إعلان

"لتوثيق كل أكلة حلوة".. هيثم يسافر محافظات مصر

09:12 م السبت 15 سبتمبر 2018

هيثم بيومي يسافر المحافظات لتصوير أكلات المحافظات

كتبت - إشراق أحمد:
قبل 5 أعوام، قرر هيثم بيومي تغيير مسار حياته، أن يعمل ما يحب، لفظ وظيفته في مجال المبيعات بعد امتهانها لسنوات، واتجه صوب تحقيق حلمه "اكتشفت أني عايز أكون مذيع"، لكن ليس كما هو معروف؛ أضاف لما يريد، هواه الشديد لتذوق الطعام، وجمع بينهما في دقائق يقدمها عبر برنامج يعده بإمكانياته الذاتية،أطلق عليه اسم "دوقني".

بحقيبة ظهر وهاتف موضوع على حامل يدوي، يسافر بيومي إلى محافظة مرسى مطروح، في الصباح الباكر، يسأل المارة بينما تسجل الكاميرا تحركاته "عايز أفطر فطار مطروحي أروح فين؟". بعدها يبدأ الشاب رحلته في التعرف على الأكلات المميزة للمحافظة.

5 محافظات زارها بيومي حتى الآن وأخرج حلقات عنها، فلم يعد يعنيه في الأماكن سوى اكتشاف طعامها، وباات يرتحل ومعه سؤال لا يفارقه "ليه المطاعم متسافرش وتعرف أكل المحافظات وتعمله؟". لكن ذلك الطرح جاءه بعد فترة من التجريب.

بدأ بيومي العمل على برنامجه الإلكتروني عام 2014، لم يكن خصصه حينها لطعام المحافظات "كنت بروح مطاعم هنا في القاهرة أدوق الأكل فيها وأقول رأيي وبعدين بدأت أسافر ورجعت تاني للقاهرة"، تذبذب الشاب الثلاثيني أول الأمر "الموضوع صعب عشان أنا اللي بنتج لنفسي"، لكن قبل عام فقط حدد هدفه حول إخراج حلقات مصورة عن أكلات المحافظات المصرية.

كان أول تحدي لبيومي، أن يتأكد من قبوله كمذيع، حدث ذلك قبل ثلاثة سنوات، برؤيته إعلان لشركة انتاج تطلب مقدمين لبرنامج تتشابه فكرته مع ما يريد تنفيذه، سارع الشاب للتقديم، وعقد العزم "هخليهم يقبلوني مفيش حد هينفذ الفكرة دي غيري"، وبالفعل وقع الاختيار عليه، لكن التجربة لم تكتمل، إلا أنه من وقتها انتابه شعور الراحة "اطمنت شوية أني مش رخم على الناس"، فقطع نفسيًا شوطًا في مشواره الجديد.

أن تُخرج حلقة عن طعام ليس يسيرًا، لاسيما إن كنت وحدك فريق العمل، يقول بيومي إنه يُعد للحلقات قبل السفر، يعكف على القراءة وسؤال المعارف من معدي الطعام، قد يستغرق الأمر شهرًا "بذاكر الأكلات ومكونة من إيه والأماكن اللي بتقدمها في المحافظة"، يتهيأ الشاب لكل ما يلقاه، لكن ذلك لا يمنع عنه اكتشاف المزيد على الأرض "كتير بغير الأفكار وأنا بصور لأن طلع حاجات جديدة".

يتذكر بيومي زيارته لمدينة دمياط، خطط الشاب مسبقًا لزيارة مصنع قديم للجبن، لكنه لم ينجح، فتبدلت خطته إلى إحدى البقالات ليشتري أنواع مختلفة للإفطار، ويذهب بها إلى مقهي ويتناول الطعام.

يحاول صاحب "دوقني" أن يُظهر كل شيء على الشاشة، كأنما صديق ينقل لرفيقه يوم يعايشه في رحلة، يخبره عن الإفطار، الغذاء والعشاء، كيف يجد تلك الوجبة وغيرها، لا يستحي من تناول الطعام باليد، بل ويمتص أصابعه بعد ذلك. في الطرقات، داخل مطاعم شعبية وأخرى مشهورة يتواجد بيومي، لا يهتم إلا بكونه المكان الذي يقدم تلك الأكلة أو غيرها حسب قوله.

1

تخرج حلقات "دوقني" في دقائق أكثرها كانت ربع الساعة لمحافظة مرسى مطروح، لكنها نتاج تصوير قد يستغرق ساعات أو أيام "كل حاجة وليها طبيعتها، الفطار في مطروح صورته في ساعة والغداء في 7 والعشا 4 ساعات"، فإقناع المطاعم بما يفعل ليس سهلاً طوال الوقت "في مطاعم بتخاف أصور المطبخ وفي ناس بتقبل بعد ما يشوفوا طريقتي وتانيين بيقدموا تسهيلات كبيرة ويخلوني أصور كل حاجة".

يرتاح صاحب الثلاثين ربيعًا للمطاعم المفتوحة الأبواب، التي لا تخشى دخول مطبخها، وجد بيومي أكثرها في المحافظات، إذ لم يعرفون بعد ثقافة تصوير الطعام مثل العاصمة كما يقول الشاب "المطاعم في القاهرة البعض بيظن أن حتة تانية بعتاني اضرب في سمعته"، لكنه يحاول دومًا تقديم فكرته بالشكل المناسب.

في رحلة تصوير مطابخ المحافظات، لا يغلق بيومي الكاميرا بالطرقات، ورغم أن قليلاً ما تمت مقاطعته، لكن في دمياط حدث، بينما ينهي الحلقة ويقول "أشوفكم في الحلقة الجاية"، فاجأه أحد المارة بقول "وإلى اللقاء"، ضحك الشاب وبينما يعتدل في سيره بعدما التفت للمتحدث، اصطدم بأحدهم، وقرر أن تخرج تلك التفاصيل في الحلقة.

أما التعليقات، فكثيرًا ما يُوجه للشاب سؤال "بتصور إيه يا أستاذ. ليه بتعمل كده؟"، وطالما وجد بيومي المتعة في الرد، معتمدًا على خبرته التسويقية، فيخبر البائعة البسيطة في الشارع "بصور الأكل الحلو اللي في بلدنا يا ماما"، ولآخر يقول "أنا عامل صفحة وعايزين نعمل توعية بالمطابخ اللي في المحافظات".

30 ساعة عمل قضاها بيومي لإخراج حلقة مرسى مطروح، لكنه حال ما سبقها من حلقات، زال عنه التعب بمجرد أن شاهد تعليقات المتابعين لـ"دوقني" الذين تجاوزوا 52 ألفًا.

"أنا روحت مخصوص المكان اللي قلت عليه.. أحنا بقالنا سنين بنروح عمرنا ما شوفنا الحاجات دي.. جوعتنا" لمثل ردود الفعل تلك يمتن بيومي، وتشعل حماسه لمواصلة الطريق "هدفي من البداية أكون الشخص اللي يضيف معلومة مش شرط تكون أكاديمية لكن مجرد حاجة تفيد وتبسط اللي يشوفها".

2

ثلاث سنوات عكف بيومي فيها على عمل ما يحب، تخطى الصعوبات بداية من تركه وظيفته، ووضع مدخراته لتنفيذ مشروعه، حتى أداة التصوير لم يكن توفيرها يسيرًا "قعدت سنتين قبل ما انفذ الفكرة.. اشتغلت ودخلت جمعية عشان أجيب الموبايل اللي بصور بيه"، لكن بخوضه التجربة وقطعه لخطوات متعددة مثل دخوله نادي الذواقة المصري، وتواصل العديد من معدي الطعام معه وإثنائهم على تجربته، دفعه للتمسك أكثر بما يريد.

أصبح "دوقني" نُزل ضيافة بيومي، يتعامل مع رواده كالأهل والأصدقاء، يجرب معهم جديده في الطعام، فيتناول لأول مرة الفسيخ في "نبروه" مكانه الأصلي، ويتبادل معهم في العيد معلومات عن كيفية اختيار الأضحية، فيما خلف الشاششات الإلكترونية، يتمنى أن يجد ما يعينه على تمويل مشروعه، وحلمه بأن يجوب محافظات مصر، يسجل ما تحمله مطابخها من طعامها الخاص، وحينما يفرغ منها يكون له موعد مع مطابخ الوطن العربي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان