الشهيد الفلسطيني ناصر مصبح.. المدرسة ترثيه بوضع صورته على مقعده الدراسي
كتبت - شروق غنيم:
بدأ اليوم الدراسي بقسوة، كان يعلم التلاميذ والمعلمين ذلك منذ استقبلوا الخبر المؤلم، انهمرت دموع الصغار، بينما خطا المُعلمون الفصل الدراسي بخطوات مُثقلة، وبدل أن تخط يداهم اسم الدرس المُقرر شرحه على السبورة، كُتِب اسم الطالب ناصر مصبح بعد استشهاده، لتكون سيرته حاضرة في أول حصة دراسية بدونه.
انفطر قلب المعلم تيسير شاهين حين أتاه النبأ؛ استشهد الطفل ناصر، في فعاليات جمعة انتفاضة الأقصى. غياب الطفل صاحب الـ12 ربيعًا موجعًا، لم يقوَ المعلم أن يرى الفصل الدراسي السابع (أولى إعدادي) بدونه، فأطّر صورته وكللها بالورد ووضعها على مقعده الدراسي، كما كان وجوده يشغل المكان.
حالة الحداد انتابت مدرسة عبدالكريم الكرمي، لأول مرة يستشهد طالبًا من صفوفها كما يقول شاهين، يذكر المعلم تفاصيل اليوم الذي سبق استشهاد الصغير؛ جاء إلى المدرسة بابتسامته الهادئة المعهودة، وقف أمام الطلاب يتلو عليهم القرآن الكريم في الإذاعة المدرسية، ثم أصّر الصغير على إنشاد أنشودة وطنية "كأنه شعر بأنه يودعنا ويودع فلسطين".
كانت نَفس ناصر توّاقة للمشاركة في فعاليات مسيرات العودة، برفقة شقيقتيه المسعفتين يهرول للمشاركة في خانيونس جنوب قطاع غزة، عن كثب تابع كيف تعمل شقيقاته، فتعلم سريًعا كيف يُداوي الجرحى حتى بات يُعرف في الفعاليات باسم المسعف الصغير.
لكن جمعة "انتفاضة الأقصى" في 28 من سبتمبر كانت الأخيرة له، قابلتها قوات الاحتلال بالبطش، تصفها وزارة الصحة الفلسطينية بأنها الأكثر دموية منذ جمعة 14 مايو في سلسلة فعاليات مسيرات العودة. انهمك ناصر بمساعدة شقيقاته، يجري باتجاه الهاتفين، يحاول المساعدة، شُعلة لا تهدأ كما عُرف في المسيرات، غير أن رصاص القناصة أسكن حركته، استقرت رصاصة في الرأس فغابت الحياة عن الصغير.
بعد ثلاثة أيام من استشهاد ناصر، دَعت مدرسة عبدالكريم الكرمي حيث كان يدرس، والدته، حّلت مكان الصغير في الإذاعة المدرسية، أخذت ترثي ابنها، تحث زملاؤه على الصبر، المثابرة والاجتهاد، حفظ القرآن الكريم كما كان يحب الشهيد "شعرنا إنه بهذه الطريقة نُخلّد سيرته ونكرم والدته".
لم تعد المدرسة كما كانت، حتى في عالمها الافتراضي على موقع "فيسبوك"؛ انقلب حالها، بعد أن كانت تنشر أنشطة الطلاب، ابتسامتهم بينما يؤدون مهاهم الدراسية، أصبحت مليئة بصور الصغار بينما تنهمر دموعهم قهرًا، يُصبر المعلم شاهين نفسه بأن روح ناصر لن تغيب عن المكان، فهي قد حُفظت في قلوب أصدقاؤه، وفي ألسنة المعلمين التي تُردد سيرته، بينما تستقر حتى اليوم صورته في مقعده الدراسي.
فيديو قد يعجبك: