رئيس وحدة "تأخر الإنجاب": نُجري 600 عملية سنوياً.. و70% من الرجال يعانون ضعف الخصوبة (حوار)
حوار– أحمد جمعة:
تصوير– محمود أبوديبة:
أرجع الدكتور عبدالمجيد رمزي، مؤسس ورئيس وحدة "تأخر الإنجاب" بمستشفى قصر العيني، زيادة نسبة عمليات أطفال الأنابيب والحقن المجهري إلى عدة أسباب، يأتي على رأسها ارتفاع معدل التلوث الذي يتعرض له المواطن في مصر، بجانب زيادة نسبة العقم لدى الرجال بنحو 70% لعدة أسباب أبرزها التدخين المفرط.
وقال "رمزي" في حوار لمصراوي، إن نسبة نجاح عمليات الحقن المجهري لا تزيد عن 43%، منتقدًا إعلان بعض المراكز الخاصة عن وصول نسبة النجاح إلى نحو 100%، مشيرًا في الوقت ذاته إلى انخفاض تكلفة إجراء العملية بوحدة قصر العيني إلى نصف ما يتحمله المريض في المراكز الخاصة.. وإلى نص الحوار:
بداية.. ما أسباب زيادة الاتجاه لعمليات الحقن المجهري وأطفال الأنابيب مؤخرًا؟
هناك عدّة أسباب، من بينها ضعف التبويض عند السيدة، أو عيوب خلقية في الرحم، وانتشار داء بطانة الرحم المهاجرة عند السيدات من عمر 14 سنة ما يؤدى إلى التصاق في الحوض يؤثر على المبايض ويقلل الخصوبة، بجانب انتشار الزواج في سنوات متأخرة، وزيادة نسبة العقم عند الرجال.
لماذا انخفضت خصوبة الرجال؟
شهدت السنوات الأخيرة زيادة عدد عمليات الحقن المجهري كنتيجة طردية لزيادة نسبة العقم لدى الرجال، في السابق كانت تتراوح في حدود 30%، أما الآن بلغت 70%، وهذا رقم صادم.
ما يؤثر في خصوبة الرجال بشكل مباشر هو انتشار التلوث، سواء تلوث الهواء، أو الأكل الفاسد والمواد الصناعية، والتدخين المفرط، وارتداء الملابس الضيقة.
البعض لا يدرك الفارق بين عمليات الحقن المجهري وأطفال الأنابيب؟
ظلت مصر تعمل في مجال أطفال الأنابيب منذ انطلاقها عام 1986 حتى سنوات طويلة، وهي ترتبط بصعوبة عملية التبويض لدى السيدة، وبالتالي نقوم بسحب البويضات ونضع حولها حيوانات منوية في حضانة بحيث لها نوفر البيئة المناسبة للإخصاب الطبيعي بجهود الحيوانات المنوية.
أما إذا كانت هناك مشكلة لدى الرجال متمثلة في ضعف الحيوانات المنوية أو ندرتها، يتم إجراء عملية حقن مجهري بحقن الحيوانات المنوية في البويضة مباشرة.
منذ تشخيص الحالة بحاجتها لإجراء حقن مجهري.. ما تفاصيل رحلتها حتى الحمل؟
تبدأ الرحلة بتقييم الحالة وكفاءة المبيض والرحم نفسه، وهذه أهم خطوة لتشخيص كفاءة الجهاز التناسلي، ولو مرت من هذه المرحلة ومن التحاليل الطبية والمناظير لنطمئن أنها مؤهلة لإجراء العملية، نُحدد حينها البرنامج الذي يناسبها؛ الأول بروتوكول طويل للعلاج المستمر حوالي شهر ثم تبدأ عملية التقاط البويضة، أو البروتوكول القصير يبدأ مع بداية الدورة الشهرية ومدته أسبوع، وخلال أيًا منهما تحصل على مجموعة من الأدوية لتنشيط عملية التبويض.
ثم نقوم بعد ذلك بسحب البويضات، وسحب عينة من الرجل، ونضع الحيوانات المنوية حول البويضة في حضانة في حالة أطفال الأنابيب ونترك الحيوان المنوي يخصب البويضة وينتج عنه جنين يترك في الرحم، أو يتم حقن الحيوان المنوي في البويضة مباشرة في عملية الحقن المجهري، وتترك من 24 ساعة إلى 5 أيام تتم عملية التخصيب، ثم يتم إعادة الأجنّة إلى الرحم مرة أخرى، وتظل السيدة في راحة تامة لمدة 15 يومًا حتى إجراء اختبار حمل ومعرفة النتيجة.
وما نسبة النجاح؟
النسبة عالمياً لا تزيد عن %43 في المتوسط، ولا توجد نسبة نجاح 100%، والأمر متوقف على حسب حالة البويضات وحالة الرحم وظروف المعمل الذي يُجري داخله العملية.
تزايد عدد المراكز الخاصة وتحدث البعض عن تعرضهم للاستغلال.. هل هذه التخوفات في محلها؟
بداية أطفال الأنابيب في مصر كانت عام 1986، عندما تم إنشاء المركز المصري لأطفال الأنابيب كأول مركز في مصر، ومنذ هذا الوقت تم زيادة عدد المراكز حتى وصلنا الآن لـ 145 مركزًا، وكطبيعة أي مجال هناك "الحلو والوحش"، وبالفعل هناك مراكز لكن عددها محدود تستغل المواطنين وتحصل على أموال إضافية يتحملها المريض.
هذه العمليات تتكلف مبالغ كبيرة ولا تندرج تحت بند التأمين الصحي للدولة.. حدثنا عن وحدة الإخصاب الصناعي التي أسستها بقصر العيني.
تم إنشاء وحدة الحقن المجهري بمستشفى قصر العيني في 3 أكتوبر 2009، ونعالج فيها الحالات غير القادرة ماليا. بدأت هذه العمليات بألفي جنيه، ثم زادت تدريجياً مع زيادة أسعار المستلزمات الطبية حتى وصلت الآن إلى 5200 جنيه، وتبلغ بصورة إجمالية بعد شراء الأدوية نحو 10 آلاف جنيه، وهذا يعتبر نصف ما تدفعه الحالة في المراكز الخاصة.
وهذه التكلفة زادت لأننا لا نتحكم في أسعار الحقن والأدوية التي تحصل عليها السيدة، والفارق بين الوحدة والمراكز الخاصة أن الدولة توفر الأجهزة وهذه الأموال عبارة عن مستهلكات، كما أن الأطباء يتقاضون رواتبهم فقط، وبالتالي نساعد الناس غير القادرين.
ما نسبة التردد على هذه الوحدة؟
يتردد على الوحدة 250 حالة شهرياً، فيما يتم إجراء 50 عملية في الشهر، وهذا الرقم في ازدياد فترة تلو الأخرى.
هل لا تزال عمليات الحقن المجهري تمثل وصمة لبعض الحالات؟
في بداية أطفال الأنابيب قوبلت الفكرة بانتقادات شديدة من الناس وعلماء الدين المسلم والمسيحي إلى أن تم الإقرار بها كإحدى وسائل مساعدة الحمل عن طريق فتوى من دار الإفتاء المصرية والكنيسة المصرية، ومنذ ذلك التاريخ بدأ التطور في مصر يواكب التطور العالمي.
كما أن الناس كانت تقاوم العلاج عن طريق أطفال الأنابيب لدرجة أنهم عندما كانوا يجرون العملية وتنجح لا يذكروا أنها بسبب أطفال الأنابيب، وبدأ التقبل يزيد شيئًا فشيئا مع نجاحات عملية الحمل بعدما أثبت نفسه ضمن الوسائل الجديدة.
كنا نجد مثلًا في أواخر الثمانينات صعوبة في طلب تحليل السائل المنوي للزوج، لأنهم كانوا يعتبرون ذلك عيباً لأن الراجل ينظر أنه ليس السبب في تأخر الحمل ويلقي السبب على عاتق زوجته.
الآن تغير الوضع، وتطورت قصة الحقن المجهري إلى أن وصلنا أن نقوم بجراحة للجنين قبل دخوله إلى الرحم، لاكتشاف وجود عيوب خلقية في الكروموسومات للأجنّة، حيث نحصل على عينة من الجنين تحت الميكروسكوب ونرسلها للمعمل لفك الشفرة الوراثية، إن كان سليمًا يتم نقله، وإن كان مشوهًا يتم استبعاده لكي لا يحدث حمل في جنين مشوّه.
هل بدت عمليات تجميد الأجنّة والبويضات أكثر رواجًا الآن؟
تطور التكنولوجيا وصل إلى تجميد الأجنة، فلو أخذت السيدة تنشيطًا ونتج عن ذلك 15 بويضة مُخصبة، وأنتجت 10 أجنّة، يتم نقل جنين أو اثنين، ويتم تجميد باقي الأجنة لاستخدامها لاحقًا سواء فشلت المحاولة الأولى، أو يتم استخدامها بعد سنوات في حمل آخر.
ثم حدثت طفرة في تكنولوجيا تجميد البويضات، فمثلًا حال تأخر إحدى الفتيات في الزواج خاصة من يتخطى أكثر من 35 عامًا، يُنصح بتجميد البويضات، لأنه بمرور تقل كفاءة وخامة البويضة وقدرتها على الإخصاب وتكوين جنين سليم.
وكيف تتم عملية تخصيب البويضات؟
نحصل على البويضات كل شهر ونجمدها ويتكون لدينا على سبيل المثال 20 بويضة، وعند زواجها في أي سن يتم الحصول على السائل المنوي من الرجل ويتم تخصيب البويضة، وإرجاع الأجنة إلى الرحم، ويحدث الحمل كأنما كان عمرها 30 عامًا على سبيل المثال، وهذه تكنولوجيا أتاحت فرصة كبيرة لبعض السيدات.
وأبرز هذه الحالات؛ السيدات اللاتي يحصلن على علاج كيماوي أو إشعاعي، حيث تكون معرضة لعدم الإنجاب بعد هذه العلاجات، وبالتالي نشجعها على تجميد البويضات قبل بدء مراحل علاجها.
هل هناك سن معينة لانخفاض فرص نجاح الحقن المجهري؟
لا يوجد سن معين طالما كانت حالة وكفاءة المبيض جيدة "ممكن واحدة 28 سنة المبيض مبيطلعش بويضات وواحدة 43 سنة والمبيض يعمل بكفاءة". لكن بشكل عام، بعد 40 سنة تكون النسبة أقل في النجاح ونسبة الإجهاض أعلى.
تابع باقي موضوعات الملف:
"لا تذرني فردًا".. مصريون في رحلة البحث عن طفل (ملف خاص)
بالصور- مصراوي داخل أول مركز مصري لأطفال الأنابيب (معايشة)
فرح من 7 ليالي.. زوجان يستقبلان مولودتهما الأولى بعد 18 عامًا
"في انتظار لُطف ربنا".. مشاهد من مأساة الإجهاض المتكرر في مصر
تعرف على أبرز أسباب منع الانجاب (فيديوجرافيك)
حكايات الدور الخامس.. أزواج يبحثون عن الإنجاب داخل قصر العيني بـ"سعر حنين" (معايشة)
ساعة ميلاد القدر.. رحلة زوجين لإنجاح عملية الحقن المجهري "في اللحظات الأخيرة"
"أول طفلة أنابيب مصرية".. كيف وثّقت الصحف ولادة "هبة"؟
"سابوا البيت وفكروا في الزواج التاني".. حكايات من "مرارة" تأخر الإنجاب
ما الفرق بين أطفال الأنابيب والحقن المجهري؟ (فيديوجرافيك)
"10 جنيه" مكافأة.. حين عايش ياسر رزق ولادة أول طفل أنابيب مصري
فيديو قد يعجبك: