تلاميذ زويل بعد رحيله.. "حبل الود موصول"
كتبت - رنا الجميعي:
سواءً التقوا به أم لم تتوفر لهم الفرصة لذلك، إلا أن العالم المصري أحمد زويل، حفر داخل قلوبهم منزلة خاصة قبع فيها، صغارًا كانوا، سمعوا عنه كواحد من قلائل مصريين استطاعوا نيل جائزة نوبل، أكبر جائزة في العالم، شاهدوا صورته في الكتب الدراسية، ليعلموا أنه جزء من فخر هذا الوطن، وليتحول لدى محبي العلم منهم إلى مثل أعلى، يحاولوا الارتقاء إليه، بينما تمكّن البعض من اللقاء به، رؤيته عن قُرب، وأن يلمسوا ودّه وتواضعه.
يشترك مازن حسن، طالب في أولى ثانوي، بمعسكر مدينة زويل، الذي سيُقام بعد يومين، للقيام باختبارات وأنشطة معملية، عرف الطالب دكتور زويل للمرة الأولى من خلال كتاب الدراسات لأخيه الأكبر "كنت وقتها في سنة رابعة ابتدائي"، سأل أباه عنه فبدأ يفهمه ما الإنجاز الذي قام به الحائز على جائزة نوبل "قالي إن زويل أخد نوبل في الكيمياء عشان اخترع كاميرا تقدر تصور التفاعلات الكيميائية ودا وصله إنه يشوف مدة زمنية جديدة اسمها الفيمتو ثانية، ودا خلى العالم يوصل للنانو تكنولوجي وأشعة الليزر".
يُمثل دكتور زويل بالنسبة لـ "مازن" مفتاح النجاح، يضعه أمامه في حياته الدراسية، وتمكّن من الحصول على المركز الأول بمحافظة الجيزة في المرحلة الإعدادية، كما يعمل الآن على اكتشاف، كما يقول، عن علاقة ما بين الأرقام، منذ عام ونصف إلى الآن.
شاهد مازن دكتور زويل مرة واحدة، خلال حفل تكريم طلبة المرحلة الابتدائية، كان العالم المصري ضمن المدعوين، رآه عن بُعد لكنه لم يتمكن من التحدث معه "كان نفسي".
طلبة مدينة زويل كان لهم حظ أكبر، التقوه أكثر من مرة، وتمكنوا من التحدث إليه، مشاكلهم كانت جزء من اهتمام العالم المصري، قابلته إسراء مجدي، الطالبة بقسم هندسة الفضاء والاتصالات، لأول مرة في حفل الترحيب بهم عام 2012، تتذكر الفتاة العشرينية حديثه عن حياته، حكاه لهم أثناء اجتماعهم به، كذلك تأثره برؤياهم "وقالنا إنه كان بيحلم باليوم دا"، كما حثهم على الشعور بمسئوليتهم تجاه المدينة والعلم.
تحفظ إسراء هيئته في بالها، كرجل علم لم يُشعرهم يومًا بأنه أعلى درجة منهم "كان ساعات بيهزر معانا وكان مرن جدًا ولما كنا بنعترض علي حاجة كان بيسمعنا"، ويُنفذ ما يريدونه أو يقنعهم بوجهة نظره، كانت اجتماعات زويل بالطلبة أثناء تواجده بالمدينة "ممكن نشوفه مرتين ورا بعض"، وأحيانًا يتواصل معاهم عن طريق برنامج "السكايب".
آخر مرة رأت فيها "إسراء" زويل، خلال الفصل الدراسي الثاني بالعام الماضي. بالنسبة لطالبة هندسة الفضاء والاتصالات يُمثل نموذج لوصول الإنسان لهدفه "كمان هو السبب في إني بتعلم تعليم كويس دلوقت".
بعد ثورة يناير، ومع الحماس الذي ولّدته تلك الفترة، عاد زويل من أمريكا، حينها تحدّث عن حلمه بمشروع علمي اسمه "مدينة زويل"، وطلب من المصريين مساندته، تتذكر دكتورة منى عبد الرؤوف، المنسق العام لمدينة القاهرة، كيف تجمع عدد من الشباب، كانت من بينهم، ليُطلقوا على أنفسهم "رابطة محبي دكتور زويل"، تواجدوا بالمؤتمر الذي حلّ به العالم المصري محاضرًا، خلال شهر يونيه 2011، فيما أعلنوا عن حضورهم من خلال تيشيرتات عليها صورته بجوار برج القاهرة والأهرامات الثلاث، قال زويل يومها إنه دومًا ما يُطلق الأمريكان على الروابط كلمة "أصدقاء"، ما دفعهم لتغيير اسم مجموعتهم إلى "رابطة أصدقاء مدينة زويل"، فهو محب لذكر المدينة، حسب قول دكتورة منى، عضو مجلس ادارة الرابطة.
"حسيت إننا بنتكلم معاه كأب".. هكذا شعرت "منى" في اجتماعها الأول مع العالم المصري، رغب يومها زويل في عمل مجلس استشاري للمدينة يكون على رأسه، تكوّن أعضاء المجلس من عشرة أفراد، خمسة من رابطة الأصدقاء، وخمسة من طلبة الاتحاد، من خلال المجلس تمكّن زويل من دراسة مشكلات المدينة، ومقترحات الشباب "دايما يقولنا المدينة مش بتاعة حد دي بتاعة الشباب".
رغم أن تخصص دكتورة منى هو الطب البيطري، وهو تخصص بعيد عن مدينة زويل، إلا أن جمعية الأصدقاء ألمّت بالعديد من المجالات "احنا مجموعة متطوعين فيه دكاترة وحقوق وتجارة وطلبة ثانوي"، في البداية انحصر دور الرابطة في دعم المدينة المادي، من خلال حملات توعية للمصريين حول مفهوم مدينة زويل، وكيفية التبرع، وتحوّل دور الرابطة بعد ذلك لتوصيل علم أطباء المدينة إلى المحافظات من خلال المؤتمرات والندوات.
كانت أبرز الندوات التي أقامته رابطة أصدقاء مدينة زويل هي مبادرة "science"، لمساعدة الشباب المخترعين، لمناقشة التخصصات الغير متاحة بالجامعات المصرية "زي النانو تكنولوجي وأمراض الشيخوخة".
التواصل هي الميزة التي يتصف بها دكتور زويل، "حريص إنه يطمن، ونبعتله تقارير آخر الندوات والمؤتمرات، ودايما وهو موجود في مصر حريص إنه يكون فيه مقابلة ولو بسيطة"، المؤتمر الأخير الذي عملت عليه الرابطة توقف مع وفاة دكتور زويل، هذه المرة لم يتمكن الأصدقاء من العمل "حالة من التعب، كل شخص فينا كإنه فقد أبوه اللي بيعزه".
فيديو قد يعجبك: