إعلان

لماذا بدأ طلاب فلسطينيون دراستهم على الأنقاض؟

03:01 م الأحد 02 سبتمبر 2018

طلاب خلة الضبع الفلسطينية يدرسون في الخلاء بعدما ه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

لم يكن يومًا عاديًا، لكن حياتهم ما عادت تعرف كلمة "عادي". 14 طفلاً كانوا يدرسون داخل غرف من الصفيح، وحينما بدأ العام الدراسي في فلسطين قبل يومين، كان مكان طلاب مدرسة خلة الضبع، في مدينة الخليل خالياً، بعدما أزاله الاحتلال، غير أن ذلك لم يُبدل من الأمر شيئًا؛ حضر المدرسون والتلاميذ وقضوا يومهم الأول يتدارسون في العراء.

في الحادي عشر من يوليو المنصرف، توجهت قوات الاحتلال الإسرائيلي بآلياتها، وأزالت بيتين متنقلين "كرفان"، كان أهالي قرية خلة الضبع -جنوب شرق يطا في الخليل-اتخذوها مستقرًا لتلقي أبناءهم التعليم الأساسي حتى الصف الرابع الابتدائي. تلك وسيلة سكان المناطق البدوية في فلسطين، ممن يطارد الاحتلال وجودهم في أرضهم لإقامة المستوطنات الإسرائيلية.

1

مع بدء العام الدراسي، وجد راتب الجبور أن يكون يومهم مختلفًا "نوصل رسالتنا للاحتلال إننا سنستمر حتى لو اضطرينا للدراسة على التراب والانقاض وتحت أشعة الشمس الحارة" يقول المدرس في خلة الضبع، ومنسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الضفة الغربية.

اتفق مدير المدرسة والمدرسون على أن يأتوا بلوح الكتابة والمقاعد، التي كان المفترض لها أن تكون من إطارات السيارات لولا تبرع أحدهم بأربعة مقاعد للأولاد وأصبحت الإطارات وسائل تحديد للفصل المقام في الخلاء على أنقاض المدرسة القديمة.

2

في الثامنة صباح يوم الأربعاء، 29 أغسطس المنصرف، حضر الطلاب بزيهم المدرسي، والمدرسون بدفاترهم، وتوالوا إعطاء الحصص كأنما دوام يوم دراسي تقليدي، بدأوه بأداء النشيد الوطني أمام علمين لفلسطين أطلا خلف التلاميذ، واستمروا في الدراسة حتى الثانية عصرًا، ثم انصرفوا بانتهاء اليوم.

ما كان قرار القائمين على خلة الضبع، سوى فاعلية احتجاج أرادوا منها إعلان الصمود والتحدي على البقاء في أرضهم كما يوضح الجبور، فبعد ذلك اليوم عاد الصغار والتلاميذ إلى منازلهم، إلى أن يتم إعادة بناء المدرسة، على أن يكون ذلك مطلع الأسبوع القادم حسب قول المدرس.

ليست خلة الضبع المدرسة الوحيدة في مدينة يطا، يقول الجبور إن هناك 6 مدارس، لكنها الأقرب والمتاحة لسكان تلك القرية، خاصة أنها تخدم صغار السن، لكن دون سابق إنذار ازال الاحتلال الكرفانات الصفيح، التي كانت تتألف الواحدة منها مِن غرفتين تُشكل مثابة فصلين لتضم الطلاب الأربعة عشر ومدرسيهم.

3

ورصد مركز أبحاث الأراضي –المقام منذ التسعينيات- عملية هدم القوات الإسرائيلية لمدرسة خلة الضبع، ووصف معدو التقرير الذي نشره المركز ما حدث "اقتحمت قوة من جيش الاحتلال برفقة الإدارة المدنية وعمالا من شركة مدنية إسرائيلية وجرافة وشاحنة عليها رافعة المنطقة الشرقية حيث تقع المدرسة وطوق الاحتلال المكان، ومنعوا المواطنين من الاقتراب وشرع عمال الشركة بتفكيك بعض جوانب وأسقف المدرسة المقامة من الصفيح ثم حملتها الرافعة على الشاحنة لمصادرتها وجرفت الجرافة الأرض".

أُزيلت "خلة الضبع" رغم صدور حكم بمنع هدمها كما ذكر مركز أبحاث الأراضي إذ أفاد في تقريره أن قوات الاحتلال قبل يوم من الهدم خربت الجدران الداخلية للمدرسة، لذلك توجهت مؤسسة حقوقية تسمى "سانت ايف" إلى المحكمة العليا، التي أصدرت يوم التنفيذ أمرًا بوقف الإزالة، لكن القوات "لم تكترث" للقرار حسبما ذكر التقرير.

لمعرفة المزيد من التفاصيل عن تقرير مركز أبحاث الأراضي.. اضغط هنا

تعد خلة الضبع المدرسة الثانية التي أزالها الاحتلال خلال 2018، لكن هذه المرة الأولى لهدمها عكس بعض المدارس والبيوت في القرية والمناطق المجاورة، مثل مدرسة زنوتا في بلدة الظاهرية، والتي هدمها الاحتلال مرتين في أسبوع واحد، فبعد هدم المبنى في فجر يوم 9 إبريل المنصرف، وعودة أهل المدرسة في اليوم التالي وإقامتهم لخيام كي يتمكن الطلاب من استكمال الدراسة، عادت القوات مرة ثانية في 15 إبريل لتزيلها.

4

صنفت وزارة التعليم الفلسطينية "خلة الضبع" العام الماضي بمدرسة الصمود والتحدي 11، وهو ما يُطلق على المدارس التي نال منها الاحتلال بالهدم أو المهددة بذلك. ويحيط بالمدرسة الابتدائية عدة مستوطنات إسرائيلية، يعددها الجبور في "ما عون، وافي جال، ومتسبي يائير"، مما يجعلها ومحيطها المتواجد فيه منازل الفلسطينيين عرضة دومًا للهدم والطرد بزعم مخالفة البناء.

لم يخش المدرسون والطلاب على صغر عمرهم التواجد في أرض المدرسة رغم المستوطنين المحيطين بهم، والقوات الإسرائيلية التي كانت تواصل عمليات التدريب على مقربة منهم. تجاوزوا كل شيء إلا إثبات الحضور في أجواء حارة، كان الطلاب الصغار فيها خير معين "انبسطوا بالعودة لمكان مدرستهم بعد شهور الإجازة"، فلم يرحل الجميع إلا على أمل العودة مجددًا الأسبوع المقبل في بناء المدرسة الجديد ومواصلة البقاء والتعلم حتى النفس الأخير.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان