إعلان

بعد 40 يوما من انطلاقها.. أيقونة ثورة لبنان تكشف كواليس ركلة مطلق النار

07:26 م الأربعاء 27 نوفمبر 2019

مشهد ركل ملك لفرد الأمن

ملك تتحدث عن زواجها من شاب أشعل النار في نفسه.. وزفاف الميدان

كتب- عبدالله عويس:

أخذت القرار سريعا، نطقت الشهادة، ثم اتجهت إلى فرد الأمن الذي أشهر سلاحه تجاه المحتجين، وركلته بقدمها، ولم تعلم أن هناك كاميرات تصور المشهد، الذي تحول في ساعات إلى الأكثر انتشارا، بينما أطلق عليها هي أيقونة ثورة لبنان، وعقب ذلك بأيام كان لها ظهور آخر وهي ترتدي فستان زفاف بأحد ميادين الاحتجاجات، لكن خلف المشهدين، حكاية ترويها ملك علوية، في الذكرى الأربعين لثورة لبنان.

1

أمام محكمة عسكرية في بيروت، وقف شاب لبناني يهدد بإشعال النار في نفسه، احتجاجا على بعض الأحكام الصادرة، وحين قام بتنفيذ تهديده عام 2015 ، نقلت وسائل إعلام محلية ودولية ذلك الخبر، وكانت ملك علوية إحدى الذين تابعوا ذلك الحدث، لكنها لم تلتق ببطل تلك الواقعة محمد حرز، إلا في ديسمبر 2018، حين شاركت في احتجاجية أعقبت وفاة طفل أمام أحد مستشفيات لبنان.

حينها نشأت بينهما علاقة صداقة، تحولت فيما بعد، -وبحكم النزول المستمر في فعاليات احتجاجية-، إلى حب، انتهى بالزواج في مطلع أغسطس 2019.

وعقب زواجهما بشهرين كانا معا في أول أيام احتجاجات لبنان: "نزلنا سويا، وفي يوم الواقعة الشهيرة لركل أحد أفراد الأمن، كنت بساحة الشهداء وقررنا التحرك تجاه شارع الحمراء"، في تلك اللحظات كان هناك موكب لوزير التربية اللبناني، أكرم شهيب، وأطلق رجال الأمن المرافقين له الرصاص في الهواء، لإرهاب المحتجين.

2

كانت ملك في تلك اللحظة على بعد خطوات من سيارة الوزير، نطقت الشهادة ثم اقتربت من أحد أفراد الأمن، وأخبرته أن عليه إطلاق النار عليها أولا، وأنها لن تخش الرصاص، فكان تصرفها مدعاة لتدخل الآخرين.

وحين ارتفعت أعداد المحتجين حول فرد الأمن سارع إلى السيارة غير أنه اقترب مرة أخرى من ملك، فأمسكت بملابسه وركلته، وتحولت تلك الركلة فيما بعد إلى صورة شهيرة، يتداولها رواد مواقع التواصل، معتبرين إياها أيقونة تلك الاحتجاجات: "لم أتخيل أن تلك اللحظة ستوثق، وأن المشاركين في الاحتجاجات سيقابلونني في ميادينها بالترحاب في كل مرة يعرف أحدهم أنني بطلة ذلك المشهد".

3

عقب تلك الركلة، التي كانت في 17 أكتوبر 2019، اتجهت ملك مسرعة إلى زوجها، بداخلها أكثر من شعور، ما بين القلق والفرحة، فهي تؤمن أن الجميع سواسية أمام القانون ولا يملك أحد قرارا بإطلاق النار بشكل عشوائي أمام محتجين.

"سألت نفسي ماذا لو قتلت، لكنني لم أتردد، وكانت إجابتي على نفسي أن تلك اللحظات المهمة لا تصير حياة الإنسان أهم من كرامة الوطن والمواطن نفسه"، في تلك اللحظات طمأنها زوجها، وأكملا معا يومهما في الشوارع والميادين، يهتفان سويا وسط آلاف المحتجين، حتى اكتشف كلاهما أن المشهد صار له شهرة عالمية: "لكن لا يعنيني اللقب ولم أهتم بالحصول على شهرة أبدا.. تصرف فرد الأمن كان وحشيا بربريا ما دفعني لرد الفعل الذي رآه الكثيرون، ورفضت أن يقول أحد أن هناك خطوطا حمراء".

4

خرج اللبنانيون في مظاهرات واسعة بأكثر من مدينة وفي عدد من الميادين، أشهرها ساحة رياض الصلح، اعتراضا على زيادة الضرائب المفروضة على المواطنين، كان آخرها المفروضة على مكالمات "واتس آب"، ثم اتسعت رقعة الاحتجاجات والمطالب كذلك، لتشمل استبدال الحكومة بحكومة تكنوقراط، وترتب على الاحتجاجات استقالة حكومة الحريري، لكن ذلك لم يكن كافيا للمتظاهرين، ومنهم ملك التي درست العلوم المصرفية، والعلوم الاجتماعية، لكنها لم تجد وظيفة منذ تخرجها: "نريد لبنان بلا طائفية، نريد دولة مدنية، ولا ننتمي لأي حزب أو فصيل سياسي.

تحكي ابنة قرية ميس الجبل، وتتذكر تلك اللحظات التي كانت ترسم فيها اللافتات ليرفعها زوجها أثناء الاحتجاجات: "المرأة اللبنانية دورها في التظاهرات والاحتجاجات كبيرة، لا يستطيع أحد إنكارها".

5

قبل شهرين من انطلاق الاحتجاجات، تزوجت ملك من محمد حرز، ولظروف اقتصادية صعبة لم تتمكن من إقامة حفل زفاف أو حتى ارتداء فستان مميز، وخلال جلوسها مع إحدى المخرجات بأحد فعاليات الثورة اللبنانية، امتد الحكي إلى ذلك الجانب، لتقرر الأخيرة أن تمنح ملك فستانا تزف به من جديد داخل ساحة رياض الصلح، ولم يكن بوسع زوجها سوى الموافقة: "وكنت سعيدة جدا، وتم نقل أخبار بشأننا، لكنها لم تكن دقيقة، فذلك لم يكن زواجا جديدا كما قيل".

تحتفظ السيدة اللبنانية، بصور من تلك الليلة، 23 أكتوبر الماضي، التي كانت فيها صحبة زوجها وسط المتظاهرين الذين يهتفون لهما ويصفقون ويغنون لهما كذلك: "وكأن ذلك اليوم كان عرسنا الحقيقي، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه لبنان حرا مستقلا".

6

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان