ما بين ملك وأحمد.. حب طاف مصر وبولندا والكويت
كتبت - دعاء الفولي:
كانت الشمس على وشك المغيب. ضوئها الدافئ يغطي شارع المعز بالقاهرة القديمة. الدكاكين مفتوحة. الأطفال يلهون. عُمال النظافة يرفعون ما تبقى من قمامة. زائرون تزداد أعدادهم في المنطقة الأثرية، وشاب وفتاة؛ يجلس هو على كرسي مُتحرك، فيما تمسك هي يده بامتنان. يتهاديان في السير. يعرف الناظر إليهما أنهما من بلدين مختلفين، لكن للقصة تفاصيل أخرى.
منذ أقل من عام كان أحمد يعيش في الكويت. ذلك البلد الذي وُلد فيه، رغم جنسيته المصرية. هُناك حاول خوض أكثر من تخصص، حتى درس الشريعة الإسلامية. وهُناك رأى رفيقة الدرب.
"كل سنة بييجي دفعات من بلاد مختلفة يدرسوا".. وقتها قابل الشاب ذو الست وعشرين عاما صديقة قديمة "قالت لي إن فيه زميلة ليا جاية جديدة من بولندا تدرس لغة عربية وخد بالك منها"، وافق أحمد دون أن يلقي للحديث بالا "لما البنت الجديدة جت كان معاها واحدة تانية هتدرس لغة عربية.. دي كانت ملك.. وأول ما شفتها حبيتها".
ملك هو اختصار اسمها "هو أصلا ماريتا ملك".. قالها أحمد، فارتفعت دماء خجلا في وجه الفتاة ما إن سمعت سيرتها. لا تتكلم الشابة العربية إلا قليلا، لكنها تفهمها جيدا "بس في الأغلب بنتواصل سوا بالإنجليزية".
بدأت زيارة الشابين لمصر مع بداية أغسطس الجاري. طافا القاهرة القديمة بأكملها، ومازالا يستكملان بقية الآثار. لم تشعر ملك باغتراب "عيلتي هنا بيحبوها جدا". كان للفتاة نظرة مختلفة عن البلد "هي بتقارنها بالكويت من حيث المساحة والتفاصيل.. عشان كدة بالنسبة لها مصر أحلى وفيها حرية وحاجات أكتر".
في بداية التعارف، كان الشاب المصري مُقيدا بالتخوفات "مش عارف هي هتتقبل ظروفي ولا لأ"، لكنهما ظلا يتحدثا على كل حال، فيما لم يهدأ خوف ملك ذات الـ23 عاما "كان القلق اللي عندها عكسي.. خافت إنها متقدرش تساعدني لو اتجوزنا". لم تعرف الفتاة أن أحمد يعتمد على نفسه منذ فترة طويلة.
عدة أشهر قضاها الشابان في الحديث. تعرفت إلى طباعه، واستوعب هو الاختلاف بين الثقافات، ثم أخبرا عائلتيهما بالأمر "محدش من الناحيتين عارض". في تلك الفترة اختلفا "لكن كنا بنحل الدنيا بالتفاهم.. وشوية اعتذار فالحال بيمشي"، إلا أن حالة الوِدّ بينهما اتخذت بُعدا جديدا، حين طلب منها القدوم لمصر معه وعائلته.
"ملك كان نفسها تزور البلد هنا من زمان".. لذلك فور أن أخبرها؛ قامت بالإجراءات اللازمة بعد موافقة أسرتها. تضحك الفتاة قبل أن تقول بعربية فصيحة مقتضبة "شعرت أنني وافقتُ سريعا". لم تندم الشابة على ما فعلت، إذ حاول أحمد تخفيف حدة ابتعادها عن بولندا قدر استطاعته.
في أحد الأيام وبينهما هما في مصر قالت ملك إنها تتمنى تناول خبز بولندي "حسيت إنه لو عرفت أجيبهولها رغم بساطة الفكرة هتتبسط جدا"..اتصل الشاب بصديقة بولندية "قولتلها تشتري وتبعتهولي على مصر.. كانت محاولة يائسة مني"، لكن الصديقة أخبرته بأنها ستأتي للقاهرة في زيارة "جابت العيش معاها وملك مكنتش مصدقة إني اهتميت بطلبها للدرجة دي".
مازال أمام الشاب المصري والفتاة البولندية الكثير "أنا خلصت دراسة ولسة مش لاقي"، فيما يتعين على ملك العودة لبولندا "عشان تكمل دراستها وهتفضل هناك سنتين".
حينما كانا يتجولان في شوارع مصر، احتمت ملك في رفيقها "هي كانت بتشوف الناس والحياة هنا من خلالي.. حتى أنا اللي بترجم لها الكلام". لا يُخفي أحدهما سعادته بالآخر "رغم الظروف هي متمسكة بيا وأنا كمان"، يقولها أحمد ناظرا إلى ملك فتبادله الابتسامة، ويستكملان جولتهما في الشارع العتيق.
لا يستطيع أحدهما التكهن بالقادم "انا مش هقدر أروحلها بولندا عشان السفر صعب"، فيما لن تستطيع هي الاستقرار في مصر. ينتظر أحمد مُعجزة تجمع بينهما زوجين، كما جمعتهما متحابين في البداية.
فيديو قد يعجبك: