إعلان

بعد قرار إغلاقها.. كيف ينتقل المواطنون بين المرج الجديدة والقديمة؟

08:59 م الثلاثاء 03 يوليو 2018

المرج الجديدة

كتبت- علياء رفعت:

"قررت الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق إغلاق محطة المرج الجديدة بداية من يوم الثلاثاء 3 يوليو ولمدة 5 أشهر".. كان ذلك هو النبأ الذي استقبله المواطنون في أواخر يونيو الماضي، بعد أن أعلنت الهيئة إغلاق المحطة ضمن خطتها لتطوير الخط الأول لمترو الأنفاق "المرج - حلوان"، رغبة في تقليل زمن التقاطر بين المحطات من 10 دقائق لـ3 دقائق.

على مدار يومين، في آخر أيامها قبل الإغلاق وأول يومٍ رسمي لإغلاقها، "مصراوي" خاض رحلته من وإلى محطة "المرج الجديدة"، مُستطلعًا الأوضاع وراصدًا لأبرز ما يفكر به ساكني المنطقة أو المترددين عليها، وما يثير مخاوفهم أو ضيقهم أيضًا.

1

قبل يوم من إغلاق المحطة، وركوبًا من محطة حلمة الزيتون وحتى المرج الجديدة، كانت "سارة" وصديقتها "أميرة" عائدتين إلى المنزل عقب يوم شاق من العمل، لم يتخلل حديث الصديقتين إلا نبأً واحدًا، وهو إغلاق المحطة في اليوم التالي وكيف سيتعاملون معه، وإن كانت هيئة النقل العام ستُصِدق القول في توفير الاتوبيسات أم لا.

"مصر الجديدة" هي محل عمل الصديقتين، بتكلفة مواصلات تصل إلى 20 جنيهًا يوميًا، لذلك تعمد كلاهما السير من ميدان المحكمة بمصر الجديدة حتى الحلمية لتوفير 3 جنيهات أجرة الميكروباص، "6 جنيه رايح جاي يفرقوا، وهو المرتب فيه كام 20 جنيه يعني!"، تقولها "سارة"، مُستعرضة أبرز مخاوفها، وهي أن تكون أجرة الباص الذي سينقلهم من وإلى محطة المرج الجديدة بنفس الرقم الذي تسعى لتوفيره، وتمشي هي وصديقتها من أجله على قدميها.

2

"سواقين الميكروباص مش هيسكتوا، لازم هيحاولوا ينوبهم من الحب جانب"، هكذا تظن أميرة بأن الأمر لن يقتصر على أتوبيسات هيئة النقل فقط، ولكنها ترى بأن إغلاق المحطة سيشكل خطًا جديدًا وموقفًا لسواقين الميكروباص، والذين قد يتخذوا من الأجرة المحددة الضغف؛ استغلالًا لحاجة الناس، "عمومًا كله هيبان.. هننزل بدري عشان نوصل في مواعيدنا ونشوف الدنيا هتمشي إزاي".

3

خارج محطة مترو المرج الجديدة، كانت الساحة الصغيرة أمام شباك التذاكر تعج بالمواطنين الذين تكدسوا فوق بعضهم البعض من أجل الحصول على "تذكرة"، وإلى جوارهم وقف "أبويوسف" الخمسيني، وهو ينادي على بضاعته من التمر، والسوبيا، والعرقسوس من أجل أن يرتوي المارة في يوم شديد الحرارة.

"الرزق هيقل طبعًا"، كلماتٌ مقتضبة عبر بها الرجل الخمسيني عن حاله المتوقع بعد تطبيق غلق المحطة، نظرًا لكثرة رواده من موقف الميكروباصات أو الخارجين من محطة المترو، ما دفعه إلى التفكير بنقل عربته أمام محطة المرج الجديدة إلى جوار أتوبيسات النقل العام التي ستنتظر الركاب، "هستنى يومين تلاتة ولو الحال ممشيش لازم هروح هناك عشان استرزق".

4

على بُعد خطوات قليلة من حيث يقف أبويوسف وعربته، كان "خالد عبدالسلام" الخمسيني ينادي بأعلى صوته أمام الميكروباص الذي يقوده "السلام عاشر.. السلام عاشر". تغير الوضع عقب إغلاق المحطة هو ضرورة حتمية يدركها الرجل الخمسيني، "لا بد الوضع هيتغير والزباين هتقل"؛ إذ أن إغلاق المحطة -كما يراه الرجل- لن يستمر 5 أشهر فقط، "فيها للسنة الجديدة عشان تفتح تاني".

من أجل ذلك، قرر "خالد" استكشاف الوضع في أول يومين لإغلاق المحطة هو وباقي سائقي الميكروباصات، "لكن لو لقينا الحال نايم هننقل الموقف عند المرج القديمة"، تلك هي الفكرة التي اتفق عليها وزملائه من أجل الإبقاء على "لقمة العيش ورزق العيال"، ولكنه لا يعلم إن كانت قوات الشرطة ستمسح لهم بذلك أم لا؛ لذا لا يأمل سوى أن يسير كل شيء بهدوء دون تغيير حتى لا يضطروا إلى الدخول في مشادات.

5

محطة المرج الجديدة أنشأت لكي تغطي الطريق الدائري، وتسهل الوصول إلى موقف المرج الذي تنطلق منه السيارات والميكروباصات إلى المحافظات القريبة من القاهرة، وفقًا الموقع الرسمي للشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الانفاق بالقاهرة.

6

إغلاق المحطة كان سببًا في قلق وغضب البعض، ولكن عقب مرور خمسة أيام فقط من بيان هيئة مترو الأنفاق، أصدرت هيئة النقل العام بيانًا هي الأخرى تؤكد فيه أنها ستوفر سيارات إضافية "ميني باص" بمحطة المرج، بالتزامن مع غلق محطة مترو المرج الجديدة، لنقل الركاب تسهيلًا عليهم.

في الثامنة من صباح اليوم، كانت "منى" تستقبل أول أيام غلق محطة المرج الجديدة نهائيًا ولمدة 5 أشهر، بحسب ما أوضحت الهيئة، "مكنش في غير باص هيئة نقل عام واحد بس الصبح قدام المحطة عشان ياخدنا نركب من المحطة المؤقتة بين عزبة النخل والمرج القديمة، لأن محطة المرج القديمة اتقفلت هيا كمان وبقت للدخول بس"، تقولها منى وهي تُعدل من وضعية حجابها بعدما وضعت قدميها على محطة المترو عقب خوضها لزحام لم تفلح من خلاله في الحصول على مقعد بأتوبيس هيئة النقل مقابل جنيه واحد.

تضيف الفتاة الثلاثينية، أن بعض ضباط وأمناء الشرطة جمع في ذلك الوقت عددًا من الميكروباصات لنقل المواطنين وأوصوهم بعدم زيادة الأجرة، غير أنه عقب انصرافهم، "السواق قالنا الأجرة جنيه ونص يا حضرات".

7

بحسبة بسيطة، أيقنت "منى" منذ الصباح الأول لإغلاق المحطة، أنها ستضطر إلى اقتطاع 60 جنيهًا من راتبها شهريًا لتلك الأتوبيسات، على افتراض لحاقها بأتوبيس النقل العام وليس الميكروباص، إلى جانب تذكرة الـ5 جنيهات التي تقطعها يوميًا في طريقها للعمل، ما يعني أن ميزانية مواصلاتها شهريًا ستصل إلى 360 جنيهًا بعد أن كانت 300 جنيه فقط، أما في حال ركوبها الميكروباصات، نظرًا للزحام، ستصل تلك الميزانية إلى 390 جنيهًا.

"سكان المرج أغلبهم بيقطعوا التذكرة أم 5 جنيه عشان يوصلوا لوسط البلد على الأقل، والهيئة غلت التذكرة علينا عشان يطوروا المترو، مش عشان يدفعونا فلوس زيادة فوق تذكرته.. المفروض الأتوبيسات دي تبقى ببلاش".. بأنفاس متلاحقة قالتها "منى"، مشيرة إلى أن تطوير المحطة سيحملهم ميزانية فوق الميزانية الأساسية، "مش عارفين هنجيب منين".

8

خارج المحطة المؤقتة التي تقع بين عزبة النخل والمرج القديمة، وتحديدًا في الثانية عشر ظهرًا، وقف المترو لينزل منه العشرات، وهم يتسابقون في اللحاق بخمسة من أتوبيسات النقل العام التي تنتظر أمام أبواب المحطة مباشرة، محاولين الوصول إلى مقعد خالٍ.

قرابة العشر دقائق، ذلك هو التوقيت الزمني الذي استهلكه الباص في الوصول من المحطة المؤقتة إلى المرج الجديدة والعكس، وفي داخل الأتوبيس، كانت نقاشات المواطنين على أشدها ما بين مؤيد لكون الحكومة قد وفرت بديلًا، ومعارضٍ يرى أن ذلك البديل سيكلفه ميزانية أخرى.

"ربنا يستر ومنجيش بعد أسبوعين نلاقي أتوبيسات الهيئة مش موجودة ويستغلونا سواقين الميكروباصات ويغلوا الأجرة علينا"، قالها سيد الأربعيني، أحد ركاب الأتوبيس، مُحدثًا صديقه وهم يفندون الوضع وما وصل إليه، موضُحًا مخاوفه في أن يصبحوا فريسة لوضع إغلاق المحطة الذي سيكلفهم ميزانية أخرى.

9

بوصول الأتوبيس أمام محطة المرج الجديدة، كانت قوات الأمن تنتشر على الجانبين في محاولة من رجالها لتنظيم الوضع لمنع تكدس المواطنين، وإصابة بعضهم أثناء الركوب، على الجانب الأيمن تراصت الميكروباصات مُعلنة عن أجرتها "جنيه ونص"، وعلى الأيسر تراصت أتوبيسات النقل العام بأجرة جنيه واحد، بينما كان المواطنون يتسابقون للحاق بالأرخص.

بعد أن امتلأ عن آخره بالجالسين والواقفين، انطلق أتوبيس النقل العام، مُتجهًا إلى المرج القديمة، داخله كانت سيدة تضرب كفًا بكف، بعد أن دفعت عن نفسها وزوجة ابنها الأجرة في طريق عودتهم من سجن أبوزعبل بعد زيارة الابن.

"4 جنيه زيادة رايح جاي أنا والبت، ده غير تذاكرة المترو، وأجرة ميكروباص تاني لحد البوابات"، تقولها سيدة تبلغ من العمر 60 عامًا، موضحة تكاليف مواصلات رحلتها النصف شهرية لزيارة ابنها، والتي زادت مبلغًا قد يراه البعض زهيدًا، ولكنه ليس كذلك بالنسبة لها.

لا تعترض السيدة الستينية على رغبة الحكومة بتطوير المحطة، "مش عاوزين غير خدمة حلوة وكله لينا"، ولكنها تتحسب للجنيهات الإضافية التي ستتحملها، "استحملنا زيادة التذكرة آخر مرة بالعافية، والجنيه اللي شافينه قليل ده معادش بيجي بالساهل أبدًا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان