إعلان

سيدات في "معاش الورد".. التخفف من سن الستين بالحكايات

01:55 م الثلاثاء 16 أبريل 2019

سيدات في ورشة معاش ورد للحكي

كتابة وتصوير: شروق غنيم:
داخل حلقة دائرية، التفت عشر سيدات تجاوزن الخمسين عامًا حول المُدرب محمد عبد الفتاح (كالا)، تنهل كل منهن حكايات من حياتها، تعود واحدة إلى عمر التاسعة حين أهداها والدها الحلوى قبل ذهابها للمدرسة، أخرى تتذكر غيطان العنب والمانجو في الفيوم حيث كانت ترعاها مع أسرتها.

"معاش الورد"، مشروع تخرج أعده أربعة طلاب من الفرقة الثانية في دبلوم التنمية الثقافية بجامعة القاهرة؛ رنا الجميعي، بسمة چاهين، سما باسل، وحسام عبداللطيف، ولمدة ثلاثة أيام تنعقد ورشة الحكايات في عزبة خير الله، والتي يمنحها "كالا" صاحب مشروع "بيت الحواديت".

قبل بداية الورشة في العاشرة صباحًا، وقفت رنا الجميعي، إحدى طلاب المشروع، تحكي لسيدات عزبة النخل هدفهم من المشروع "دايمًا الكبار في السن وأجدادنا عندهم حكايات من تراكم الزمن والمواقف، هما أكتر ناس بتسمعنا لما يكون عندنا مشكلة أو ذكرى حابين نشاركهم فيها، إحنا حابين بقى نسمع منكم دلوقتي حكايتكم أنتم".

1

تلقف كالا الكلمة محاولًا شرح كيفية سرد حكاية، فسأل السيدات من منهن تشاهد التلفزيون "نصهم مش بيشوفه، لإن أغلب المشاركين في الورشة ربات بيوت بُسطا، فقررت أعرفهم على الحواديت بطريقة تانية"، أخذ المدرب يحكي لهم عن القرآن الكريم وما تضمه من قصص ثريّة، فانحلّت العقدة عن لسان إحداهن، فروت قصة سيدنا إبراهيم "ده كان بالنسبة لي مدخل مش معتاد في أي ورشة بعملها".

تدبّرت سالمين دياب ما يقوله المدرب، وحين جاء دورها فاضت بالحكايات "قلبي اتفتح للي موجودين"، لا تعرف من السيدات المشاركات سوى واحدة، لكنها آلفت صبحتهم "مكنتش حاسة إننا أغراب أو أول مرة أقابلهم"، فلم تتردد في مشاركة حكاية عن زواجها "أنا من بني سويف بس جوزي من المنيا، لما جه يتقدم لي أهلي مكنوش راضيين به، بس هو كان بيحبني جوي" تتلعثم صاحبة الستين عامًا قبل أن تُكمل حديثها "في يوم البلد حصل فيها دوشة جامدة ناحية سور عندنا، أتاريه وقف على السور وقالهم لو متجوزتهاش هرمي نفسي من هنا.. وأتجوزنا بعديها".

2

اتخذ كالا وضع المستمع، يتكئ بضمة يديه على وجنته بينما لا تغادر البسمة شفاهه "حكايتهم ممتعة وبيعبروا عنها ببساطة وتلقائية، وبدون بقى تنميق أو تحضير، ورغم إن في منهم كان بيحكي عن أزمات، لكن مروا عليها في كلامهم بدون زعل"، إذ عقد مع السيدات اتفاقًا مع بداية الورشة "إحنا جايين نحكي عشان نتبس، ونرمي ورانا أي حاجة مضايقانا".
قسّم المدرب السيدات إلى مجموعات صغيرة "كل اتنين يقعدوا مع بعض يطلعوا من بعض حكايات متزيدش عن خمس دقايق، ويجهزوها عشان ييجوا يحكولنا كلنا"، أرغب كالا أن يخلق روابط بين السيدات، أن يدربن بعضهن بشكل بسيط على الحكي، فكان له ما أراد.

3

في الثلث الأخير من الورشة، وضع المدرب كرسي في منتصف الجلسة مواجه للحاضرين، تتعاقب عليه السيدات لتروي قصصهن، يبدو الأمر وكأنها تقف على مسرح أمام الجمهور، تتبدل ملامح السيدات، تنبسط الأيادي وتنقبض، فيما تغرق إحداهن في الضحك بينما تحكي عن أسوأ ليلة مرت عليها، ليلة زفافها إذ نشبت "خناقة" بين شقيقها وزوجها "والفستان يومها باظ".
يأتي الدور على أم هاشم فتروي عن حبها للمدرسة وصناعة الخبز، وكيف بدا الأمر صعبًا لوالدتها "كانت تقولي يا تختاري العلام يا الخبيز، بس أنا كنت بحب الاتنين"، فتتذكر إحداهن حين لم تكمل تعليمها "عشان كانت عيبة في بلدنا"، بينما تقرر أخرى أن تحكي عن أول "طبخة" أعدتها.

وقبل انقضاء الورشة في الثانية ظهرًا، تحولت إلى "قعدة غُنا"، خرجت حميدة عبد التواب لتلقي على السيدات موالًا، بينما أم هاشم قررت أن تشدو لهن بـ"طلع البدر علينا"، قبل أن يصبح ختام اليوم رائقًا بأغنية "نعناع الجنينة".

4

تنطبع الضحكة على وجوه السيدات كإنها جزء من ملامحهن، عشرات الحكايات خرجت دفعة واحدة فخففت عما تضيق به الصدور "أنا لو عندي حُزن، بقعدة زي دي يروح"، تقول أم هاشم فيما لا تتوقف عن سردية حياتها "كنت حابة أتكلم عن أيام زمان، لما كنت أصحى أجري على الغيط عشان أجمّع المحصول، أو لما البيت يتملى بريحة العجين وأنا بخبزه، ولما كنت أذاكر ويا صحابي"، تحكي صاحبة الـ69 عامًا بعد أن خلا بيتها من الأحباب "جوزي مات من 15 سنة، والعيال اتجوزوا، فببقى قاعدة لوحدي طول اليوم إيدي على خدي والبيت كئيب".
يهّم كالا بالرحيل قبل أن يذكرهم بموعد الورشة في اليومين التاليين "هنتكلم عن الألعاب اللي كنا بنحبها"، يهدف من خلال الورشة أن يخرج المشاركين "خُفاف وسُعداء"، كذلك كان هدفه من إنشاء "بيت الحواديت" عام 2007 "بيت الحواديت مشروع عشان الناس تحكي وتنبسط، الحكي دايمًا فيه دعم ومساعدة".

فيديو قد يعجبك: