قصة مصمم عرائس.. من الصدفة في "استديو حنان ترك" إلى احتراف فن الـ"ستوب موشن"
كتبت- آية الله الجافي:
كانت "مجلة نونة" التي أصدرتها الفنانة "حنان ترك" هي البداية في تغيير توجه الشاب الثلاثيني "عمرو أبو زيد" من مجال النظم والمعلومات إلى تصميم العرائس والعمل في أفلام "الأنيميشن" بشكل أحترافي: "أختي صحفية.. كانت بتعمل حوار مع الفنانة حنان ترك ولاحظت وجود أستديو "ستوب موشن" اللي بيتصمم فيه العرائس والديكور.. ولما الفنانة عرفت بالصدفة أني بحب الفن ده قررت تدعمني وبقيت متمكن في الـ(ستوب موشن)".
"هدفي أقدم قطعة مميزة غير قابلة للتكرار"، يشرح بها عمرو غايته في فن "Stop Motion- الستوب موشن"؛ وهو نموذج مصغر للتصوير اللايف الحقيقي، ويتم بشكل يدوى من حيث الشخصية والديكور، "الدقيقة اللي الناس بتشوفها، ممكن تحتاج مننا 3 أيام في تحريك العروسة، والشخصية الواحدة ممكن يكون ليها 20 وش؛ فهي مكلفة ماديًا ومرهقة بدنيًا بس فالمقابل الشغل ده مميز وبنفرح لما حد يقدر ده".
كانت البداية الحقيقية حين التقى "عمرو" بالدكتور منصور الشريف المتخصص في مجال الرسوم المتحركة ومخرج مجلة نونة: "لما دخلت الاستوديو، حسيت أن أكتر حاجة شداني هي العرايس.. وكأن فيها روح". وعمل بعدها على تصميم أول عروسة كنموذج اختبار من قبل الدكتور منصور .
في ذلك الوقت لم يكن "عمرو" على دراية كافية بخامات العرائس أو كيفية صنعها بشكل يساعد في خدمة العمل ككل: " فهمت فيما بعد أن الموضوع مش مجرد إني أعمل عروسة حلوة، لازم أكون واعي أن ليها وظيفة وحركة بتوصل فكرة معينة".
فرح عمرو كثيرا بعدما أثنى المخرج على أول عروسة يصممها، ولكن عندما قارن عمله بالعرائس المصنوعة في الاستديو تغيرت مشاعره ورغب في التدريب والممارسة المستمرة كي يصبح متمكنًا في المجال: "المخرج شجعني وكان شايف بخبرته إني عندي موهبة كبيرة".
لم يتوقف حلم "عمرو" عند البدايات؛ فدفعه حبه لمجال "الهاند ميد" بشكل عام أن يحصل على دبلومة "الفن الإسلامي والحرف التقليدية" من مدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية العالمية بفرعها في مصر، ليدخل بعدها عالم الأنيميشن بشكل احترافي: " لما دخلت المجال اشتغلت في الديكور والسيناريو والإخراج.. كنت حابب أفهم القصة كلها علشان لما أصمم العروسة أبقى مُلم بكل التفاصيل".
يلعب الخيال دور كبير في تصميم العرائس :"فكرة العروسة بتكون يا أما ورق أتعرض عليا وأنا بنفذه وبلتزم بيه، يا أما تصميم شخصية منفردة وفي الحالتين خيالي هو اللي بيخليني اعمل توليفة بين الشخصية والديكور والإضاءة علشان أخدم فكرة القصة أوالرسالة إللي بقدمها".
أعمال "عمرو" لاقت رواجا خارج الوسط المحيط به؛ "لما عملت عرائس قصص الأنبياء واتعرضت في رمضان، عملت ضجة كبيرة جدا"، رغم ذلك لا يقرن "عمرو" حبه للعمل بمدى الحفاوة التي يتلقاها "في شغل تاني متشافش أوي بس بيكون الأفضل والأقرب لقلبي؛ زي عروسة صممتها واخدة وضع الجلوس؛ كان الهدف من عرضها أن اللي يشوفها هو اللي يرسملها قصتها ويفكر هي زعلانة ولا فرحانة وبتفكر في أيه، والنوع ده من العرايس بيتعرض في معارض فنية خاصة".
شارك عمرو في تنفيذ حوالي 21 فيلم قصير في استديو "حنان ترك" حول المحميات الطبيعية في مصر وكان ذلك بالتعاون مع وزارة البيئة وتم عرضها في المراكز الثقافية: "اتمنيت وقتها أن الأفلام دي تتعرض للناس كلها علشان يكون في ثقافة عامة للتعرف على الحيوانات والنباتات النادرة في مصر"، ونفذ أيضًا عددا من الأفلام القصيرة في المركز القومي للسينما؛ مثل "صحبة"، "نقطة من أول السطر"، "مفاتيح" و" فرفور".
"الناس معادن.. والعرائس خامات"، لا يختار عمرو خامات العرائس بشكل عشوائي، ولكن تدفعه قصة العمل وتخيله لطبيعية الشخصية إلى تفضيل خامة دون الأخرى، كما يحرص على إضفاء رؤيته الخاصة على الملامح حتى وإن كانت من نفس الخامة " لو مثلا هعمل العرائس من القماش؛ الراجل علشان يبان أقوى بيكون نسيج القماش والغرز واضحة، بعكس البنت الصغيرة اللي بحرص أن ملامحها متكونش واضحة أوي وده بيعكس نعومة الشخصية".
بعد سنوات من الاحتراف لصناعة الـ"ستوب موشن"، بدأ يقدم ورشا متخصصة في تصميم العرائس بالجمعية المصرية للرسوم المتحركة، يُعلم خلالها تنفيذ الفيلم القصير بداية من السيناريو وحتى تجسيد الشخصيات والديكور.
طوال مسيرة محببة لنفس عمرو، لا يطمح سوى بتعريف العامة بفن الـ"ستوب موشن": "الناس بتتعامل على أنه فن ترفيهي للأطفال بس.. كمان مفيش اهتمام بتمويل الأفلام الروائية الطويلة للأنيميشن في مصر.. عندنا إمكانيات تخلي شغلنا يعمل صدى زي أفلام الأنيمشن الأجنبية".
غاية ما يتمناه "عمرو" هو نفاذ فنه لقلوب المتلقين، بعيدا عن جنسياتهم: "عايز أعمل فن يلف العالم..التكريم والفرحة بالنسبة لي أن أى حد يشوف شغلي يتذوقه ويتأثر بيه إنسانيا".
فيديو قد يعجبك: