بالفن وحده.. "وانغ لي" يُحب في الجزائر ويتزوج بالصين و"شهرالعسل" بمصر
كتب- محمد مهدي:
تصوير: جلال المسري
كأنه سِحر مَس قَلب الفنان التشكيلي "وانغ لي" حينما ألتقى لأول مرة بـ "نوارة جادة" من الجزائر، خلال زيارته إلى جامعتها في تبادل ثقافي بين البلدين، اهتز شيء بداخله، لم يفهم لغتها العربية لكن عيناه ظلت معلقة بها أينما حَلت، لتبدأ قصتهما مع الحُب والفن والزواج واعتناق الديانة الإسلامية من أجلها، ذلك ما تذكره الرجل الثلاثيني حينما جلس بجانبها على شاطيء البرلس منذ أيام خلال ملتقى للرسم هنا "نحُب في الجزائر، ونتزوج في الصين، ونقضي إجازة الزواج بمصر مع الفن والرسم" يذكرها وانغ لي بسعادة.
من أين تبدأ الحكاية؟ منذ 5 سنوات في الجزائر، حين اقترب منها متحدثًا لها بلغة إنجليزية مرتبكة، يتحسس كلماته قدر إمكانه، يحاول إقناعها برغبته في صنع لوحة لها "بعدين بقينا على تواصل دايم خلال أيام زيارته، كنا نخرج أكتر من مرة، بفرجه على الأماكن في بلدي" بينما يتجولان كان الفنان الصيني يتذوق لأول مرة الحُب، يغرق فيه دون أن يستغيث، يترك نفسه لتلك الحالة مستمتعًا بكُل لحظة رفقتها، لا يؤرقه حديثهما لبعضهما غير المفهوم "وجدنا فكرة لذيذة، تواصلنا من خلال الرسومات، كل معنى نريد التعبير عنه، نرسمه لبعض".
بعد أيام صار لزاما الرحيل، لم يُفصح لها "وانغ لي" عن الاحساس الذي تملكه ناحيتها، تعاملا كأصدقاء ، أصر على ضرورة التواصل بينهما بعد سَفره "بعد رجوعه للصين كنا بنتكلم كتير على الإنترنت، بتعلم منه كفنان تشكيلي لديه خبرة، ونتحدث كأصدقاء" بدا أنهما وجدا حالة من الود والألفة والارتياح بينهما، لكن المسافات تقتل- أحيانًا- المحبة، لم يحدث ذلك إذ منحهما القدر فُرصة جديدة للقاء، حصلت "نوارة" على مِنحة من السفارة الصينية لاستكمال دراستها بفنون جميلة داخل جامعة بكين.
لم تِشعر "نوارة" بالغُربة في بكين، كان "وانغ" يُحيط عالمها بكثير من الاهتمام، يساعدها في دراستها، يذهبان سويًا إلى المعارض الفنية المختلفة، ويقترب أكثر من ثقافتها وعاداتها "اشترى مصُحف، وقرأ على الإنترنت عن الدين الإسلامي" لم يكن حينها يعتنق أية ديانة، لكنه كان متحمسًا للتعرف على الإسلام "الحب كان سببًا رئيسيًا بالتأكيد، لكنني مع الوقت أحببت الأمر" يذهب معها أو وحده إلى المسجد السوداني الكبير في بكين، يتناقش مع الإمام، يستفسر عن كل ما يشُغله، ويحصل على مزيد من الكتب الدينية.
في البُرلس، بينما يتعاون كلا منهما في صُنع لوحة بمركبة صغيرة، تُذكره "نوارة" بقيامه بالصوم لسنوات قبل اعتناق الإسلام رغبة في أن يشاركها الأمر، وموقف طريف حدث بينهما عن الصوم "اتسحر في مرة بعد آذان الفجر بـ 30 دقيقة، لما أخبرته، أجل فطاره نص ساعة بعد المغرب عشان يكمل ساعات الصوم، فضحكت وقتها".
بالطبع كان لدى أسرة الفنان الصيني تخوفات، شعرت بها "نوارة" في زيارته الأولى لهم "كام ما بيعرفوه عن الإسلام من التلفاز، كانوا بيظنوا إن كُل المسلمين هم داعش" لكن مع الوقت اكتشفوا الحقيقة وباتت جزء من أفراد العائلة "كانوا بيشتروا لحم حلال خصيصًا ليا" صارت العلاقة جيدة، وعلى الناحية الأخرى لم يُعارض والديها خوض أية خطوات رسمية مع "وانغ لي" لكن أمها كان لديها شرط وحيد أن يكون شريك حياتها مُسلمًا.
صارت الحياة في الصين مزيج بين الدراسة والرسم والحُب، "وانغ لي" أستاذ بالجامعة، لديه مرسم مشهور في بكين، يقضي ساعات يومه بين الفن و"نوارة" وهي تخوض تجربتها الدراسية وفي الوقت نفسه تُعلم الرسم للأطفال وتشارك في عروض الأزياء "تعلمت الصينية سريعًا، وصار يمكننا الحديث لساعات دون ملل" لم يكن ينقصهما سوى إتخاذ خطوة جديدة في علاقتهما.
قبل زواجهما بعام، اعتنق "وانغ لي" الإسلام "هيك تفاصيل كانت بتعبر كتير عن الحُب، وكنت بقوله دايما لو مش عايز مفيش مشكلة، لكن هو يكون مُصر على خطوته"، وفي أواخر أغسطس الماضي أقاموا حفل زفاف على الطريقة الصينية، حضرت أسرتها من الجزائر، وجرت مراسم الزيجة "الزفاف مختلف، ناس كتير قاعدة، واحد بيحكي وقت طويل مواقف ونكت ونصايح ثم الرقص والاحتفال" حلم جميل يتكلل بالنجاح.
في سبتمبر الماضي، تلقيا دعوة للمشاركة في مهرجان البرلس للرسم، استقبلا الخَبر بفرحة "أول مرة لي بمصر، فرصة جميلة، وكتير فرحانة إنها أول رحلة لينا بعد الزواج" الفنان الصيني سبق وأن حضر إلى مصر منذ سنوات، لحضور ملتقى للفنانين في مدينة الأقصر، يحتفظ بكثير من الذكريات الطيبة، وكلما سنحت الفُرصة لهما للتجول في البرلس يصطحب زوجته وينطلقان بمحاذاة البحر، لتدور السيرة عن قصة حُبهما.
حين يُسأل "وانغ لي" عن ما سِر ما جرى له، يُدين الرجل للفن بكُل شيء "الفن جسر بين كل البلدان، يعبر عليه كل شيء.. الناس والحُب" يقول أيضًا إن العشق في علاقتهما كان أقوى من اختلاف البلاد والثقافات والأديان.
فيديو قد يعجبك: