إعلان

داليا في الملجأ.. أمومة متبادلة مع 582 كلبًا

07:44 م الجمعة 23 مارس 2018

كتبت-دعاء الفولي وإشراق أحمد:

تصوير -مصطفي الشيمي

مازالت داليا النادي تتذكر المشهد الصباحي الفريد؛ تخرج إلى حديقة منزلهم لتجد والدتها تُشرف على إطعام خمسين قطة تعيش معهم، تعلمت الطبيبة البيطرية من أمها الرفق بالحيوان، رأت كيف تقتسم أمومتها بينهم وبين القطط، فتهتم يوميًا بتغذيتها في مواعيد مقدسة، مهما كانت لديها من التزامات، وفي المقابل كيف ترد الحيوانات بأمومة متبادلة.

أخذت داليا ذلك الحنان، ظلت تُساعد حيوانات الشارع قدر المستطاع، إلى أن انضمت إلى ملجأ "مؤسسة حماية الحيوان"، الذي يؤوي مئات الكلاب ويعالجها.

ولم تكن علاقة داليا بالكلاب والقطط وثيقة فقط "بربيهم من وأنا صغيرة"، لكن مع بداية الألفية، قررت السيدة الأربعينية دراسة الطب البيطري في أمريكا لأجل علاج الحيوانات، والكلاب خاصة.

طوال مُدة عملها مع الكلاب، تندهش داليا من مخزون الحنان الذي تحمله هذه المخلوقات، خاصة فيما يتعلق بالأمومة "الكلبة لما بتولد بيبقى عندها كم هائل من الحنية والشراسة ضد اللي بيحاول يؤذي ولادها". رغم ذلك تُعاين الطبيبة بعض الكلاب التي تُرضع وترعى "جراء" –أبناء الكلب- ليسوا أبناءها.

وبعض الكلاب الصغيرة التي تأخذها داليا من الشارع تكون بلا أم "بيبقوا قتلوا مامتها أو ماتت في حادثة". بحذر شديد تحمل الطبيبة تلك الجراء "بنقرّبهم من أي أم عندنا ونخليها تشمّهم"، تبدأ داليا في متابعة العلامات "لو قبلت إنهم يرضعوا منها يبقى كده اعتبرتهم ولادها ونقدر نطّمن عليهم"، ترعى بعض كلاب الملجأ 10 كلاب صغيرة، أكثر من نصفهم ليسوا أبناءها.

وتوقن داليا أن الحيوانات والطيور معلم قديم لبنى البشر "الإنسان أول ما اتعلم الدفن كان من الغراب". والأمومة جزء من التفاصيل اليومية التي تشهدها الطبيبة البيطرية، وكان من السهل عليها رصدها.

تشير داليا لـ"تمر حنة" الاسم الذي أطلقوه على الكلبة الأم، الوافدة بمعاناة مرضية إلى المؤسسة "عربية خطبتها ورجليها الاتنين اللي قدام مكسورين وكانت حامل". بعد أسبوع من مجيئها وضعت "تمر حنة" أولاها، فيما ظلت أسبوعين تستميت لإرضاع صغارها وتنظيفهم رغم أنها لا تقدر على الحركة.

أما "صدفة"، فكانت بالنسبة لداليا، مثالًا للتضحية والمقاومة، تعاني الكلبة من ورم كبير يتدلى من رقبتها، كان حائلاً بينها وبين العناية بصغارها، لكن ما إن يقتربوا منها تتحامل لإبعاده كأن الألم غير موجود.

داخل مؤسسة حماية الحيوان، الأمومة متبادلة بين داليا و582 كلبًا، تربت الطبيبة عليها، تشرف على طعامها، تطبب جروحها، وفي المقابل تَعْلَّمَ الكلاب -القادم أغلبها من الشارع- الترحاب بالغرباء؛ تقفز عليها بود، تقترب منهم لتنال قسطًا من الرحمة والمحبة، لكن ما إن تطل داليا بينهم، تتحلق الكلاب حولها كما يتجمع الصغار حول مجيء والدتهم، ترفع رؤوسها إليها، كأنما ينتظر كل منها أن يحظى بقسط أوفر من الحنان والتميز عن بقية رفاقه.

وفي الغرف الخلفية لساحة المؤسسة، تتواجد الأمهات من الكلاب، كالبشر تحمل كل منها طباعًا مختلفة، منها التي تحتضن صغارًا ليسوا لها، ترعاهم كأم بديلة، ومَن ترفض أن تدخل غريبًا بين أبنائها بعدما وضعتهم عقب فترة تتراوح بين 60-65 يومًا.

لا تغيب الكلاب عن منزل داليا، تملك السيدة كلبين و8 قطط "بعتبرهم فرد من العيلة.. بقول لبنتي دول زي إخواتك"، تضحك الطبيبة، قبل أن تضيف "تربية الكلاب علّمت بنتي يبقى عندها مسئولية تجاه أشياء كتيرة".

تتعجب الطبيبة البيطرية من الثقافة السائدة عند بعض الآباء "إن البيت ميدخلوش كلب أو قطة"، فيما يسيطر عليها الحزن الشديد حين ترى أولياء أمور يُشجعون أطفالهم على إيذاء الحيوانات "بنشوف فيديوهات لآباء بيدربوا ولادهم على رمي القطط من سطح البيت وكأنها شطارة"، فيما توضح أن أكثر من نصف حوادث الإيذاء التي حدثت لكلاب الملجأ كان سببها أطفال لم تتعد أعمارهم 15 عامًا "الأب والأم هما اللي يقدروا يزرعوا القسوة أو الرحمة مش حد غيرهم".

"وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم" ترددها داليا بينما تقول، إن الكثير لا يفهم رد فعل بعض الكلاب، حينما ترى سيارة مارة، فتندفع بالجري وراءها منفعلة "المشهد ده بنشوفه كتير ومحدش عارف إن ده معناه في الغالب دي أم وليها جرو صغير داسته عربية".

أمهات الكلاب تدافع بشدة عن أولادها، خاصة من يحيا منها في الشوارع، حتى إنها تتولى قيادة القطيع في الشارع في حالة غياب الذكر، أو تكون "ولادة"، وتجمع الأبناء حولها، تبتسم بينما تعكس موقف الكلام على البشر "لو أم ماسكة إيد بنتها وماشية في الشارع وحد جه يخطفها منها مش بعيد تقتله.. يبقى ليه البعض بيستغرب من رد فعل الكلاب لما يتاخد جروها".

تابع باقي موضوعات الملف:

-"مبروك حيوانك حامل".. معاناة أم تتألم في صمت

-حكايات حيوانات مع الأمومة.. بطولة "قطة" وتمرد "بقرة"

-أمومة في الشارع.. مواقف من قصص إنقاذ الكلاب والقطط

-"القرود عزوة".. "عم وحيد" الراعي الرسمي لحديقة الحيوان منذ 31 عاما

-عالم أمومة الحيوانات.. صنوف من الرعاية والرحمة (صور)

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان