في لبنان.. القطط في المقهى والكلاب تستقل التاكسي!
بيروت (دويتشه فيله)
تنتشر في لبنان هوايةُ تربية الحيوانات الأليفة، ولكنْ ثمة جديدٌ غيرُ معتاد: "تاكسي للكلاب" و"مقهى للقطط"؟! فلمن يهمه الأمر، نأخذ إجازة من "انشغالاتنا"... وننطلق معاً في جولة مختلفة.
في الشكل، السيارة سيارة أجرة عادية. لوحة حمراء عمومية، نوافذ، مقاعد... وسائق، إنما "الراكب" مُميّز. إعتاد "الراكب" زحمةَ السيرِ اليومية في بيروت. تستفزه أحيانا رائحة أكوام النفايات في بعض أزقتها والقطط المتواجدة بجوارها، لكنه يُكمل طريقه. وجهته اليوم الطبيب، بعدما زار بالأمس "مُصفّف الشَعر". لا تنقصه في اليوم المشمس هذا سوى النظارة الشمسية لدواعي العناية الزائدة!!
"الراكب المُميز"... كلب، مع فائق الاحترام!
بالنسبة لهواة تربية الكلاب في لبنان، اليوم غير الأمس، وللغد - ربما- قصص أخرى. سابقا لم يكن هناك سيارات مجهزة لنقل الحيوانات، اليوم ثمة رفاهية تحققت... وكأن للكلاب عصرا ذهبيا يعيشونه، كما البشر!! باختصار، هي فكرة انطلقت في بيروت قبل أشهر قليلة تحديدا في (7/7 /2017)، و"تلقى راهنا رواجا مُلفتا"... "سيارة أجرة للكلاب".
يتحدث صاحب المبادرة خطار أبو مرعي لـ DW قائلا: "الكلاب تعيش معنا في المنزل، نعتبرها كفرد من الأسرة. وفي لبنان لا وجود لسيارات أجرة تنقلهم، فكانت الفكرة". في المُجمل، ننقل الكلاب إلى الطبيب البيطري أو مُصفف الشعر، أو مع أصحابهم إلى المقاهي والبحر، وحتى من المطار وإليه (...)".
بالحديث عن سيارة أجرة للكلاب، أول ما يتبادر إلى البال فرضية "الكلاب اللطيفة"، ولكن ماذا عن تلك الشرسة، المتسخة أو الناقلة لأمراض معدية مثلا؟ يجيب أبو مرعي: "غالبية الكلاب تكون لطيفة. الشرسة منها يضعها أصحابها بالأقفاص داخل التاكسي وعند وصولنا إلى الوجهة المحددة يكون هناك من يستلمها، أما الكلاب الحاملة لمرض معد فإننا نعتذر عن استقبالها على الرغم من أن سيارتنا معقمة ومجهزة بحسب المعايير الدولية(...)".
"تاكسي الكلاب" تُغطي اليوم ثلاث مناطق رئيسة كبيرة جغرافيا في لبنان، بينها العاصمة، و"نطمح لنغطي كل لبنان قريبا"، يقول أبو مرعي. وأمام هذه الخدمات، لا تختلف تعرفة نقل الكلاب عن التعرفة المعتمدة في شركات التاكسي العادية الأخرى في لبنان، يؤكد.
آراء متضاربة
"راشيل" (26 سنة)، تتعامل وكلبها الصغير كطفل يحتاج الرعاية. "أصفف شعره بنفسي، أضع له المعطرات، وأحضر له الألعاب"، فما رأيها بتاكسي الكلاب؟ تُعبر "راشيل" عن سعادتها بالفكرة؛ "ففي بعض الأحيان لا يتوافق دوام عملي مع جدول مواعيد الطبيب البيطري مثلا، لذا أفضل أن أرسله بسيارة أجرة، أثق بسائقها، وأبقى على تواصل معه هاتفيا ومع الطبيب (...)".
رأي "راشيل" يتعارض وما يقوله محمد (32 عاما). الأخير "عاشق لكلبه الشرس" كما يقول، ويتابع: "أنا لا أثق بأي شخص لينقل كلبي إلى الطبيب، وأُفضل أن أحضر شخصيا، وأضبط مواعيدي تماما لأجل ذلك، حتى ولو تأخرت على عملي! أنا لا أجد التاكسي فكرة جيدة في هذه الحالة (...)".
رواد المقهى يداعبون القطط
"تاكسي الكلاب"، فكرة ولدت "من رحم الحاجة". هي الأولى من نوعها في لبنان... تماما كمقهى القطط. الأخير بدأ العد التنازلي لافتتاحه مع نهاية العام 2017 في بيروت. هنا سيتمكن الرواد من مداعبة القطط، التقاط صور لها ومعها، شراء منتجات تخص القطط وثمة بعد أكثر.
مديرة المشروع لين الخوري تُعبر لـ DW عن شغفها بالقطط. في البدء، لم يكن في بالها تنفيذ مثل هذا المشروع، سيما وأن مجال عملها مختلف، فلطالما اكتفت بالتطوع لمساعدة القطط وتبني بعضها إلى أن شجعها أصدقاؤها على تنفيذه. "لين" محاطة بأصدقاء شغوفين مثلها بالقطط وتربيتهم والاهتمام بهم، وبينهم جمعيات معروفة على صعيد لبنان.
تُفضل "لين" عدم تحديد تاريخ محدد لافتتاح المقهى، مكتفية بالقول، إنه سيكون نهاية العام لأن ثمة تحديات لناحية التصميم، فمثلا: كيف يُمكن فصل المأكولات الخاصة بالزوار عن "فضولية" القطط، وكيف يمكن عزل الأماكن الخاصة بفضلات القطط بحيث لا تزعج الرائحة أحدا من الرواد.
وماذا عن قائمة المأكولات والمشروبات؟ تجيب "لين" أنها لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وطرحت على متابعيها تعبئة استمارة تتضمن مجموعة من الأسئلة خاصة بالتصميم والمأكولات والمشروبات، وهي تعمل عليها. وتتابع: "من خلال هذا المشروع سيتمكن رواد المقهى من التعرف إلى قطط تنتظر من يتبناها بشروط".
كثُر دعموا "لين" في مشروعها، "لكن تجد من يقول: ما هذا المشروع؟ اعملوا على شيء أهم". تُعقّب "لين" قائلة: "هؤلاء فئة صغيرة وليسوا من هواة تربية القطط".
في المقهى قوانين حازمة، الالتزام بها واجب. إزعاج القطط مرفوض بالمطلق، كأن يتم تسليط الضوء إلى أعينها مثلا أو حملها بشكل مفاجئ من دون التودد إليها وغير ذلك.
شروط صعبة
مقهى القطط يعالج إشكاليات التصميم تحضيرا للافتتاح الرسمي، ولكن ماذا عن التحديات أمام "تاكسي الكلاب"؟ DW استطلعت رأي الطبيب البيطري د. أدهم خطار وملاحظاته كمتخصص مستقل لا تربطه أي معرفة بأصحاب فكرة تاكسي الكلاب، فاستهل الحديث بالإشارة إلى نقاط وصفها بالمهمة تخص السيارة أولا، "كأن لا يتم حمل الكلب إلى السيارة بل إن يكون لها طريق تصعد عليه. أن تراعي الأقفاص احتمال حدوث تصادم مروري مثلا، وأن تكون السيارة معقمة جيدا، ومؤمنة في شركة تأمين تأخذ بالاعتبار الكلاب (...)". إضافة إلى ذلك تحدث عن أهمية القيادة المتزنة "البعيدة من الضوضاء" بحيث لا يتم استفزاز الكلاب، "بخاصة إذا كانت شرسة".
"نُفضّل أن يأتي صاحب الكلب مع كلبه -يقول د. أدهم- إنما نتفهم انشغالات الحياة اليومية". وهو يُؤكد ألا أضرار صحية لناحية لنقل الكلاب بتاكسي مخصصة لذلك، إنما يشير إلى حالة الكلاب الشرسة، فإذا كانت للطبيب البيطري معرفة مسبقة بالكلب لا إشكاليات، إنما إذا كان جديدا على الطبيب فثمة مخاطر في هذه النقطة بالتحديد (...)".
"الفكرة من حيث الشكل جيدة ولكن قد تكون صعبة التطبيق في بعض الحالات - يختم د. خطار- وفي هذا المجال لا يُمكن إخفاء النجاح ولا ادعاؤه، إنما الأكيد هو اهتمام اللبنانيين المتزايد حدَّ الظاهرة بتربية الحيوانات الأليفة بخاصة الكلاب والقطط".
فيديو قد يعجبك: