فيلم "فوق الركبة".. هل المشكلة في ملابس الفتاة أم في عقل المجتمع؟
كتب- محمد زكريا:
أين تكمن المشكلة، في حال اعترفنا بوجود مشكلة، في ملابس الفتاة، في التنورة القصيرة، القميص المفتوح، البنطال الضيق، أم في عقل المجتمع؟
في فيلم قصير، يحمل عنوان: "فوق الركبة"، يطرح لبيب عزت تلك التساؤلات في حكاية لفتاة أرادت فقط أن تخرج من المنزل، وقفت أمام الدولاب؛ لتختار من الملابس ما يُرضي منتقديها؛ فانتهى بها الفيلم محبوسة باكية داخل هذا الدولاب.
يبدأ الفيلم بفتاة تفتح دولاب ملابسها؛ لتختار منه لهذا اليوم، قبل أن يخرج من الدولاب بغتة شاب ينتقد ملبسها المثير لشهوات الرجال، في الوقت الذي تُظهر ملامح وجهه ونظرات عينيه اشتهاءً مقززًا لجسدها، لم يُبد مخرج العمل توصيفًا لدرجة قرب الشاب من الفتاة، كما لم يبد مع أي شاب آخر فيما بعد، هو أراد كما يقول أن يظهر "وكأن المجتمع بكل أفكاره وسلوكه دخل أوضة الفتاة"؛ لترضخ بطلة الفيلم "هالة مرزوق" في النهاية لضغوط هذا الشاب، بعد معافرة وانفعال من جانبها، لم ينجح في تغيير تلك النظرة، ارتدت البطلة ملبسًا آخر، ومعه لم تخف حدة الانتقاد، واحد رفض أن ترتدي بنطالًا؛ لأنه يثير خياله وشهوته، وآخر ظهر منتقدًا فستانها "فوق الركبة" المثير لغرائزه، وثالت أكد أنها مهما ارتدت من ملابس محتشمة ستكون مثيرة لأي رجل، ماذا تفعل الفتاة إذًا؟
في "كوميديا سوداء" بتعبير لبيب، تجد الفتاة -بملامح تحمل عناءً وحزنًا- نفسها أمام "ترزي حريمي"، فيما يجلس الرجال بخلفية المشهد مُعقبين وكل له آراؤه في كل مرة تبدل فيها ملبسها من صنع هذا الترزي، "ها يا رجالة كدا فيها أي حاجة هتضايقكم تاني ولا خلاص"، قالها "الترزي" وانتظر جوابًا. في ذلك المشهد أراد المخرج أن يسلط الضوء على فتاة "اتحولت لباربي.. اللي هو تعالوا كمجتمع ندخل أوضتها، ونختار لها لبسها، ونفصله على مزاج كل واحد فينا"، لكن ذلك ورغم عبثيته لم يكن كافيًا من وجهة نظر صانع الفيلم، وصل الأمر بالفتاة إلى ارتداء خمار يغطي كامل جسدها ووجهها، ومعه لم تسلم أيضًا من انتقادات باستفزاز الرجال وإثارة شهوتهم؛ لينتهي بها الحال مكتئبة ورافضة الخروج من المنزل. مشهدان عبرا عما وصلت إليه الفتاة بنهاية الفيلم؛ الأول صورها محبوسة بداخل الدولاب متكورة على نفسها وسط ملابسها، والثاني كان لأمها أمام الدولاب، وكأن المخرج أراد أن يعكس حجم العجز الذي أصاب الفتاة في روحها.
يرى مخرج العمل في حديثه لـ"مصراوي"، أن المشكلة تكمن في عقل المجتمع، وليس في ملابس الفتاة، وهي الرسالة التي أراد إيصالها عبر الفيلم القصير، شارحًا: "المجتمع بيسمح لك تتدخل في حياة الفتاة، لدرجة إنه إداك الحق تقولها تعليقك على شكلها وملابسها في الشارع.. طالما هي ست يبقى أنت وصي عليها"، وجاءت النهاية متسقة مع ما يعتقده لبيب: "دلوقتي البنت اللي مش عايزة حد يقيمها، حلها الوحيد إنها متنزلش من البيت للشارع".
في سبتمبر 2020، بدأ لبيب العمل على فيلمه، جاءته الفكرة وهو نائم، اتصل بالمنتج إيهاب ونس، قابله في وسط المدينة، واتفقا على التفاصيل، قبل أن يتواصل مع بطلة الفيلم هالة مرزوق، ويختار يوم جمعة للتصوير: "اشتغلنا 16 ساعة كاملة.. اضغطنا عشان كنا عايزين نلحق نقدم بالفيلم في مهرجان الجونة"، ونجحوا في هذا قبل ساعات من انتهاء التقديم: "حضنا بعض زي فيلم الطريق إلى إيلات".
لم يُقبل الفيلم في مهرجان الجونة، لكن تم قبوله في "مهرجان لينون السوري في دورته الأولى"، تم اختيار "فوق الركبة" ضمن 58 فيلمًا من أصل 2200 فيلم من أكتر من 100 دولة تقدمت للمهرجان.
يسعد لبيب بما تلقاه من إشادة على فيلمه، والأهم إعجاب الناس بالفيلم واحترامهم لرسالته، يحلم الشاب بأن "أبقى مخرج سينما، وأعبر عن ناس محدش بيعبر عنهم، وأناقش مواضيع محدش بيروح لها".
فيديو قد يعجبك: