إعلان

"كانت حرب".. مشاهد من إنقاذ ضحايا حادث "محطة مصر"

07:52 م الأربعاء 27 فبراير 2019

حادث محطة مصر

كتب - أحمد شعبان:

كانت الساعة التاسعة والنصف صباحاً حين استقر القطار رقم 902 الآتي من الإسكندرية، على الرصيف رقم 3 بمحطة مصر برمسيس، من العربة الرابعة نزل "مصطفى الكيلاني"، متوجهاً صوب باب الخروج، وقبل أن يصل إلى عربة القطار الأولى، سمع صوت اصطدام كبير، لحقه صوت انفجار، وارتفاع ألسنة النيران، ومعها أصوات الصراخ، بدأ الارتباك يسيطر على المكان، الرعب يملأ القلوب، فيما كان الشاب يشق طريقه إلى رصيف 6 الذي شهد وقوع الحادث.

كان جرار قطار بهيئة السكك الحديدية قد اندفع بسرعة جنونية ليصطدم بجدار خرساني على الرصيف رقم 6 بمحطة مصر، ما أدى إلى وقوع انفجار هائل، خلّف 20 قتيلاً و43 مصاباً، حسب ما أعلنت وزارة الصحة، فيما قال المتحدث باسم الحكومة إن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، قد قبل استقالة الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، التي تقدم بها الأخير بعد ساعات من وقوع الحادث.

على رصيف 4 كان يقف قطار، كحاجز بين مصطفى ورصيف 6، مرّ به الشاب، الآتي من طنطا إلى القاهرة حيث يعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة، وقبل أن يصل إلى مصدر النيران وجد فجاة أحد عمال المحطة يركض نحوه "والنار ماسكة فيه هو واتنين كمان"، تحرك صوبهم الشاب ومعه آخرين لإنقاذهم "كان فيه واحد مننا معاه جركن مياه جبناه من كشك في المحطة وطفينا الراجل والحمد لله"، فيما يصف المشهد المرعب الذي رآه لحظة وصوله لموقع الحادث "نار بتاكل كل اللي قدامها، شفت أفظع مناظر؛ ناس بتجري عليك والنار ماسكة فيها وتقولك الحقني، اكنت نازل من القطر و سامع صوت ضحك الناس في الكافيتريا، فجأة اتقلب صويت و عياط ورعب"، على ما يذكر مصطفى.

خلع الشاب ومَن معه من مواطنين وعمال بالمحطة "الجواكت" التي يرتدونها، فيما كان آخرون يمسكون بعدة بطانيات وطفايات حريق حصلوا عليها من الأكشاك الموجودة بالمحطة، وهمّوا لنجدة ضحايا الحادث الأليم، ما رآه مصطفى يفوق خياله وقدرته على التحمل، يحكي أنه شاهد رجلاً مسّت النيران أجزاء متفرقة من جسده "جبنا بطاطين وغطيناه هو ومراته"، ثم بدأ يناجي من حوله في ذهول، وسط ضجيج الصراخ "كان معايا ولادي هما فين، محمد ومروة فين؟! عاوز أشوف عيالي"، حاول الشاب أن يهدأ من روعه، سأله عن أوصاف طفليه، وهمّ ومعه كمسري بالمحطة بالبحث عن الطفلين، وجد طفلة صغيرة "بس مطلعتش بنتهم، كانت قريبتهم شافتهم وقالت أنا غادة يا خالتو".

عاود الشاب البحث، وجد طفلين بالمواصفات التي ذكرها الرجل، عايش مشهداً قاسياً، أجسادهم الصغيرة ملقاة على الرصيف، وضعت عليهم بطانية، لم يدر الشاب ماذا يفعل، اتخذ جانباً وجلس يبكي "اتمنيت إني أموت ولا أشوف المناظر دي، في كل حتة طول ما أنت ماشي فيه جثث متفحمة لناس ملهاش ذنب وممكن كنت أكون منهم أنا أو حد من أهلي"، يقول الشاب بأسى.

رغم أن الشاب أنقذ مع غيره، عدداً من ضحايا الحادث، إلا أن شعوراً بالذنب لا يزال يطارده "كأنك كنت بتحارب عشان تنقذ الناس وتلاقي نفسك خسرت كل اللي حواليك وانت بس اللي عايش، فبدعي ربنا إنه كان خدني زيهم بس مشوفش المنظر ده، ربنا يرحم الناس اللي ماتت"، فيما يأمل أن ينال المسئولين عن الحادث الأليم حسابهم "ويرجع حق الناس اللي ماتت من غير ذنب".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان