مسعف "محطة مصر".. أنقذ سيدة من الحريق قبل 10 أيام من رحيله
كتب- يوسف عفيفي وإشراق أحمد:
في عطلته المعتادة، التقى خالد محمد عبد المنعم بابن عمته محمد مُحيي، تبادل الشابان الحديث. سأله الأخير عن أحوال العمل. لم تكن صورة آخر حادث شارك فيها سائق الإسعاف غابت عنه بعد. حكى عبد المنعم عن تأثره بالسيدة المسن التي انتشلوا جثتها من منزلها بعدما احترقت. حدثه محي "ألم تخف؟"، فأجابه المسعف إنه تأثر إنسانيًا خاصة أن لها أبناء ثم قال "بس إحنا أتعودنا على كده.. بنشيل حالات صعبة وجثث ياما".
كان ذلك قبل عشرة أيام، لكن الذكرى تداعت على تفكير محيي، بينما في طريقه من الشرقية إلى القاهرة لاستلام جثمان عبد المنعم بين أفراد أسرته، إذ توفى سائق الإسعاف صباح اليوم متأثرا بجراحه، وينضم إلى ضحايا حادث محطة مصر.
صباح الأمس اصطدم جرار بأحد أرصفة محطة سكك حديد مصر بوسط القاهرة. محدثا انفجارا هائلا، أسفر الحادث عن مقتل 22 شخصًا وإصابة 41 آخرين، بحسب الإحصاءات الرسمية.
في غضون التاسعة والربع، صباح أمس، اتصلت زوجة عبد المنعم به، أخبرها أنه على عتبات محطة مصر، سيستقل قطار العاشرة المتجه إلى الشرقية، طمأنها أنه في طريقه للمنزل وقضاء إجازته الأسبوعية. يسكن سائق الإسعاف قرية بندف، التابعة لمركز منيا القمح، محافظة الشرقية، واعتاد التردد على السكك الحديدية منذ عمل بهيئة الإسعاف.
قبل 10 أعوام التحق عبد المنعم بهيئة الإسعاف كسائق، قبلها عمل على سيارة ميكروباص في الشرقية، ومن وقتها بات أسبوعه مقسم "تلات أيام في العمل وتلات أيام إجازة" إن لم تكن هناك حالة طوارئ كما يقول ابن عمته، ورغم تغير نمط الحياة، لكن عبد المنعم لم يندم يومًا "طول عمره قلبه جامد ومش بيخاف الموت.. كان سواق لكن بيساعد مع المسعفين" يتذكر محيي.
الحادية عشر صباح أمس، كانت إنذار قلق لزوجة عبد المنعم، اتصلت عليه فوجدته هاتف مغلقًا، فيما كان أشرف، زميل المسعف، يحاول تدارك رؤية رفيق له بين الحياة والموت.
وصل عبد المنعم إلى مستشفى دار الشفاء في العباسية، جسده محترقا بنسبة 85% كما وصف الأطباء. كان مازال سائق الإسعاف واعيًا، اصطدم أشرف أن زميل له بين المصابين الذين يستقبلهم، حمله الرجل بينما يستنجد به صاحب التاسعة الثلاثين ربيعًا "الحقني يا عم أشرف أنا بموت". يستعيد المسعف الكلمات بينما ينهار باكيًا.
وقال عم أشرف "أحنا منتظرين من صباحية ربنا أمام المشرحة عشان نستلم الجثة مع أهله لدفنه في مسقط رأسه بمحافظة الشرقية والمستشفى مش عايزة تطلعوا إلا بتصريح.
حتى الرابعة عصر الأمس، لم تكن تعلم أسرة سائق الإسعاف أنه بين الضحايا "عرفنا أن في حادثة في محطة مصر لكن مشوفناش الأسماء ولا تخيلنا أنه يكون بينهم". عبر شاشة التليفزيون عرف أحد أقارب عبد المنعم بالمَصاب، وتأكد باتصال شقيق الفقيد بأحد زملائه، ليهرع الجميع إلى القاهرة داعين أن تنتشل عناية الله عبد المنعم ويخرج من العناية المركزة، لكن القضاء وقع مع صباح اليوم ولفظ المسعف أنفاسه الأخيرة.
ينتظر أشقاء عبد المنعم الأربعة، وكذلك عدد من زملائه المسعفين، انتهاء إجراءات دفن الجثمان، فيما لا تتوقف الألسن عن الدعوة بأن تتغمد الرحمة زوجته وطفليه، الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم 5 أعوام.
فيديو قد يعجبك: