إعلان

5 جثامين لم يستدل عليهم.. مصراوي داخل مشرحة "الهلال الأحمر"

04:51 م الأربعاء 27 فبراير 2019

سيارات الإسعاف تنقل جثامين ومصابي محطة مصر

معايشة - مها صلاح الدين:

أمام مستشفى "الهلال الأحمر" بوسط المدينة، جاء الضجيج من جميع الجهات، الشوارع مزدحمة، أصوات "سارينات" الإسعاف تتعالى هنا وهناك، جميع أبواب المستشفى مغلقة أمام المرضى العاديين، يخبرهم رجال الأمن بتأجيل فحصهم للغد، بسبب حادث محطة مصر الأليم.

أمام بوابة جانبية للمستشفى، اصطف مواطنون للبحث عن ذويهم، سألهم رجال الأمن إذا ما كان أحدهم يبحث عن ضحايا الحادث، يردون عليه بالإيجاب، فيوجههم للدخول أولا إلى المشرحة، للتعرف على جثامين مجهولة الهوية، بعد أن غادر جميع المصابين مستشفى الهلال.

سارعوا للدخول من البوابة، لينضموا إلى "سهام" السيدة الثلاثينية التي كانت تبحث عن صديقتيها، إيفونا ونادية، اللتين علمت أنهما توفيتا في الصباح، وهما قادمتان من الإسكندرية، لكنها لا تعرف في أي ثلاجة مستشفى ترقدان الآن.

أخبرها عمال المشرحة أن بالداخل 5 جثامين لم يستدل على هوياتهم بعد، فوقفت تبكي وتنتظر إذن النيابة للدخول ومعرفة ما إذا كانت صديقتاها بينهم.

مرت الدقائق ببطء، قبل أن يصل شاب بخطوات مرتبكة يدعى "ماركو"، يبحث عن صديقه، طبيب حديث التخرج في ريعان شبابه كان مسافرًا إلى الإسكندرية، وقت وقوع الحادث، ولا يوجد له أثر إلى الآن.

كان فريق المعمل الجنائي وصل إلى المستشفى، ووعد المنتظرين بالسماح لهم بالدخول واحدًا تلو الآخر بعد توثيق حالة الجثامين، وقبل أن يخرجوا هرولت سيدة أخرى إلى الداخل.

بدت "مروة" الخمسينية أكثر ثباتًا من الجميع، وقفت تنتظر أمر رجال الأمن بالدخول وتقول: "9 من عيلتي، عمي ومراته وأولادهم التلاتة، وولاد عمي التاني، خرجوا في الصباح كي يستقلوا القطار المتجه إلى الإسكندرية من محطة مصر لحضور حفل زفاف انقلب إلى كابوس للعائلة بأكملها".

قسّم أفراد عائلة "مروة" أنفسهم على المستشفيات للبحث عن ذويهم، وجدوا 5 منهم في مشرحة مستشفى دار الشفاء، واثنين مصابين في المستشفى القبطي، وبقي اثنان ما زال البحث عنهما قائمًا.

خرج أحد رجال المعمل الجنائي من المشرحة، فاقترب الجميع من الباب، سأل السيدات عن إمكانية الاتصال بأحد الرجال القريبين من المكان للتعرف على الجثامين، فشلت محاولته، فاضطر للحصول على بطاقاتهن الشخصية للتعرف عليهم إذا ما أصابهم مكروه أثناء مشاهدة الجثث، وسمح لـ"ماركو" بالدخول أولا.

بعد دقائق، حضرت عائلة الطبيب الشاب، صديق ماركو، على رأسهم رجل في الخمسينيات من عمره، انهار بالبكاء وهو يطلب منهم الدخول "أنا خاله.. واللي جوه صاحبه، أنا أعرفه أكتر"، حاول أحد رجال الشرطة تهدئته، وطلب من "ماركو" العودة، ووعد الرجل بالدخول.

بعد قرابة ربع الساعة خرج أحد رجال المعمل الجنائي مرة أخرى، قال بصوت منخفض "أنا آسف، حاولوا تطلبوا رجالة ييجوا يتعرفوا على الجثامين حالتها صعبة ومش هتقدروا تستحملوا".

دخلت "سهام" في موجة بكاء هيستيري، وبدأت ترجوه "أهلهم جايين من إسكندرية ولسه قدامهم كتير"، حاول تهدئتها، لكن قراره لم يتغير "أنا آسف أنتِ مضطرة تستنيهم"، وعاد إلى المشرحة مرة أخرى.

وقف رجال الأمن يرددون المعلومات التي لديهم على القادمين الباحثين عن ذويهم: "بالداخل 5 جثامين، بينهم رجال ونساء، لم نتمكن من التعرف على هوياتهم، وجثامينهم شبه متفحمة". يحاول أهالي المفقودين استدراجهم في الحديث لمعرفة هيئة من بالداخل، لكنهم يفشلون.

بعد فترة، يخرج أحد عمال المشرحة غاضبًا وهو يقول: "حسبي الله ونعم الوكيل في بتوع الصيانة، لا تكييف شغال ولا شفاط شغال.. بنموت جوه"، يحثه رجال الأمن على الدخول، يرد عليهم: "هشرب سيجارة وأرجع أكمل".

التف حوله أهالي المفقودين، سألوه عن أشكال من بالداخل، رد عليهم: "متفحمين.. كلهم شكلهم أعمار كبيرة، وكلهم بأجسام مليانة، وفيه منهم ست كانت لابسة غوايش، اضطررنا نخلعها من إيدها بكيس بلاستك"، حملقت عيون "سهام" و"مروة" بالرجل الذي علم وقتها أنه أعلن عما لا يجب أن يفصح عنه، فألقى سيجارته على الأرض، وانطلق مسرعًا إلى الداخل.

لكن خال الطبيب الشاب عاد ليتأكد مما قاله من رجال الأمن "هو قال إن إللي جوه أعمار كبيرة، ومفيش شباب؟"، فأجابوه بالإيجاب "أيوه، كلهم كبار.. كده حاجتك مش هنا، في 7 جثث في مستشفى السكة الحديد روح بص عليهم".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان