إعلان

"كأنها لعبة".. شباب يساهم في عودة البسمة للأطفال

07:41 م الجمعة 07 ديسمبر 2018

شباب تمكين مصر يساعدون في تركيب الأطراف الصناعية ث

كتبت-إشراق أحمد:

بعد عامين من دراسة الهندسة في الجامعة الأمريكية، انتقل عمر أيمن لاستكمال دراسته في الولايات المتحدة عام 2015. حينها تعرف على تقنية لمست قلبه. رأى الشاب كيف بتكلفة قليلة تعود الحياة لمن فقدوا أطرافهم: "الطباعة ثلاثية الأبعاد"، فقرر أن ينقل الفكرة إلى مصر لمساعدة الأطفال.

في جامعة ماساشوستس، داخل ساحة مخصصةلعمل الطلاب على مشاريعهم، كان الطالب المصري يعمل على سيارةتدور بالطاقةالشمسية، حين اقترب منه طفل ذو ذراع ملونة تحمل شكل شخصية "رجل العنكبوت". أخذ الصغير يحكي للشاب عن زملائه ومشروعهم الذي ساعده ومنحه يدًا جديدة، مما جعل عمر يتوقف عن مشروعه ليتعرف أكثر على تلك الفكرة.
كان ذلك في مارس 2016 حين بدأ عمر تنفيذ "E-nable Egypt" أو "تمكين مصر"، بعدما انضم إلى الطلاب الأمريكين الذين عرفوه على التقنية، ثم تواصل مع جين أوين مؤسسة منظمة "E-nable" أو "تمكين" العالمية، ليصبح في مصر فرعًا يوفر أطراف بديلة لمن فقدوها في حوادث البتر أو ولدوا دونها.

"أحنا مجموعة شباب نفسه يساعد. معندناش طموح نعمل جمعية خيرية ولا نلم تبرعات. بنحاول بس على قدر الامكان نشتغل بالمواد المتاحة لينا" يقول عمر أيمن، مؤسس "تمكين مصر" عن مشروعهم، الذي كان الدافع له أطفال سوريا "وقت لما جاتلي الفكرةكانت الحرب متأزمة وفي فيديوهات انتشرت لأطفال فقدت أطرافها وكنت عارف أن ليا أصحاب في مصر لو عرضت عليهم الفكرة هيساعدوا".

لم يتردد عمر؛ طرق جميع الأبواب، تواصل مع رفاقه من دارسين الهندسة، ومنهم يوسف جلال. رحب الشاب بالفكرة، وجد فيها اختلافًا في تقديم ما ينفع الناس "بنعمل خير بس بدل ما ندفع فلوس بنعمل حاجة تفرح الناس وتساعدهم" ممتنًا يقول يوسف.
بدأ العمل على "تمكين" على أن تكون البداية في مصر حتى إيجاد السبيل للوصول إلى سوريا وهو ما اُتفق عليه مع المؤسسة العالمية، التي أمدت الشباب المصريبخبرة تأسيس الفكرة.

1

أكثر ما شغلشباب "تمكين"هو الوصول إلى مكان للطباعة ثلاثية الأبعاد، ظنعُمر أن تلك التقنية غير متوفرة في مصر، وإن وُجدت كانت جهاز أو اثنين، ولن يجد المتطوعين بشكل كاف، لكن الواقع خلف تقديراته؛ ببحث بسيط على الانترنت، وجد شركة تسمى "اطبع لي" تستخدم التقنية بل حدث ما لم يتخيله.
تصادف أن يكون أحد مؤسسي شركة الطباعة ويدعى محمد الحصري، خريج المدرسة ذاتها التي درس فيها عمر، فضلاً عن معرفتهم بأمر الأذرع "ثلاثية الأبعاد" وعزمهم على تنفيذ ذلك بالفعل. انشرح صدر الشاب بالتوافق في الأفكار وتلاقي الخير؛ إذ أصبح المكان شريك مع "تمكين" يمنحهم أسعار مخفضة لإنتاج الأطراف، إذ لم تكن تتجاوز تكلفة الطرف الواحد 1200 جنيهًا قبل تحرير سعر الصرف –التعويم- حسب قوله.

ويوضح جلال، أحد المتطوعين الأوائل، خطوات سير عملية إنتاج الأطراف، إذ تبدأ بالتواصل مع الحالة، وأخذ المقاسات دون إعطاء الأمل الكامل للأشخاص "عشان في حالات بنكون مش هنقدر نصنع لهم طرف فمنبقاش عشمناهم وميحصلش حاجة"، ثم تتم الطباعة على أجزاء تتجمع في النهاية وهو ما يستغرق نحو شهرين كما يقول.
ولأن معظم ما حصلوا على أطراف كانوا من الأطفال، لذلك لزم طرح أسئلة تتعلق بالألوان والأشكال المفضلة لديهم "عشان على قد ما نقدر نعمل حاجة يحبها الطفل وتبقى بالنسبة له كأنها لعبة يحب يستخدمها على طول".

يذكر عمر كيف بدأت "E-Nable" العالمية عام 2011، عن طريق زوجين أمريكيين بعدما نشرا صورة لهما أثناء حضور أحد فاعليات محبي الرسوم المتحركة، وكانا صمما ذراعًا متحركة، ليراها نجار في جنوب إفريقيا، كان فقد يده ويرغب في العودة لعمله ووجد فيما صنعها "إيفان أون" أملاً، لينصح صديق إيفان بالطباعة ثلاثية الأبعاد ليسهل إرسال التصميم إلى النجار وطباعته، بدلاً من الخطوات المرهقة للتواصل وتوصيله إليه، وبالفعل نجح الأمر وذاع صيته إلى أن بلغ والدة طفل ولد بلا يد ويقرر الزوجان إنشاء مؤسستهم الخيرية.

2

كذلك كانت بداية "تمكين مصر" يسيرة؛ في 29 أغسطس 2016 عايشفريق "تمكين"فرحة استلام خديجة في عيد ميلادها الـ11 لطرف جديد يمكنها استخدامه. التقت السبل رغم تفرقها؛ فقد عرف والد الفتاة، الذي يعمل مدرسًا للفرنسية في المنوفية بأمر المنظمة العالمية، راسل فرعها في فرنسا، ليحيلوه إلى مجموعة الشباب في مصر ويتم تنفيذ أول يد "ثلاثية الأبعاد".
فرحة خديجة رغم تميز لحظتها، لكنها ليست الأكثر بهجة بالنسبة لعمر، لأن اليد لم تأت على أكمل وجه بحكم بدايات التجربة كما يقول، لذلك جاء رد فعل طفلة تدعى سما، استلمت طرفا لها العام الماضي مؤثرا في نفس الشاب "أول ما استخدمت الإيد فرحة على وشها فظيعة وبدأت تحركها وتاخد الكورة وتلعب بيها" يستعيد اللحظة مبتسمًا.
مثل هذه اللحظات تشجع شباب "تمكين" على مواصلة المسيرة. "بحس قد ايه بيفرق وده بيخليني مبسوط" يعبر جلال عن شعوره بالتطوع لتوفير الأطراف الصناعية، خاصة حينما دعوا الأطفال ممن أصبح لديهم أيدي جديدة للتجمع والاحتفال بعد عام من إطلاق المشروع.

3

"الأطراف اللي بتتعمل مقدرش أقول أنها طرف صناعي بالتعريف العلمي لكنها أجهزة أو طرف بدائي يساعد الطفل أن يكون عنده دراع يحركه ويمسك بيه عشان لما يكبر ويشتري طرف صناعي طبي يكون اتعود" يوضح عمر، فيما يشير إلى أن أكثر التحديات التي واجهتهم هي ترك الأطفال للطرف بعد شهور.

يظهر اختلاف الأطراف "ثلاثية الأبعاد" بشكل ملحوظ، فذلك سبب ضغطًا على الصغار "مش سهل تعدي بيها في المجتمع. الناس هتركز معاها"، لهذا يسعى القائمون على "تمكين" لتعديل إمكانيات الأطراف إما لتكون أقرب للون الجسد أو تتمتع بإمكانيات تدفع الأطفال لقبولها رغم التحدي.
7 أطفال في مصر، إلى الآن تكفلت "تمكين" بتركيب أطراف "ثلاثية الأبعاد" لهم، وكذلك تحققت رغبة عمربالوصول إلى 4 أطفال في سوريا. في ديسمبر الماضي راسله أمريكي قائم على جمعية خيرية ترسل مساعدات إلى هناك ويريد أن تكون من بينها تعويض الصغار عن أيديهم التي فقدوها في الحرب، لتوثق فرحة الطفل محمد جابر في أغسطس 2018.



لم يكن الأمر يسيرًا، يذكر عمر الطفلة السورية شهد التي وصل إليها الطرف بعد ستة أشهر من الاتصالات والمحاولات، لكن مؤسس "تمكين-مصر" يؤمن بأن كل عقبة لها حلاً، ولو كان الحل ذاته به مشكلة، يقول عمر إن معظم المشاريع الجامعية والشركات التي تتيح أطرافًا مناسبة وقليلة التكلفة، تركز على توفير الأطراف تحت المفصل، لهذا يتمنى أن تتوجه المشاريع التعليمية لعلاج هذا التحدي.

لم يكتفِ شباب "تمكين-مصر" بتوفير الأطراف "ثلاثية الأبعاد" بل التعاون مع الشركات المهتمة بشأن فاقدي الأطراف لنشر الفكرة حتى يتوسع مدى الإفادة، خاصة أن هناك جهات لديها تمويل وأماكن خاصة للطباعة أكثر من إمكانياتهم الفردية، مما جعلهم يسيرون في خطين متوازيين؛ يساعدون من يستطيعوا ويُعلمون التقنية لغيرهم.
يمتن عمر لكل شخص سخر وقته على مدار السنوات الثلاث الماضية لأجل تطوير الفكرة، يحلمأن يساهموا في الحركة العالمية لاستخدام التصنيع الرقمي لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، التي تعد الطباعة ثلاثية الأبعاد جزء منها. يوقن الشاب العشريني أن تلك التكنولوجيا تسهل مهمة المهندس والطبيب مع المصاب "يقدر يوري الشخص الحاجة وهي بتتعمل وبالتالي يمكن أنه يبتكر جهازه الخاص لأنه بيكون أدري حد بالإعاقة اللي بتسبب له تحدي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان