بالصور-في فلسطين.. طالبات تظاهرت بـ"شنطة المدرسة" دعمًا للأسرى
كتب-إشراق أحمد:
تصوير-محمد ياسين/من فلسطين:
لم يكن الأربعاء السادس والعشرين من إبريل يومًا عاديًا في مدرسة بنات بِلعين الثانوية؛ اليوم العاشر يمر على إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية، كل شخص يفكر فيما يقوم به للدعم، فيما انتظرت الطالبات في فناء المدرسة متحمسون لانطلاق أول مسيرة جماعية لهن ولمعلماتهن تخرج من مدرستهنّ لنُصرة قضية وطنهم المحتل.
نحو 200 طالبة و8 معلمات تجمعن بقرية بِلعين التابعة لمحافظة رام الله الفلسطينية، في أحد المشاهد البارزة منذ بدأ أكثر من 1500 أسير فلسطيني الإضراب عن الطعام في 17 إبريل المنصرف بما يُعرف بـ"معركة الأمعاء الخاوية".
صباح ذلك اليوم، وقفت مديرة المدرسة عبير موسى في الطابور، تؤكد على الطالبات ميعاد انطلاق تظاهرتهن عقب انتهاء اليوم الدراسي، طيّبت خاطر الفتيات التي رفضت أسرهن المشاركة، أخبرتهن جميعًا أن تلك الأوقات مهمة في عمر الوطن. والكل يسعى لعمل أي شيء ولو بسيط لإثبات أن أهل فلسطين على قلب رجل واحد، فلتتعلمن أن موطنهم يبقى بصمود أبنائه.
الحدث كبير، والفاعليات المتضامنة واسعة، تتساءلت مديرة مدرسة البنات "شو بدي أقدم وأساند به الأسرى؟"، رأت أن الإجابة في نفوس الصغار "فكرت كيف نقوي الحس الوطني عندهم ليكونوا على اتصال دائم بقضايا شعبهم"، وقررت "موسى" الإعلان عن التظاهرة.
أجرت "موسى" جميع الاتصالات اللازمة مع مديرية التعليم في رام الله للحصول على أذن رسمي "مكنش في مانع.. فقط السؤال عن تأمين الطالبات"، وجدت المعلمة الحل في الحصول على موافقة أهالي الفتيات مكتوبة أو شفهية كي يتمكن من المشاركة في المسيرة "على طول بيكون عنا فاعليات جوه المدرسة لكن هاي المرة الأولى خارجها".
حال أهل فلسطين لا تغادر "موسى" وهي من أهل رام الله أي فاعلية ضد الاحتلال، لكن هذه المرة مختلفة بوجود الفتيات "بلعين قرية مواجهات مع الجيش الإسرائيلي ما كان بدي يحصل شيء وينضرب غاز وأضع البنات في خطر".
مع انتصاف اليوم الدراسي راحت مديرة المدرسة تمر على الصفوف، استثنت الأصغر عمرًا، فيما أخذت تتأكد من موافقة الأهل، في تمام الواحدة ظهرًا، دق جرس انتهاء الدوام الدراسي، خرجت الصغيرات، تجمعن في الفناء، واصلت "موسى" الاتصالات للتأكد من سلامة المسار، ثم تحرك الجمع.
قبل يوم من المسيرة، تأهبت طالبات المدرسة من الصفوف المختلفة بدءًا من الابتدائية وحتى الثانوية، أعددنّ الهتافات، التزمن بطلب المعلمات "أن يكون الهتاف من أجل فلسطين والأسرى فقط". قرابة 300 متر قطعتها الصغيرات، بدأت بالمنطقة السكنية المتواجد بها المدرسة، حينها استمدت الفتيات طاقة داعمة "الأهالي كانت تحيينا وفي ناس انضمت إلنا وهتفت مع البنات"، ثم عبروا الطريق الرئيسي إلى حيث تتواجد خيمة الاعتصام المتضامنة مع الأسرى.
بالخيمة اكتشفت مديرة المدرسة الصبايا من جديد "ما كانوا خايفين زي ما تصورت توقفوا بالخيمة وهتفوا بحماس شديد.. كانوا حلوين"، جددت الطالبات مشاعر الصمود لدى المتضامنين، وكذلك المعلمات؛ غبطت مديرة المدرسة الفتيات أخبرتهن أن وضعهم يجوز يكون أفضل حالًا "وقت كنت طالبة ثانوي بالثمانينات ما كنا نقدر نرفع علم فلسطين ونمشي بيه هيك كنا نهربه" تحكي "موسى" عن فترة ما قبل اتفاق أوسلو -1993- الذي نتج عنه إعلان الحكم الذاتي الفلسطيني بمدينة رام الله.
تميزت تظاهرة "بِلعين" بالنظام، هدوء الفتيات المكتسب من طبع المحيط القروي ساعد على ذلك حسب قول "موسى"؛ بإشارة من المديرة افترشت الفتيات أرض خيمة الاعتصام مع ضيق المكان، انصتن لحديث أهالي الأسرى عما يفعله المضربون عن الطعام وهدفهم، تقاسمت الفتيات للحظات إحساس المعتقلين، شربت أكواب الماء المخلوط بالملح.
أحداث عديدة عايشتها مديرة مدرسة "بِلعين"، ذاقت بها مرارة تضيق المحتل في اعتقال زوجها قرابة 6 أشهر في التسعينات، وكذلك شقيقيها "كان كل مناسبة وطنية اليهود يقبضوا على من يقوموا بأنشطة ضد الاحتلال"، ومع إعلان "إضراب الكرامة" لم تنقطع السيدة الخمسينية يومًا عن خيمة التضامن، لكن تلك التظاهرة كانت ذات تأثير جلل عليها "لما كنا نطلع من المدرسة عشان نتظاهر وأحنا طلبة المعلمين كانوا يقفوا يمنعونا".
الخوف الشديد على الطلاب قبل التسعينات فضلاً عن خشية المدرسين أنفسهم على وظائفهم "الاحتلال كان ممكن يسكر -يقفل- المدرسة أو يفصل المعلمين "، كان يمنع أجيال تلك الفترة من التظاهر مع مدرستهم، لذلك تشعر "موسى" بالامتنان للحظة التي تشاركت فيها مع الصغار دور مهم تراه للمعلم "إحنا جزء من الشعب ورهاننا على وقوفنا في الظروف الصعبة" فكان لابد من زرع مثل تلك الخصال لدى الفتيات عبر تجربة عملية خاصة "أن كل ما اتحرك الشارع اهتز الاحتلال" حسبما تؤمن "موسى".
انقضت نحو ساعتين، وحان عودة الطالبات لمنازلهم، لكن قبل الرحيل أفرد أحد المتضامنين لوحة كبيرة من القماش، دعا الطالبات أن يكتبوا ما يجول بخاطرهم إلى الأسرى، دونت المعلمات كذلك كلمات على القماش الأبيض، وبينما تخط "موسى" كلماتها تفاجأت "لقيت بنت بتكتب اسم شخص وتوصل له تحية"، سألتها عنه خاصة أنها ذكرته بلقب حميمي، لتجيب الفتاة بأنها تكتب لأخيها الأسير، تبسمت المعلمة وعلمت أن المسيرة أوصلت هدفها "يمكن تكون هاي شغلة صغيرة لكنها تسند".
فيديو قد يعجبك: