إعلان

حكايات من متضرري مول "هايد بارك".. خمس سنوات بلا تسليم وحداتهم التجارية

12:31 م السبت 30 سبتمبر 2017

كتبت – يسرا سلامة:

تصوير – علاء أحمد:

في يوليو الماضي، وصل لـ"ميشيل رياض"، إنذار قضائي من شركة هايد بارك، بخصوص مول "بارك أفينو"، الواقع في منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، والذي يمتلك ميشيل أحد الوحدات به. الإنذار يطلب فسخ العقد بين ميشيل والشركة، بسبب استحالة تنفيذ المشروع، الذي أقيم بالفعل وقد تم الإعلان عن تدشينه في عام 2007. لكن الإنذار جعل الرجل يراوده سؤال واحد "هل شقا عمري راح عليا؟".

مشروع المول التجاري في "هايد بارك" بدأ من إعلان في عدد من وسائل الإعلام، استهدف جذب المصريين- في الخارج والداخل- للاستثمار في القطاع العقاري المصري. يقول ميشيل أبو طالب الذي كان يعمل بالخارج، في عام 2008 إنه صادف إعلان المشروع، غلبه الحنين إلى بلده "هايد بارك كان سبب قراري إني أرجع وأحط فلوسي في استثمار بلدي".

انطلق مشروع المول التجاري في عام 2008، تحت رعاية الشريك الإماراتي رجل الأعمال حسين سجواني، وفي يونيو 2011 انسحب سجواني، وبملاحقات قضائية انتهت بالتصالح معه من قبل الدولة، التي قامت بشراء حصته بالشركة "هايد بارك"، وتصبح ملكا لبنك التعمير والإسكان، الشركة القابضة للاستثمار والتعمير، البنك العقاري المصري العربي، وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة للحكومة المصرية.

يواجه الحاجزون الجدد –والذي تحدث مصراوي لخمسة منهم- أزمتان رئيسيتان؛ أولا عدم استلام وحداتهم بالمول رغم مرور خمس سنوات على موعد التسليم، ورغم سداد الدفعات المالية بنسب من 70% إلى 100%، الأزمة الثانية وصول إنذارات قضائية لهم من محامي الشركة لفسخ العقد. السبب المذكور في الإنذار أن سبب الفسخ هو "تعنت هيئة عمليات القوات المسلحة وعدم إعطائها التصاريح للارتفاعات المطلوبة".

يستند الحاجزون إلى رد من هيئة عمليات القوات المسلحة، يفيد بأن الهيئة وافقت على الارتفاعات، وأن جهاز المدينة هو الجهة المختصة بإصدار التراخيص، وأن الهيئة "ليس لها علاقة بقيام الشركات بالبيع أو الإيجار لمواطنين وهيئات.

يشمل المشروع القائم عل مساحة تُقدر بـ1500 فدان فيلات ووحدات سكنية والمول التجاري، الأخير هو محل الأزمة الحالية، الذي يقع في نهاية شارع التسعين بالتجمع. الإنذارات وصلت إلى عدد من الحاجزين الخمس. لجأ المتضررون إلى موقع فيسبوك للحديث عن أزمتهم، من خلال مقاطع مُصورة عبر صفحة "مول هايد بارك". يرى الحاجزون أن ضياع حقوقهم ليس أموالا فحسب، ولكن ضرب في سمعة الاستثمار المصري، بحسب قول ميشيل.

في سبتمبر 2013، وصل للملاك المتضررين خطابات مسجلة من الشركة تطالبهم بالحضور للاطلاع على وحداتهم التجارية، تلك كانت المرة الأولى والأخيرة التي رأى فيها الحاجزين مشروعهم أمام أعينهم. يجد المتضررون في تلك الخطابات وثيقة تثبت أولا ملكيتهم للوحدات، وثانيا أن المشروع نُفذ بالفعل، وبالتالي بطلان استحالة تنفيذ المشروع، كما تذكر الشركة.

الحاجزون لجأوا إلى شكاوى إلى رئاسة الجمهورية، وكذلك وزارتي التعاون الدولي والاستثمار، فيما يتابعون الحالة التنفيذية للمشروع، إلا أن العمل متوقف بالمول التجاري على التشطيبات الداخلية، في حين أن المرحلة الأولى والثانية منتهية بالكامل من حيث الأعمال الإنشائية والتشطيبات الخارجية.

في عام 2008، كان "مجدي بديع" يحلم بأن يؤمن لابنته صيدلية صغيرة في المول، وضع ماله في تسديد الدفعات، بلغت قيمة التسديدات 105%، مفسرا لـ"مصراوي" "دفعت حتى المصاريف الإضافية في الوحدة، ولم أستلم حتى الآن"، قرر مجدي الاستثمار في المول وابنته كانت لا تزال في مقتبل عمرها بكلية الصيدلة، تخرجت الفتاة ولم تستلم صيدليتها التي حلم بها أبيها.

هناك من خضع لاستلام أمواله، في عامي 2013 و2014 -بنفس القيمة منذ 2008- تهربا من "بطء النزاع القضائي"، بحسب ميشيل، لكن آخرون سلكوا درب القضاء، بعد "فقدان الأمل" في استلام وحداتهم التجارية. تطلب منهم الشركة التوقيع على إقرار بعدم التحدث عن القضية في وسائل الإعلام مطلقا، حصل "مصراوي" على نسخة من الإقرار، فيما يأمل البقية في إنصاف كلمة القضاء.

قلق الآخر يراود الحاجزين من إعلانات تجارية، يشاهدونها عبر مواقع إلكترونية، تعرض وحدات للبيع بالمول "بارك افينو"، تراودهم الأسئلة "كيف يستحيل تنفيذ المشروع وفقا للدعوة وفي نفس الوقت تظهر الدعاية له في مواقع؟". منذ مارس 2015، رفضت شركة "هايد بارك" استلام أي أقساط من الحاجزين، ورفضت التعامل معهم، مطالبة إياهم بالتعامل مع محامي الشركة.

وعبر اتصال هاتفي مع مصراوي، رد سيف فرج، رئيس قطاع الأصول العقارية ببنك التعمير والإسكان، أنه ربما يكون التغيير في دفع الدفعات المالية سببا في تأخر تسليم المشروع، لأن ذلك من شأنه المسائلة القانونية، وبسؤاله عن وجود أوراق تثبت التزام عدد من الحاجزين في دفع الدفعات، رد فرج "فيه جملة ناقصة.. ومش مفهومة في المشروع".

وأكد فرج، أن البنك الشريك بنسبة حوالي 60% في مشروع هايد بارك، وأن المشروع مستمر، ولا توجد معلومات عن عدم استكماله. وبسؤال عدد من الحاجزين أبدوا استغرابهم من تعليق فرج، قائلين "إذن لماذا نواجه الإنذارات القضائية بفسخ العقود؟ ولماذا تأخر التسليم علينا منذ 5 سنوات؟"، يقول ميشيل.

"هل تسعى الشركة لتفريغ المول من الحاجزين الأصليين؟".. سؤال طرحه المتضررون، فيما ينتظر كل منهم على أمل الاستلام، تذكر ماجدة "توفى زوجي قبل انطلاق المشروع، ومع بدايته قررت احط كل الفلوس عشان أمن مستقبل لابني، دلوقتي أنا بدون عمل وبمر بظروف مادية صعبة، والشركة مانعة حقي ومش قادرة أعيش".

واتصل مصراوي بأمين سراج المدير التنفيذي لمشروع هايد بارك، وشركة العلاقات العامة POD المسؤولة إعلاميا عن شركة "هايد بارك"، ولم يصل إلينا أي رد، وكذلك لم يرد علينا رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الألفي.

وفي اتصال هاتفي بمحامي الشركة محمد حمودة، يقول إن المشروع "سيتم تغيير شكله" دون القطع بحدوث الهدم أم لا، مضيفا لـ"مصراوي" أن الحاجزين اشتروا الوحدات من رجل الأعمال "حسين سجواني"، قبل حصول المشروع على التراخيص، وقامت الشركة بعد انسحاب سجواني بالحصول على التراخيص "هما اشتروا من السجواني وكانوا ماضيين في العقد لو فيه مشكلة في الترخيص يتم الفسخ على الفور دون أي التزامات على الشركة، وإحنا لما استملنا من السجواني مكنش فيه تراخيص، وخدنا الرخص للسكني، ونجحنا نأمن للوحدات السكنية، ودفعنا مبالغ ضخمة جدا، لكن وحدات التجاري، بالنسبة للوحدات التالت والرابع في المول، كنا طالبين 40 متر و36 متر، ورفضت الجهات السيادية إنها تدينا أكتر من 21 متر"، يقول حمودة.

وتابع حمودة "القضية أمام القضاء المصري، المشروع تمتلكه الدولة 100%، لكن أنت ماضي في عقدك إن لو حصل مشكلة في التراخيص تخرج وما تخدش حاجة، وأرجو إن ميكنش فيه تهريج في أموال الدولة أكتر من كدة، لإن ده المشروع الوحيد التي تمتلكه الدولة، وأنا قلتلهم تعالوا خدوا فلوسكم"، بحسب قوله.

وتابع حمودة مشددا "ولا واحد استلم أي وحدة.. ولو واحد استلم ابقوا تعالوا حاسبونا، وإحنا كنا بنقولهم تعالوا خدوا فلوسكم، لكن للاسف الآن سننتظر كلمة القضاء وهنرضخ لها".

ورغم حديث حمودة، قال أحد الحاجزون في الجزء B، أو الجزء الثاني بالمول، إنهم رغم صحة ما قاله حمودة عن عدم استلام أيا من الوحدات، إلا أنهم لم تصل إليهم أي إنذارات –بسبب اكتمال المشروع دون أي مشكلات في التراخيص، وكذلك لم يستلموا وحداتهم، مضيفا لـ"مصراوي": "لم يصلني إنذار ولم استلم.. ولم أفهم موقفي القانوني حتى الآن".

وحاول مصراوي التواصل مع رجل الأعمال الإماراتي "حسين السجواني" للوقوف على نهاية التعاقد مع "هايد بارك" وداماك، لكن لم يصلنا أي رد.

وردا على المحامي، يقول ميشيل إن العقود الخاصة بالوحدات التجارية توضح مسؤولية الشركة "هايد بارك"، وفقا لقواعد بيع الوحدات منذ يناير 2013، "أي عقب انسحاب الشريك الإماراتي". تطرح الأوراق والعقود وتصريحات الأطراف الأسئلة أكثر من الإجابات حول مأزق الحاجزين من الملاك، ومصيرهم.

وكان رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الألفي صرّح عن أزمة الحاجزين أن الأزمة المالية ضربت مشروع هايد بارك، وأن ثورة يناير أدت إلى تأخر المرافق في المشروع، مضيفا في مداخلة هاتفية في تصريح لبرنامج 90 دقيقة، في يناير الماضي، أنه في خلال أربعة أشهر من تاريخ المداخلة سيتم الانتهاء من كل أغلب الوحدات. مر على مداخلة الألفي أكثر من 9 أشهر حتى الآن.

ورغم الأزمة القضائية، عرض آمين سراج المول التجاري محل النزاع في معرض سيتي سكيب "أحد أكبر المعارض العقارية بالقاهرة " في مارس الماضي، قائلا في أحد اللقاءات الإعلامية "عندنا مول تجاري على مساحة نص مليون متر.

لا يأمل الحاجوين من الملاك بالمول إلا انتظار كلمة القضاء، لكن مع مرور الوقت، يدفع الكثير الثمن، فعلى سبيل المثال، السيدة ماجدة كانت تأمل في ربح المحل للإنفاق عليه "خرجت على المعاش وتبدد الحلم، ولم استلم محلي حتى الآن، مش عارفة أعمل ايه بعد ما ضاع حلم العمر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان