إعلان

يحيى الفخراني.. المارد الذي خرج من عباءة الكوميديا

04:16 م الأحد 08 أبريل 2018

يحيى الفخراني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

رُغم بداياته الناجحة في الكوميديا، وأدواره الاجتماعية التي مَلكت قلوب المشاهدين، ومنحته مكانة لديهم، كان الفنان الكبير يحيى الفخراني يبحث دائماً عن الدهشة والاختلاف، يرغب في تحدي نفسه، والذهاب إلى مساحات صنفها صناع الدراما لغيره. أدوار رومانسية وصوفية وتارة معشوق النساء، من الصعب الحصول عليها إلا بموهبة كبيرة وإدارة لمسيرته بدقة وذكاء فني.

الأقدار لا تمضِ صُدفة، قُدرته على تقمص دوره الصغير في مسلسل الرجل والدخان، لفت انتباه السيناريست "عاصم توفيق"، ذهب إلى المخرج محمد فاضل، رَشح له الممثل الشاب للاستعانة به في أداء شخصية "الرشيدي" ذات الطابع الكوميدي بمسلسل "أيام المَرح". نجح العمل، بات الجمهور ينادونه في الشوارع باسم الشخصية، والمؤشرات توحي بإنه سيسطع في أدوار الكوميديا.

بعد أشهر قليلة، تلقى الفخراني اتصالا من فاضل "تعالى نروح لصالح مُرسي، نقرأ مسلسلك الجديد، دا بطولتك" حينما ذهبا إلى هناك، وجلس برفقة المُخرج والمؤلف، استمعا للحلقة الأولى من "صيام صيام" قبل أن يُصفق الفنان الصاعد حينذاك "من كتر إعجابي بالعمل" ثم رفض الدور "لأني هطلع في المسلسل الستات بتحبني، قولتلهم مجبتوش حسين فهمي ليه؟ شكله حلو ويتحب من الستات" كان يعتقد حينها أن هيئته وجسده الممتليء لن يُقنع الجمهور.

تَمسك فاضل بوجود الفخراني كبطل لعمله الجديد، طالبه بإعادة التفكير وألح لأكثر من مرة حتى وافق في نهاية المطاف "كنت تخين وروحت خسست نفسي مخصوص، وسافرت لندن اشتريت هدوم وحمالات بقيت موضة وقتها".

لم يكن وقتها مقتنعًا أن الجمهور يمكنه تَقبل ذلك نظرًا للنمطية السائدة عن "الحَبيب" والرومانسي في الأعمال الفنية بمصر، لكن نجاح "صيام صيام" فاق التوقعات "كان بيتعرض في كل الدول العربية في توقيت عظيم".

خطوة فارقة في مسيرة الفخراني، بات يؤمن أن الجمهور يَقبل كل شيء طالما كان الأداء صادقًا وقادرًا على إقناعهم، فضلًا عن وجود مُخرجين كبار لديهم المَلكة في توجيه موهبته من خلال مشاهد عبقرية.

الناقد طارق الشناوي يتفق في ذلك، إذ يرى أن العمل مع " مخرجين زي مجدي أبوعميرة أو فاضل أو رأفت الميهي وخان، كان عندهم رؤى تقفز بهم فوق الإطار التقليدي للرومانسي أو الجان".

في أواخر السبعينيات، حاول الفخراني تقديم نَفسه في السينما بأعمال قوية، رَغب المُنتجين استغلال قدرته على أداء الأدوار الكوميدية، وشعبيته لدى الجمهور في تلك المنطقة "عايزني أقدم فيلم جماهيري بتاع إيرادات، والحقيقة إني بشوف أي فيلم جيد هو جماهيري، فيه أفلام كتير منجحتش وقت عرضها زي خرج ولم يعد، لكن شوف كام واحد شافها لحد دلوقتي".

لم تأخذه الجلالة حينما رُفع على الأعناق بعد عَرض فيلمه "الأوباش" عام 1986 أمام أحد دور العرض، بعد استمراره في السينما لنحو 28 أسبوعًا "بس أهوه راح خلاص محدش فاكره".

يعتقد أن الدور الجيد هو رهانه الدائم من أجل الوصول إلى قَلب المشاهدين وتقديم عمل يحترم عقولهم وقلوبهم "عشان كدا في التلفزيون روحت للخواجة عبدالقادر، ودهشة وشيخ العرب همام وغيرهم" وهو يمنح أدواره طعم خاص-بحسب السيناريست تامر حبيب "بيعمل أي دور بطعم الفخراني، ومن أول لحظة لأخر لحظة بيطلع أفضل حاجة عنده في الدور، ولازم تتفاجيء دايماً بيه".

يَملك الرجل الذي أتم عامه الـ 73 عامًا، قُدرة على إتقان الأدوار الكوميدية والتراجيدية بالقوة نفسها-وفق الناقد رامي عبدالرازق "من الممثلين القليلين اللي عندهم القُدرة دي، تضحك معاه زي ما هتعيط معاه، ودا مكنش متوفر عند عدد كبير من أبناء جيله" بعضهم وجد نفسه جيدًا في الكوميديا، وآخريين باتوا ملوكًا في الأدوار الاجتماعية والجادة، لكنه وحده أجاد الطريقين.

نظرة متأنية على أعمال الفخراني، أدوار مُبهرة رغم صعوبة تخيلها للوهلة الأولى، كما يُشير عبدالرازق، من يُصدق أنه زير النساء في "زيزينا"؟ أو الرجل اللعوب في "ليالي الحلمية" أو ابن أمه صاحب العلاقات المتعددة في "حمادة عزو".

هل جَرب أحد تأمل دوره في "أوبرا عايدة" قصة الحُب الناعمة بينه وعايدة، أو عشقه للراقصة في "الليل وأخره". العشق الصوفي في "الخواجة عبدالقادر" يجمع بينها "الأداء العالي بملامحه، وقدرته على استدعاء البكاء الطبيعي بشكل هايل" أو كما يقول الشناوي "واحد من ملوك الهمس الإبداعي، والتعبير الهاديء، يُلمح ولا يصرح، يهمس ولا يصرخ".

لأكثر من 45 عاماً، كانت بضاعة الفخراني هي المتعة والصدق، يمنحهما لجماهيره فيردوا عليه بحاجتهم إلى المزيد، لم يعد السن أو تكوينه الجسماني أو نجاحه من قَبل في الكوميديا حاجزًا بينه وأية أدوار آخرى تجذبه "المهم إنها تمسني، ومتكونش مكتوبة مخصوص عشاني، عشان المؤلفين ميجبوش من حاجات قديمة ليا" وهو ما يراه عبدالرازق متحققاً في مسيرته "ذكي في اختيار أدواره، وقدرته على التنوع على مدار سنوات عديدة".

بعد أقل من شهرين، سيطل الفخراني على جمهوره من جديد بعمله "بالحجم العائلي" من إخراج هالة خليل. يُنظر إليه كخطوة أخرى في مسيرة كبيرة تحمل دائماً المفاجأت ومزيد من محاولات الإجادة "لأني بعتبر نفسي لو حسيت إني في القمة هأقع" لذا يتمنى نجاحه للحفاظ على المكانة التي أشار لها يوسف إدريس في لقاء جمعهما "قالي إنت الفنان الوحيد اللي بنحس إنه بتاعنا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان