"كاب وطفّاية وبنزين".. صورة التناقضات من ثورة السويس
كتبت- دعاء الفولي:
تصوير- أحمد جمعة:
ستة أعوام ومازالت الصورة التي التقطها أحمد جمعة، تُثير في نفسه حماسا. عناصرها الفريدة تجعله يبتسم، فيما ينبض قلبه متسارعا كلما تذكر أنه كاد يُلقى القبض عليه بسببها. مساء 25 يناير 2011، غادر مصور موقع مصراوي القاهرة، متجها إلى محافظة السويس، بحثا عن تفاصيل مختلفة. ولم تُخيب المدينة ظنّه، فهناك قابل بطل صورته وأشخاص آخرين.
لم يكن يعرف جمعة الكثير عن تضاريس السويس، لذا فضّل البقاء مع أصدقائه، محافظا على الخروج نهارا فقط "كانوا بيقطعوا الكهرباء بليل". ظلت الأجواء يشوبها هدوء حذر حتى ميعاد صلاة جمعة الغضب، إذ تلاحقت الأحداث "كنا كل دقيقة بنشوف تفاصيل مختلفة من نفس الكادر والمكان".
قضى المصور الثلاثيني أربع ساعات بين المتظاهرين والشرطة، غير أن احتراق قسم الأربعين عصرا غيّر مجرى الأمور. حينها بدت شوارع السويس خالية من قوات الأمن المركزي "لفت انتباهي وقتها حالة الناس اللي حوالين القسم"، وقف جمعة في زاوية آمنة لحد ما، ليلتقط صورة لشخص يحمل عدة أشياء.
قناع ورقي ضد الغاز، طفّاية حريق، قبعة شرطية، وجركن بنزين؛ أربعة متناقضات جمعها المواطن المجهول الذي كان يحوم حول القسم. ما رآه المصور حينها أنه حاول إشعال سيارة شرطة "بس في نفس الوقت كان معاه طفاية جايبها من جوة القسم فأنا مكنتش فاهم هو بيحرق ولا بيطّفي" يتذكر جمعة المشهد ضاحكا، ورغم فضوله لم يقترب من الرجل ليسأله عمّا يفعل، واكتفى بتصويره.
عقب فترة صارت الأوضاع قاتمة "الناس أخدت بالها إني بصوّر واتلمّوا عليا". كان جمعة يرتدي مِعطف أسود يُشبه زِيّ الشرطة "افتكروني مُخبر بصوّرهم عشان يتقبض عليهم"، وجد نفسه داخل حلقة من الغاضبين، لم تُفلح محاولاته لتهدئتهم، قبل أن ينقذه انفجار سيارة قريبة، فرّق الجمع.
هرع المصور في تلك اللحظة لآخرين، أبرز إليهم البطاقة الصحفية؛ فانتزعوه من براثن المتحفزين للاعتداء عليه، وأصبح بقاؤه مستحيلا بعدما حذّره أحدهم أن الأنظار مصوبة في اتجاهه.
رغم الانسحاب إلا أن جمعة خرج بصور أخرى سجّلت حرق قسم الأربعين، إحداها لطفل لا يُجاوز عمره 12 عاما يُلقي بزجاجات مولوتوف على سيارة شرطة.
خبّأ مصور مصراوي كروت الذاكرة الخاصة بالكاميرا في السيارة خوفا من التفتيش على الطريق. عاد للقاهرة أخيرا مساء الثامن والعشرين من يناير. "مكنتش متخيل إن الصور هتسيب أثر كدة".. يتلقى جمعة إلى الآن كلمات الثناء على ما التقط في السويس "وقتها انا فاكر إن الصور اتنشرت في خمس وكالات أجنبية"، فيما مازال روّاد فيسبوك يستعيدون ذكرى الأحداث في بلد الغريب بصور جمعة.
تابع باقي موضوعات الملف:
الثورة.. لقطة (ملف خاص)
في جمعة الغضب.. كواليس صورة بكى فيها ''عسكري''
من إيطاليا إلى التحرير.. ''ماركو لونجاري'' يروي لحظاته مع الثورة المصرية
جنازة ثائر مجهول.. نظرة على ''يناير'' من الشباك
الثورة في الزمالك.. قصة أول مظاهرة في الحي الراقي
بين الدخان والأصابع المكسورة.. ''صائد القنابل'' يُعانق الثورة
في ميدان الساعة.. عندما ثار الإسكندر الأكبر مع المتظاهرين
''من أجلك أنت''.. قصة احتراق الحزب الوطني
فيديو قد يعجبك: