"مش هقدر أروح المدرسة تاني".. مصراوي مع مصابي حادث مدرسة المرج
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب- محمود عبدالرحمن وأحمد شعبان
على أحد الأسرّة بالطابق الثاني بمستشفى جراحات اليوم الواحد بالمرج، استلقى أدهم أحمد فؤاد، التلميذ بالصف السادس الابتدائي، بمدرسة منارة الشرق الخاصة، مصابًا بكدمات في أنحاء متفرقة من جسده، استدعت وضع جبيرة حول إحدى قدميه، إثر سقوط سقف "إسبستوس" أعلى سور مبنى بالطابق الخامس للمدرسة، آخر ما يتذكره الصغير "الطوب وقع على رجلي فصرخت ومكنتش قادر أتحرّك، شالتني ميس منال وكنت عمّال أعيط".
كان أدهم يقف مع تلاميذ المدرسة التابعة لإدارة المرج التعليمية، في طابور الفسحة تمهيدًا لعودتهم إلى فصولهم مرة أخرى، غير أن سقوط جزء من سقف المبنى باغتهم، أمس الخميس، ليفارق التلميذ عبدالرحمن درويش الحياة، فيما أصيب 8 آخرين.
بملامح ساكنة يحكي الصغير عن حالة الفزع التي انتابت المتواجدين بفناء المدرسة، صراخ الأطفال لا يتوقف، والمدرسون هرولوا لنجدتهم، التقطت "منال"، مدرسة اللغة الإنجليزية "أدهم"، وأودعته في توكتوك خارج المدرسة تحرّك به صوب منزله.
في المنزل الذي يبعد حوالي 300 مترًا عن المدرسة، كانت والدة أدهم تعد طعامًا لجدته "وفجأة لقيت ناس من جيراني بيقولوا إلحقوا فيه توكتوك واقف وفيه واحد من ولادكم"، رعبٌ تملّك السيدة الأربعينية، ظنّت في البداية أن سائق التوكتوك قد صدم صغيرها "كنت بتخانق معاه، فقالي والله أنا لقيته كده"، فنقلوه إلى المستشفى، حاول أحد أولياء الأمور طمأنتها "قالي احمدي ربنا إنها جت على كده، فيه غيره متبهدلين"، طمأنها الأطباء كذلك، ليهدأ روعها.
"مش هقدر أروح المدرسة تاني بعد الخضّة دي" قالها "أدهم" بوهن، قبل أن يضيف أن التلاميذ التسعة "كلهم معايا في الفصل"، فيما تذكر الأم أن حادث أمس سيطاردهم كثيرًا خلال الفترة المقبلة لإقناع الصغير بالعودة للمدرسة "كانوا هيمتحنوا الأسبوع الجاي، صعبان عليه زمايله"، انهار أدهم حين علم بوفاة أحد أصدقائه "عبدالرحمن اللي مات كان صحبي والمدرسة هتبقى وحشة من غيره".
في نفس الغرفة، جلس هاني جودة، إلى جوار نجله "يوسف" صاحب الـ12 عامًا، بجسده النحيل استلقى الصبي على سرير، مصابًا بجرح في رأسه استدعى تدخلًا جراحيًا بسيطة بخياطة 7 غرز، غطّ في سبات عميق علّه يستريح قليلًا، فيما يروي والده حين تلقّى الخبر "الساعة 12 إلا ربع خاله كلمني وقالي في مبنى وقع في المدرسة تعالى شوف ولادك فنزلت أجري"، بعد 10 دقائق وطأت أقدامه أرض المدرسة، اطمأن على ابنه مالك، بالصف الثالث الابتدائي، بينما علم أن يوسف جرى نقله إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد.
في طريقه إلى المستشفى، كانت تخرج من شفتي "هاني" كلمات تحمل حمدًا لله على نجاة مالك، ودعاءً لصغيره يوسف "ارتحت شوية لما شفته في المستشفى والدكاترة طمنوني".
ينتظر ما ستسفر عنه التحقيقات، فيما يضيف أن تعامله مع المدرسة، التي أسست عام 2000، وفق أحد المدرسين، بدأ قبل 5 أعوام، وعدّد مميزات كثيرة وجدها أولاده بها "المدرسة نضيفة والإدارة ناس محترمة وكويسين وهنكمّل معاهم إن شاء الله"، وهو ما أكده "محمد" شقيق أدهم، قائلًا إنه تخرج في هذه المدرسة قبل سنوات، وهي إحدى أفضل المدارس، حسب ما ذكر.
مدرسة منارة الشرق تتكون من مبنيين، أحدهما يضم الأطفال في مرحلة كي جي، والآخر يضم تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يتوسطها فناء المدرسة، يقول محمد حامد أحد المدرسين بالمدرسة إن حالة المباني جيدة، ولم تشهد المدرسة في الفترة الأخيرة أية أعمال ترميم. فيما يذكر هاني محمد، مدرس آخر، أن المدرسة تضم حوالي 350 تلميذًا، يأتون في الثامنة صباحًا، ويغادرون في الثانية بعد الظهر.
في غرفة مجاورة، كان لوالد التلميذ المصاب حسام إيهاب، رأي آخر، بشكل قاطع قال إنه من الصعب على نجله أن يكمل دراسته في المدرسة، وطلب من وزارة التربية والتعليم أن تتيح له نقله إلى مدرسة أخرى "لو ما وافقوش هنضطر نستنى لآخر السنة، لكن الأولاد مش هيقدروا يروحوا المدرسة ويكملوا دراستهم بشكل طبيعي تاني".
كل يوم، يذهب حسام إلى المدرسة رفقة أولاد عمّه الثلاثة، طرقوا الباب وقالوا لعمهم "الحق حسام مش لاقيينه"، فزاد فزع الوالد، الذي استقبل قبلها بلحظات هاتفًا أبلغه بالحادث "مكنتش عارف إيه اللي حصل، الأولاد جايين منهارين"، وبعد رحلة من الألم والرعب والذهاب إلى المدرسة أولًا "عقلي كان هيطير لما قالوا إنهم مش لاقيينه"، ثم المستشفى، ليطمئن قلبه بعد أن وجد نجله ممددًا على أحد الأسرة مصابًا بجرح في الرأس، استدعى خياطة 3 غرز جراحية، فيما يضيف أن الفزع مسّ أهالي المنطقة كلها "مدرسة كلها أطفال وكله مآمّن على ولاده بما إنهم في مدرسة خاصة بعيد عن بهدلة المدارس الحكومية".
أما الصغير حسام، فقد قرر ألا يذهب إلى المدرسة إلا في الامتحانات فقط، فيما يرى عمه أحمد أنه لا مشكلة في عودة الأطفال للمدرسة مرة أخرى "أكيد الحادثة مش هتكرر تاني، واللي حصل قضاء وقدر، والأولاد هيكملوا دراستهم عادي، لأن صعب نقلهم حاليًا إلى مدرسة تانية".
في مستشفى السلام، على بعد حوالي نصف ساعة من مستشفى جراحات اليوم الواحد، اختلف الأمر، أمام الباب المؤدي إلى غرف العناية المركّزة كان يجلس أهالي الطفلين "يوسف حسين إبراهيم" و"محمد أشرف محمد"، كانت حالتاهما حرجة، ما استدعى نقل الثاني مساء أمس إلى مستشفى الدمرداش لتلقي الرعاية اللازمة، بعد الإصابة بنزيف حاد في المخ، حسب ما قال طبيب الاستقبال بمستشفى السلام لمصراوي.
على أحد مقاعد الانتظار بالمستشفى جلست جدة محمد أشرف، ملامحها تكسوها الدموع، ومن حين لآخر تطالع هاتفها في انتظار مكالمة هاتفية من نجلها، والد محمد، الذي قرر القدوم إلى مصر من السعودية، حيث يعمل، بعد أن علم بالحادث، تسترجع السيدة السبعينية ما دار، مساء يوم الأربعاء، بينها وبين الصغير القابع تحت أجهزة التنفس الصناعي، كان محمد عائدًا من أحد دروسه "قعدت أبوسه وأقوله تعالى يا حبيبي يا غالي يا ابن الغالي"، قبل أن تحاول التقاط أنفاسها وتذكر أنه استفاق قليلًا وفتح عينيه لكن سرعان ما غاب عن وعيه.
تحكي السيدة أن المدرسة لا تبعد عن منزله، لذا فور علمها بالخبر هرولت إليها ثم إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد "خيّطوا دماغه وخدوه في الإسعاف على مستشفى السلام، هو تعبان وعنده نزيف داخلي".
فيما يقول سيد شعبان، خال "يوسف"، أن حالة الأخير في تحسّن مقارنة بزميله محمد "الدكاترة قالوا كسر في الجمجمة ونزيف بالمخ، وكدمات في مناطق متفرقة بالجسم"، وهو ما أكده التقرير الطبي للصغير الذي اطلع عليه مصراوي.
"فتح عينيه شوية لكن ما نطقش بكلمة، ده طمنا شوية" يقول سيد، ويضيف أن عددًا من المسئولين زاروا المستشفى للاطمئنان على حالة التلاميذ، دون أن ينسى ذكر ما تعانيه المستشفيات الحكومية "هنا الإمكانيات محدودة والولاد حالتهم صعبة، وأهل الطفل محمد حاولوا ينقلوا من ساعات مستشفى تانية بس فشلوا، قالولهم مفيش دكتور رعاية هيطلع معاه ولو خدتوه هيكون على مسؤوليتكم"، قبل أن يتم نقله لاحقًا في الثامنة مساءً إلى مستشفى الدمرداش.
فيديو قد يعجبك: