح"، عرفت الشابة أن النوم مستحيل "لأن كل المراتب غرقانة"، ذهبت صباح اليوم لعملها تُجرجر أذيال التعب والإرهاق، تاركة آل المنزل يُحاولون إنقاذ أي شيء.

حكاية أسرة محفوظ مع الأمطار متكررة، عانوا كثيرا من مياهها "سواء مطر كتير أو قليل"، يتذكر الأب الذي يعمل في فُرن للخبز حين انهار سقف الشقة بأحد المرات، فيما تستعيد كريمة تلك اللحظات المفزعة "كانت ماما وجدتي جوة البيت نايمين وستر ربنا إنه بابا لحق يخرجهم قبل ما السقف كله يقع عليهم"، يُرجع محفوظ ذلك للرمال المستقرة فوق السقف الخشبي "كل سنة قبل موسم المطر بنحط رملة كتير عشان تشد المياه وتخفف عننا شوية"، لكن مع انتهاء الشتاء تُصبح تلك الرمال مثقلة بالمياه وتضغط على السقف "لما حصل دا اضطرينا نعمل سقف خشب تاني وكلفنا ييجي ألف جنيه".

تلك الصعوبات لم تُرافق الشتاء فقط "في الصيف بنتعب جدا من الشمس اللي بتسلق السقف طول اليوم"، لا يكاد الأب يعود من عمله حتى يجد مكان النوم وقد امتص الحرارة المرتفعة.

في المقابل، حاول محفوظ الرحيل عن المنزل، فرفضت والدته "لأنها عايشة فيه من زمان"، لكن مع الوقت والضرر غيرت الأم رأيها، ليستمر سعي الابن في البحث عن مسكن ملائم بمقابل متوسط "كل ما أسأل على شقة يتقال لي إيجار وهنغليه بعد سنة.. صعب ندفع 1000 جنيه في الشهر وبعدين يزودوا علينا"، فيما يرتبط الأب بمكان معيشة في شبرا "لأن شغلي وشغل بنتي ومراتي فيها".

تُحصي كريمة تلفيات الأمطار في شقتها، تحاول نفض ذلك الضيق عن نفسها "بنحمد ربنا على كل حال وإننا كويسين"، لحسن الحظ لم تُصب الأمطار جميع الأجهزة الكهربائية بسوء "الريسيفر بس باظ"، بينما لا يستطيع والدها تجاهل ما حدث، عقله ممزق بين عمله المتوقف منذ أيام ومنزله الذي ضربته الأمطار "ربنا ميعيدهاش تاني ويساعدنا نعوض اللي راح".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان