إعلان

بمكواة زهر.. رحلة "عم أحمد" مع كي القميص من 5 قروش إلى جنيهين

09:33 م الأحد 13 أكتوبر 2019

رحلة عم أحمد مع كي القميص من 5 قروش إلى جنيهين

كتب- عبدالله عويس:

يضع ساقا على أخرى، يشرب كوب شاي أوصلته حفيدته إليه، يترك مسافة طويلة بينه وبين محله، يرمق المارة بنظراته، ويرد السلام على من ألقى منهم السلام، حتى يظهر له زبون بيده مجموعة ملابس لديه رغبة في كيها، فيملى عليه شروطه، على رأسها ألا يطلب منه سرعة إنجازها، وخلف جلسة الرجل ذو الـ77 عاما وشروطه تلك في محل الكي، تاريخ طويل.
في شبابه كان أحمد السيد يعمل في مصنع زجاج، وفي الوقت نفسه يعمل في محل مختص بكي الملابس، حين كان الكي بمكواة القدم، ومع الوقت تطور شكلها وصارت باليد، لكنها مصنوعة من الزهر، توضع فوق شعلة ملتهبة، حتى ترتفع حرارتها قبل العمل بها.

1

طور الرجل من أدواته ومحله واشترى اثنان منها، وصار يعمل بهما، ومع إغلاق مصنع الزجاج أبوابه أمام الجميع، صار المحل كل ما يملك: "فركزت فيه، وشغال من ساعة ما البنطلون والقميص كانوا بـ5 قروش، بس لما جت المكواة الجديدة الكهرباء دي عطلت بقى ومعرفتش أتعامل معاها، كنت كبرت برضه".
بلغ من الكبر عتيا، وصارت حركته محدودة، وعمله كذلك، ولا يجد الرجل في حياته متعة أو ما يدفعه للنهوض كل صباح والخروج من المنزل سوى العمل، ولذلك كان بقاء محل كي الملابس ضرورة، حتى لو كان العمل قليلا.

2

بينما كان الرجل قديما محل إعجاب الكثيرين كونه صاحب "مكواة زهر" فإن المكواة تلك صارت قديمة لا قيمة لها، مثلما كانت المكواة البلدي في بداية عمله: "زمان كان في مكوة بلدي، بتاعة الرِجل دي، وبعدها طلع الأفرنجي ودى اللي اتعلمتها وكان الطلب عليها، بقت هيا قديمة هيا كمان» يحكى أحمد الذي تعلم تلك المهنة على يد أخيه، ومع الوقت افتتح لنفسه مكانا أسفل منزله: "وهي اللي فضلت ليا لما شركز (مصنع) الزجاج قفلت".

يملي الرجل شروطه على الزبائن، فإن جاء أحد ومعه كمية كبيرة من الملابس يخبره أن عليه القدوم بعد يومين أو 3 أيام لاستلامها، وإن كان مع أحدهم قميصا وبنطالا فحسب، أمره بالقدوم آخر اليوم.

4

"محدش يستعجلني خالص، أنا حركتي على قدى، وفاتح المحل دلوقتي مزاج وكيف وتقضية وقت ومش عايز غلبة" يحكى الرجل الذى صار يعيش مع زوجته فحسب بعدما تزوج ابنه وبنتيه: "أنا معاشي مكفيني ومش عايز شغل كتير، وفاتح من ساعة ما كان البنطلون بـ5 قروش، واللي مبيقبلش شروطي بقوله يفتح الله، دلوقتي القميص باتنين جنيه والبنطلون كمان".

أنبوبة وشعلة يضع فوقها الرجل المكواة المكونة من مادة الزهر بينما المقبض من حديد، ويتركها على النار ويعمل بأختها، ثم يعود لتدفئة الأخرى: "والعدة دي قديمة أوى، ومبقاش حد أصلا شغال بيها».

يصل للرجل بضعة زبائن يرغبون في كي ملابسهم بمكواته تلك، وعلى قلتهم وندرة وصولهم إليه، إلا أنه يجد فيهم تسلية ليومه ووقته: "بدل ما الزهق يمسك فيا".

3

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان