فاته مولد ابنه وأصيب باشتباه في جلطة.. كيف أثر السجن على مصور صحفي؟
كتبت- شروق غنيم:
مع دقات بداية العام الجديد، كانت أماني تضع مولودها بإحدى المستشفيات، فرحة منقوصة استقبلت بها صغيرها، إذ غاب عن هذا المشهد أهم عضو في أسرتها، زوجها المصور الصحفي حمدي مختار.
في الـ26 من سبتمبر العام الماضي، قُبِض على حمدي مختار، المصور بوكالة أنباء بلدي الإخبارية، من أمام نقابة الصحفيين، خلال تصويره تقرير ميداني، بالإضافة إلى مصورين آخرين هُما محمد حسن، وأسامة البشبيشي.
يومٌ كامل لم يعلم أحد مكان المصورين الثلاث، "اتاخدوا على الأمن الوطني" يقول عمرو محمد، المحامي لمصراوي. وفي اليوم التالي 27 سبتمبر، عُرض الـ3 شباب على نيابة وسط القاهرة، قبل أن يرى المحامي علامات التعذيب و"الحرق" على جسد حمدي مختار، بحسب قوله، فأثبت ذلك بالمحضر، وطالب بعرضه على الطب الشرعي، وحتى الآن لم يصدر التقرير، ولم تسمح النيابة للمحامي الإطلاع على أوراق القضية –بحسب تعبيره.
وجه للثلاثة مصورين عدة تهم منها؛ التحريض على تظاهرة دون ترخيص، الانضمام لجماعة محظورة، لكن المحامي عمرو يقول إن تلك التهم بدون إثبات، وإنه قدّم أوراق من الصحف التي يعمل بها موكليه، تفيد بوجود تصريح للتصوير. ومنذ ذلك الوقت رُحّل الثلاثة مصورين إلى سجن طُرة، فوجد حمدي في كتابة الرسائل لزوجته مُتنفَس داخل جدران الزنزانة الضيقة، فيحكي لها عن طفلهما المنتظر قدومه وآماله بالخروج.
"مرحبًا بضيفي الذي منعوني استقباله. إن امتلاك الحرية هو أسمى هدف يمكن السعي إليه، فإن تكون حرًا في فكرك ورأيك، هنا تكون قد امتلكت نفسك، لذا اسميتك مالك". كانت هذه الكلمات التي جاءت برسالة حمدي، ضمن رسائل عدة يكتبها لزوجته.
بعد مرور أسبوع من الولادة، يوم الأحد قبل الماضي؛ كان موعد حمدي لرؤية صغيره لأول مرة، دقائق محدودة سُمحِت له بالسجن، أحاط "مالك" بكلتا يديه، ضمُه بقوة، فيما امتلأ وجهه سعادة تُنسيه كل القلق الذي يمُر به. بدا صاحب الـ37 عامًا مُتماسكًا ذاك اليوم، وبدأ يبث الطمأنينة في نفس زوجته "أنا معملتش حاجة غلط، وهخرج".
لكن الوضع اختلف تمامًا في الزيارة التالية، يوم الخميس الماضي، بينما كانت أماني تُخبر زوجها بأن قضيته أُحيلت إلى أمن الدولة العليا، تلعثم حمدي في حديثه، ثم فقد النطق وبدأ يتهاوى إلى أن سقط أرضًا.
بدأت زوجته تُنادي بهستيريا على أمناء الشرطة لمساعدتها، نُقل حمدي إلى عيادة السجن وجاء التشخيص اشتباه في جلطة، ثم نُقل إلى مستشفى طُرة واستقرت حاته إلى حدٍ ما. ثم نُقِل مرة أخرى إلى زنزانته الأحد الماضي، لكنه لا يشعر بتحسُن "العلاج قليل، وحاسس بتنميل في إيدي الشمال. بيموتوني بالبطئ" يُخبر حمدي زوجته خلال زيارتها باليوم نفسه.
كان قرار إحالة القضية إلى نيابة أمن الدولة العليا، مفاجئ للمحامي أيضًا، إذ لم يسمح له بالاطلاع على الأدلة الجنائية -بحسب قوله، ويرى أن كل شئ متوقع في القضية، لكنه علم الأمس أن القضية تحمل رقم 32 لسنة 2017 حصر أمن دولة عُليا، لكن نيابة وسط القاهرة "زينهم" ستُصدر قرارًا الأحد المُقبل بالتجديد، والذي يعني إما إخلاء سبيل الثلاثة مصورين أو تجديد الحبس 15 يومًا.
حاول خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين التواجد مع حمدي وزملائه منذ اللحظة التي قُبض عليهم فيها، لكن النيابة لا تسمح له بحضور التحقيقات لأن الثلاثة مصورين ليسوا أعضاءً بالنقابة، كما أن التهم الموجهة لهم لا تتعلق بالنشر. وأوضح البلشي لمصراوي أنه قدّم اسمائهم في قائمة العفو مرتين.
تحتوي رسائل حمدي على مطالبته بمساندته هو وزملائه "اجعلوا قضيتكم الأولى هي حرية مهنة الصحافة بتدخل نقابة الصحفيين واللجنة القانونية للنقابة والحضور مع زملاء المهنة دون النظر كونه عضو نقابة من عدمه"، يحكي كيف يتبادل الحديث مع محمود أبو زيد "شوكان"، الموجود بزنزانة مجاورة له، ثم يعود ويُفرّغ غضبه على الورق ويكتب رسالة تبدأ بـ"ليس مكاننا السجون".
فيديو قد يعجبك: