مصراوي يحاور أسرة غريق "الساحل الشمالي": "عاشق البحر.. مات فيه" (فيديو وصور)
كتبت - شروق غنيم:
فيديو - محمود حمدالله:
تصوير - فريد قطب:
رغم مرور خمسة وأربعون يومًا على رحيله؛ لا تزال غرفة أحمد وصفي تحتفظ بآخر خطواته داخلها، رائحة عِطره، وآخر لمسة لمقتنياته، تمنع الأم أن يطأ أحد الغرفة، تُصبّر نفسها بأن ابنها سوف يعود لغرفته مرة أخرى، تقف قطته أماام بابها المُغلّق في انتظار أن يفتحها كما اعتاد، غير أن الشاب العشريني ذهب في نُزهة إلى البحر ولم يعد.
في السابع عشر من يونيو الماضي؛ كانت أجواء ثالث أيام العيد حاضرة في منزل آل وصفي، غير أن مكالمة هاتفية غيّرت مجرى اليوم "لقيت باباه راجع البيت بيقولي أحمد مات". انقلبت قسمات وجه علا "مكنتش فاهمة يعني إيه ابني مات وإزاي ده كان رايح يتفسح".
في عطلته بثالث أيام العيد الماضي، كان أحمد يقضي يومًا في إحدى قرى الساحل الشمالي، غير أنه تعرّض إلى الشفط بفعل مواتير سحب مياه موصلة بين بحيرة صناعية بالقرية والبحر المفتوح، أسكنت حركته ولم يقوَ على استكمال السباحة، فتاة كانت تسبح بالقرب منه استغاثت بمن حولها، هرولوا إلى مكان الشاب، حاولوا جذبه غير أن قوة سحب المواتير الهوائية كانت أقوى،لم يستغرق الأمر وقتًا حتى مات غريقًا.
تستقر صور أحمد بالقرب من والده عمرو وصفي بينما يجلس وفي قبضته أوراق التحقيقات، يحكي الأب أنها لم تُحال إلى المحكمة بعد ولازالت التحقيقات سارية، بعدما تم إخلاء سبيل مدير القرية ومدير الصيانة بكفالة مليون جنيهًا على ذمة القضية، فيما آخر ما عرفه بأن هناك مسئول كبير بالقرية مطلوب ضبطه حتى الآن، بحسب قوله.
فيما قال محامي الأسرة إن تحريات المباحث ذكرت أن أحمد تواجد بمنطقة يوجد بها 4 مواتير تقوم بتغذية البحيرات الصناعية من مياه البحر عن طريق مواسير ومولدات ضخمة داخل غرفة تبعد عن شاطئ البحر بنحو 100 متر تقريبًا.
يقول الأب عمرو وصفي إن النيابة أثبتت عدم وجود لافتة تحذيرية لمنع السباحة في تلك المنطقة أو مُسعفين "أنا مهندس استشاري المفروض الماسورة يكون حواليها سلك عشان تمنع سحب أي حاجة للبحيرة الصناعية، والمفروض يكون في سينسور يوقف المواتير بمجرد سحب حاجة.. كل ده مكنش موجود، فيه إهمال كبير أدى إن واحد برئ مات".
يتنقّل الورق بين أيادي الأسرة، تتفحصه الأم علا "المواسير اتعملت في مايو 2017، يعني ابني أحمد أول ضحية، وبحسب التعليمات المفروض تشتغل بعد غروب الشمس لفجر اليوم التاني، لكن هما شغلوها في وقت ذروة زي الساعة 4 العصر ويوم عيد في زحمة.. كل ده والمُلاك عارفين وسابوا ده يحصل وعايشين حياتهم دلوقتي.. أنا بس اللي إبني مش هيرجع، وأنا اللي بقالي 45 يوم مشوفتوش ولا سمعت صوته".
تفاصيل أحمد حاضرة في أركان المنزل، جوائز نالها صاحب الـ28 عامًا في رياضة التنس التي أحّبها، صور له في أعمار مختلفة، خلال حضوره ورشات تدريبية في الخارج، وأخرى مُثبتة بجانب ساعة توقفّت عقاربها عن الدوران "أكتر صوره له وهو بيصيّف، كان بيعشق البحر، بستغرب إنه حتى لما مات، مات فيه". تقول الأم.
بعد شهر من الحادث، كان موعد عيد ميلاد أحمد الثامن والعشرين، لم تحتفل به الأسرة كما اعتادت، ألم الفقَد وحده كان حاضرًا "في اللحظة اللي ابني بيكمل فيها سنة جديدة مكنش موجود، هو كمان كان صاحبي الوحيد، ولحد دلوقتي مش عاوزة أصدق، طول الوقت بقول هو هيكلمني يقولي نسي مفاتيحه، أقوم افتحله ويدخل أوضته ينام".
تحمل الأسرة أوجاعًا، تُفكر أن عقاب المُخطي قد يُبرِد من نار الفراق، لذا لا يتوانوا لحظة عن متابعة ما يجري في التحقيقات من خلال المحامي الخاص بهما "وشايفين إن مالك القرية نفسها اللي مفيش إجراء بيتخذ إلا لما يمضي عليه المفروض يتحاسب"، فيما يتمنوا أن "قضية أحمد متبقاش مُجرد اسم واحد ظهر في حادثة على صفحات الأخبار، لا دي حياة بني آدم راحت وحياة أسرة وراه ضاعت".
لا تزال آخر لحظة في عُمر أحمد تسكن عقل والدته عُلا، يتكرر المشهد في ذهنها بينما يعافر ابنها مع المياه وقوة سحب المواتير الهوائية "بشوف الصورة دي وهو غرقان قدامي، وأنا عاجزة أساعده بأي طريقة"، بينما تدمع أعين الأب "كل ما أكبر أقول أحمد هو اللي هيشيلنا، ابني راح، ومش هنسيب قضيته إلا أما تكون رأي عام عشان يبقى في ردع".
فيديو قد يعجبك: