على أبواب معهد ناصر.. قلب عائلة "كريمة" معلق بين "العريش" والقاهرة
كتبت نانيس البيلي ورنا الجميعي:
مع انتهاء الآذان الثاني واستعداد إمام مسجد الروضة لإقامة صلاة الجمعة ناطقاً "الله أكبر"، هلعت "كريمة"من دوي الانفجار الهائل الذي هز مسجد القرية المقابل لمنزلهم بأمتار قليلة، انخلع قلب الأم الثلاثينية، طار عقلها، لتهرول بملابس المنزل حافية القدمين وتدخل المسجد باحثة عن زوجها وأطفالها الثلاثة، قبل أن تفجع بوفاة زوجها محمد عبد الحليم وإصابة صغيرها "آدم" بينما نجا طفلاها الآخران، بحسب ما تروي عمتها التي وقفت تذرف الدموع الحارة أمام معهد ناصر حيث نقل الصغير المصاب للعلاج بالقاهرة.
"كانوا بينشنوا على الراس من وراء" تقول العمة الخمسينية ما رواه لها الطفل إسلام عبر الهاتف وهو في حالة انهيار، وتضيف أنه فور سماعهم إطلاق النيران هرول إسلام 13 عام وشقيقه أحمد 10 سنوات للاختباء داخل دورة مياه المسجد بينما استشهد والدهم وأصيب شقيقهم الأصغر "آدم" بطلقات في ساقه وظهره "كان بيعيط ويقولي فجروا دماغ بابا يا ستو بس إحنا استخبينا في الحمام".
من محافظة الفيوم شرعت خالة كريمة للسفر إلى قرية الروضة فور سماعها أنباء الهجوم من التلفاز لتبقى مع الابنة الصغيرة "آلاء" التي بقيت بجوار جثمان والدها حيث يجرى مراسم تكفينه، قبل أن تفشل في الوصول لإغلاق الأمن لطريق العريش "لقيتهم قافلين الطريق ومانعين حد يعدي"، وتضيف أنها قررت القدوم إلى معهد ناصر لتساند نجلة شقيقتها وطفلها المصاب.
قبل حوالي 15 عام انتقلت "كريمة" رفقة زوجها إلى قرية الروضة الذي يعمل ناظرا لمدرسة بها مجاورة للمسجد ولمنزلهم "وخلفت عيالها الأربعة هناك" وتشير إلى أنهم كانوا يطمئنوهم دائماً على استقرار الأوضاع هناك كلما وقعت أحداث إرهابية بشمال سيناء" كانت بتقولي الروضة هادية وأمان متقلقوش".
وسط صافرات سيارات الإسعاف التي تدوي بين الحين والآخر لإحضار مصابي الحادث، وأفراد الشرطة وعربات الأمن المحتشدون على أبواب مستشفى المعهد، ووقف 8 أفراد من عائلة "كريمة" يحبسون أنفسهم، غلبه الدموع وتتساقط رغم محاولة إظهارهم تماسك، قلوبهم مشتتة بين شمال سيناء حيث زوج الابنة الذي يكفن وبين معهد ناصر حيث يعالج الصغير يتضرعون إلى الله من أجل شفاءه "ربنا ينجيه عشان متبقاش خبطتين لأمه، مش هتستحمل".
حالة من الفزع داخل طوارئ معهد ناصر، هرولت كريمة تسأل عن ابنها ادم المصاب بطلق ناري في الظهر.
ما إن سمعت كريمة عن الحادث الارهابي بمسجد الروضة جريت تلحق بزوجها وأولادها الثلاثة، لتجد زوجها محمد عبد الحليم قد وافته المنية، وأولادها الثلاثة مصابون.
كريمة هي الوحيدة من بين أهالي المصابين التي تمكنت من اللحاق بأسرتها، تجلس بمفردها داخل قسم الأشعة منهارة مرتدية عباءتها المنزلي وحافية القدمين، فيما تتناثر بقع الدماء من أول خمارها حتى قدميها.
لا تصدق السيدة ما حدث، تسند برأسها قليلا ناحية الجدار، تحاول استيعاب هذا اليوم الطويل قائلة وسط دموعها "دول اليهود مبيعملوش كدا."
فيديو قد يعجبك: