"اليوم" عيد ميلاده.. أحلام عائلة "فادي رمسيس" نثرها تفجير "مار جرجس"
كتبت – يسرا سلامة:
لن تنسى عائلة "فادي رمسيس" اليوم الثالث عشر من إبريل، عيد ميلاده الأول الذي يمر على عائلته عقب رحيله، تاركا الحزن يعتصر قلوبهم.
في الأحد الماضي، ذهب فادي إلى الكنيسة مبكرا، مرتديا ملابس الشماس، حيا أصدقائه، قبّل يد والدته، كان يفكر في الاستعداد لامتحانات التيرم في كليته، العلوم، بجامعة طنطا، قبل أن يرحل في اليوم التالي، متأثرا بجراحه، عقب تفجير كنيسة "مار جرجس" بطنطا.
"أنا حاسس إن الدنيا مبقتش بخير، في حاجة غلط، في حاجة ناقصة، مفيش حاجة تفرح".. كلمات كتبها فادي قبل أربعة أشهر، بينه وبين صديقه "باسم الكفراوي"، الذي يروي لـ"مصراوي" أن تلك الكلمات كانت عقب وفاة صديق ثالث لهما "أمير"، وقتها اهتم فادي بأن يسأل الأصدقاء باستمرار على عائلة الفقيد، يقول باسم "كأنه كان بيوصيني على أسرته، كأن قلبه كان حاسس".
حياة هادئة عاشها ابن منطقة النحاس بطنطا، "كان محترم وأخ لكل اللي يعرفهم"، يقولها صديقه محمد شعبان، متابعا "مش بيحب يزعل حد وملوش في المشاكل، الواحد يتمنى يكون على خلقه". مبتسم في وجه زملائه، "عمري ما حسيت بفرق إنه مسيحي أو أنا مسلم"، يقولها باسم كأنه تذكر ديانة صديقه توا. يتابع "كان بتمنى يستشهد لما بيسمع عن حادثة في أي دور عبادة، كان بينتقد الوضع الأمني لكن مبسوط إن ربنا رفعهم للسما".
لم تتوقف الدموع ذرفا على رحيل فادي، في قداس صغير حضره عائلته وأصدقائه، شقيقتيه "كارولين ومريم"، الأخيرة فقدت كذلك خطيبها "عادل سليمان" في أحداث تفجير طنطا، لم تتوقف الأدعية لها بالصبر لكل من عرف بالخبر، بالقداس أوقد الحضور شموع الوداع، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلاده.
اثنان وعشرون عاما، كان سيتمهم اليوم الشاب الراحل. لا تخلو سيرته الطيبة بين أبناء فرقته بكلية العلوم، لم تتوقف أحلامه وسط انهماكه في الدراسة، "نفسي أسافر دبي، بحس إنها حتة من أوروبا، والمالديف، وأقضي أجازة في باريس"، بشوش، يحب صوت نانسي عجرم، وأغنية كاظم الساهر الأحدث "عيد العشاق"، يحكي الكفراوي الذي تلقى الصدمة بوفاة فادي "كان بيجي على نفسه عشان أصحابه".
لا ينس الصديق المكلوم اللقاء الأخير، السبت الماضي، قبل الحادث بساعات، "فادي حضني وكان بيبص لي نظرات غريبة، وبيقولي إحنا هنتقابل تاني؟.. امتي؟"، يتوقف الصديق قليلا عن الحكي ممسكا دموعه.
يتذكر الكفرواي موقفا لهما معا، أحد ألعاب الذكاء عبر الموبايل، ليأتي سؤال "ما هى السورة التي تتوسط القرآن الكريم؟"، يرد فادي "سورة الكهف"، تشير لعبة الذكاء إلى أن الإجابة صحيحة، يتعجب الكفراوي وهو يقول "فادي كان مطلع على ثقافة الدين الإسلامي، ومش منغلق أو عدائي، لما تيجي سيرة الإرهابين كان بيقول ربنا يهديهم".
عبر فيسبوك، كتب فادي قبل أسبوع الآلام ما كان يؤرقه، امتحانات التيرم التي ستبدأ في نفس الأسبوع، استنكر الأمر، متمنيا أن يتغير موعد الامتحان لتزامنه مع الأعياد، يستجيب أحد الأساتذة بتأجيل الامتحان الإسبوع المقبل، "كان محترم ومؤدب وخلوق"، تذكرها المعيدة إسراء عمار لـ"مصرواي"، التي درست له لأربع سنوات. ستبدأ الامتحانات ومقعد فادي فارغا.
في يوم الانفجار، انتقل فادي إلى معهد ناصر بالقاهرة، كان آخر الراحلين في يوم الاثنين الماضي، عقب إصابته بنزيف داخلي، وعملية جراحية في يده وقدمه، بقت فيها أمه بجانبه حتى اللحظات الأخيرة.
منذ عام واحد، رحل والد فادي، فصار عائل أسرته، أمه وأختيه. وعقب محاضرات كلية العلوم، كان يفتح محل أبيه للأدوات المكتبية، مصدر رزق الأسرة. بدا مبتسما في صورة التقطها مع والدته عقب الوفاة، غير أن صاحب الصورة ترك مكانه فارغا.
فيديو قد يعجبك: