إعلان

مصراوي يحاور مصمم جرافيتي "كُن مع الثورة" في الذكرى السادسة لـ"يناير"

12:10 م الأحد 22 يناير 2017

جرافيتي كن مع الثورة

حوار- رنا الجميعي:

كان للأمل معنى في ذلك الوقت، الأجواء مشحونة بغضب يتصاعد بروّية، ورغبة في التغيير، كان الغليان أقرب ما يكون للسطح، مظاهرات قليلة تدفعها حركة كفاية، تعمل على تحريك المشهد الرتيب، قبلها بسنتين كانت الملحمة الأبرز هي اعتصام القضاة 2005، وكتابات صحفية تساعد على تغيير مواقع قطع الشطرنج، والمدوّنات كصوت مختلف.

في تلك الأثناء كان "محمد جابر" ضمن شباب قليلين مشاركين بالتظاهرات، والتعبير عن الرأي من خلال الجرافيتي، رسومات قليلة توزعت بأنحاء القاهرة تُنبئ بتغيير المشهد العتيد، كان من بينها تصميم "كن مع الثورة"، أحد الأيقونات البصرية البارزة لثورة الخامس والعشرين من يناير.

يسرد جابر بداياته مع الجرافيتي لمصراوي، حيث نزل لأول مرة عام 2007 بحلوان، ثم تلاها بطبع جرافيتي قبل أيام قليلة من إضراب المحلة في ستة إبريل 2008، تحديدًا الخامس من الشهر نفسه بمنطقة سور مجرى العيون، "قررت اللعب بمصطلحات كنت بشوفها على العربيات وفي الشوارع طول الوقت، زي كُن مع الله".

تركزّ فكر جابر حول غرز كلمة جديدة وسط الناس، لتأخذ مجراها وتتسرب إلى وعيهم، فكانت "الثورة"، طبع جابر التصميم مرة واحدة، لا يتذكر العام بالتحديد "كان 2008 أو 2009" ، رسمها المصمم دون ملكية فكرية "مكنتش مستني نتيجة بعدها، أنا كنت بخلق تريند جديد"، أخذ الجرافيتي وقته في الانتشار فكان "كُن مع الثورة".

1

حتى جاء الزمن الذي خُلق له تحديدًا "لقيت رسام الكاريكاتير البرازيلي لاتوف استخدمها وقت ال18 يوم"، وطبعها أحدهم على تيشيرتات بيعت بكثرة بوسط البلد في سنين الثورة التي انطلقت مع الخامس والعشرين من يناير 2011.

2

بدأ اهتمام جابر بمجال السياسة قبل الثورة بستة أعوام، يقول لمصراوي إنه لم ينس "المشهد الملحمي"، على حد وصفه، للناشط مالك مصطفى واشتباك الأمن المركزي معه، خلال اعتصام القضاة 2005، بعدها بدأ بمتابعة المدونات، تحديدًا مدونة "علاء ومنال"، لأصحابها الناشط علاء عبد الفتاح وزوجته منال حسن، كما قرأ المقالات الصارخة لإبراهيم عيسى، الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير جريدة الدستور الأسبوعي حينها.

انضم جابر لأوائل من سجّل اعتراضه على العهد البائد من خلال رسومات الجرافيتي، "التصميمات المناهضة للنظام" هو عنوان مشروع مرئي قام به المصمم عام 2007، عبارة عن عدد من التصميمات التي لها علاقة وثيقة بالحراك داخل الشارع المصري، يقول جابر إنه في ذلك التوقيت قبل الثورة لم يكن هناك حراك منظم "كفاية مبقتش موجودة في الشارع كتير، وبشكل عشوائي اتجمع شباب في مجموعات مكنش ليهم مظلة أيدلوجية".

مع حلول يناير 2011، هبّت الثورة في تونس وانتقلت إلى مصر، شارك جابر منذ الأيام الأولى للحدث الكبير، عايشه بفعالياته المُختلفة من بينها أحداث "محمد محمود" الأولى والثانية، لم يكن يتوقع مُصمم الجرافيتي أن الثورة ستتحقق يومًا. لكنه وجد نفسه داخلها بعد أقل من ثلاثة أعوام على رسمته التي أنبتت تغييرًا.

"أنا عمري ما حسيت بإن البلد بتاعتي أد يوم 29 يناير الصبح".. لم يشعر جابر يومًا بمثل هذا سوى مع رياح التمرد التي حلّت بسماء التحرير، حينها حلُم الشاب بتثبيت أقدامه في الوطن "كنت عاوز أكبر في البلد وأسجل شركة التصميم بتاعتي وأدفع ضرايب".

3

هذا الحُلم لم يسع مصر، ضاق مع الوقت، هربت رياح التغيير بعيدًا مع أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها، حلّت الخيبات سريعًا "أسوأ لحظة لما عرفت في محمد محمود الأولى إن مالك مصطفى اتصاب في عينه"، كما تعرّض جابر خلال أحداث الثورة للحظات خطيرة أثناء الاشتباكات من إطلاق نار كثيف "فجأة ملقتش حد حواليا وفيه ضرب كتير ولولا إني احتميت في بوكس كهربا، سبحان مين طلّعني".

يعيش جابر الآن ببيروت، ليس بصفة منتظمة، حيث يقتطع من وقته أسبوعين كل عدة أشهر يعود فيها إلى القاهرة، لكن لم يعد أي حُلم يربطه بها "مبقتش أعدي على وسط البلد إطلاقًا"، كل صلته بالعاصمة هي والدته .

رغم خيبات الثورة إلا أن الأمل ظلّ يغازل نفس جابر أثناء عهد الإخوان، ومع مظاهرات الثلاثين من يونيو انطفأ الأمل الذي انتهى بانتهاء الحراك السياسي في مصر، حسب رأيه، لا يرى مصمم الجرافيك أن هناك فرصة لصوت مغاير بالمشهد الآن "صعب إني أنزل أرسم جرافيتي يعارض النظام دلوقت"، هذا هو ما دعاه إلى مغادرة البلاد، والتركيز على حياته العملية.

4

لم يُنتسَ جرافيتي "كن مع الثورة"، ما زالت تحمله الجدران، تعددت استخداماته ولم يتضرر منها جابر، غير ذات مرة لمّا عرف بظهور التصميم خلال فيلم أمريكي، إنتاج عام 2016، يسمى "13 ساعة"، ولم يتواصل أحد من صناعه مع المصمم، خاصة أن الجرافيتي وُظّف في مشهد تظهر فيه مجموعة من "الإرهابيين المفترض إنهم تابعين لداعش" يهاجمون قاعدة أمريكية، على حد قوله في البيان الصحفي الذي نشره على الفيسبوك، حينها قرر جابر اتخاذ الاجراءات اللازمة من مقاضاة صناع الفيلم، وتسجيل حقوق الملكية الفكرية في أمريكا، وهو ما يجعل من حق جابر مقاضاة أي شخص في معظم دول العالم.

5

يمتلك جابر شركة للخطوط العربية الرقمية، "هدفي إني اشتغل على مكتبة الخطوط العربية اللي بتموت"، يُحاول إثراء صناعة الخط الرقمي. يؤمن مصمم الجرافيك أن تصميمه لن يغفله الزمان، لاقى الجرافيتي رواجًا كبيرًا مع تحركات التغيير بعدد من الدول عربية والأجنبية "انتشر في بيروت وليبيا وتونس وسوريا وبرلين ولندن"، واستخدمه عديدون كوشم إلى الآن، كما يعتبر أن الجرافيتي عامة هو ذاكرة بصرية "صعب يُنتزع من عقول الناس".

فيديو قد يعجبك: