إعلان

تقاسمن الغرفة والألم.. حكاية 3 أمهات نجون بأطفالهن من تفجير معهد الأورام

02:17 ص الثلاثاء 06 أغسطس 2019

حكاية 3 أمهات نجون بأطفالهن من تفجير معهد الأورام

كتب- مارينا ميلاد وعبدالله عويس:

الغرفة 4 الدور الرابع - مستشفى دار السلام للأورام "هرمل"

لم يكن أحد ممن مروا على تلك الغرفة، يحتاج إلى أن يتوقف لفترة من الزمن، أو أن يخبره أحد ما، بأن السيدات الثلاث داخلها، الجالسات بجوار أطفالهن، قد حلت بهن مصيبة أو ربما مأساة.

"نادية إبراهيم" والدة الطفلة "تسبيح" البالغة من العمر 5 سنوات، و"فاطمة محمد" والدة "وائل" التلميذ في الصف السادس الابتدائي، و"صباح محمد" والدة "معتز"، جميعهن حاولن تجاوز تفاصيل الكابوس الذي مررن به الليلة قبل الماضية، ومساعدة أبنائهن في العلاج من سرطان الدم، المرض الذي يقسو عليهم دائمًا.

الغرفة 5 الدور الخامس - معهد الأورام

في 11:15 من مساء أول أمس الأحد، سمع السيدات الثلاث، كغيرهن من قاطني معهد الأورام بمنطقة قصر العيني، جرس الإنذار يدوي داخل المعهد، لم ينتبهن وقتها إلى الصوت، لإنشغالهن بأطفالهن، تخيلن إنه ربما أشعل أحدهم سيجارة، حتى هدأ الصوت ليتكرر مرة أخرى بعدها بـ10 دقائق.

خارح المعهد المطل على كورنيش النيل، انفجرت إحدى السيارات أمام بوابة المعهد، تصاعدت ألسنة اللهب في عدد من السيارات، وتحطمت أجزاء من واجهة المبنى الذي اهتز كأن زلزالًا ضربه، وداخل غرف المرضى، انقلبت الأجهزة الطبية والأسرة.

لم تفهم أيًا من السيدات الثلاث ما حدث: "هل كان الأمر انفجار أنبوبة داخل المعهد، أم انفجار خارجه، أم شيئ آخر؟!".

أطفالهن كان كل ما فكرن فيه، حملوهن وخرجن مسرعين نحو السلم، تجنبن المصعد خوفًا من تعطله، تركن متعلقاتهن من أوراق ونقود، "نادية" و"فاطمة" فعلتا ذلك، لكن "صباح" بقيت قليلًا.

خارج الغرفة صادفت "نادية" و"فاطمة" العشرات غيرهما، يحاولون النجاة بأطفالهم ومرضاهم، المحاليل معلقة في أياديهم والكمامات على وجوهم، كان كبار السن يسقطون على الأرض في انتظار المساعدة، بينما الأطباء كانوا يفعلون ما في استطاعتهم.

4

5

خارج المعهد

الأمر ازداد سوء، عندما وصولا إلى الدور الأرضي الذي أخذ النصيب الأكبر من الضرر، وبالتزامن كانت حالات الأطفال تتأزم لتعرضهما للحرارة والدخان، حتى بلغتا البوابة الرئيسية، كانا وقتها أمام "القرار الأصعب".

سمعت "فاطمة" و"نادية" أحدهم يصرخ بضرورة عودتهما إلى الداخل مرة أخرى، فكرتا في الأمر بعد أن شاهدتا المنظر في الخارج: "تحطم سيارات ونيران في كل مكان، بالإضافة إلى أشلاء متطايرة، ودماء".

وقف السيدتان للحظات، لا يعرفا ما هو القرار الصائب: "هل يخرجا دون فهم ما يجري، ودون مقصد واضح، أم يبقيا ووقتها يمكن أن يسقط المبنى فوقهما؟ في النهاية نطقتا الشهادة -كما قالا- وخرجا مسرعين.

السيدتان جريتا بعيدًا عن المعهد قدر الإمكان حتى تفرقا، وقفت "نادية" مع ابنتها، واتصلت بزوجها، وذهبت إلى البيت، أما "فاطمة" فوصلت إلى أحد المحال، أحضروا لها عصير ومياه وطلبت منهم "كمامة" لتغطي وجه ابنها حتى جاء زوجها بسيارة وذهبوا إلى مستشفى 57357، التي رفضت استقبال الطفل، الأم والأب دخلا في مشادة مع إدارة المستشفى، انتهت عندما قال لهما أحد المسؤولين: "اذهبي بابنك إلى مستشفى دار السلام".

في هذا الوقت تحركت "صباح" بابنها "معتز" بعد أن وصل لها أحد أقاربها الذي هاتفته، وحمل معها ابنها، سريعًا دخلت سيارة الإسعاف أمام المعهد، ووصلت بهما إلى مستشفى دار السلام لتكن أول الحالات التي وصلت إلى "الملاذ الآمن".

"هرمل"

في الغرفة 4 بالدور الرابع بمستشفى دار السلام للأورام "هرمل"، اجتمعت الثلاث نساء وأطفالهن مرة أخرى، بعد أن اتصل أطباء معهد الأورام بـ"نادية" والدة "تسبيح"، صباح اليوم التالي، ليبلغوها بضرورة أن تذهب إلى تلك المستشفى، عندها كانت "فاطمة" وصلت بابنها بالفعل.

3

علمت الثلاث نساء بعد أن استقرين في المستشفى الجديد، بحقيقة ما حدث لهن، عندما أعلنت وزارة الصحة مقتل 20 شخصًا وإصابة العشرات، وأعلنت وزارة الداخلية في وقت لاحق، أن التحقيقات توصلت إلى أن إحدى السيارات في حادث التصادم الذي وقع أمام المعهد، كان داخلها كمية من المتفجرات التي كانت معدة لتنفيذ عملية إرهابية.

2

هؤلاء القادمات من محافظات المنصورة، والشرقية، والجيزة، إحداهن متزوجة من رجل أعمال، والأخرى من رجل "على باب الله" -كما قالت- وجدن أنفسهن على اختلافهن، يتشاركن كل شيئ منذ 15 يومًا، عندما أتين إلى معهد الأورام في الوقت نفسه، وبعد أن نجون من الانفجار، حتى أن حلمهن بات مشتركًا، وهو شفاء أطفالهن والخروج بأقل الخسائر.

1

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان