إعلان

ارتفاع أسعار الكهرباء.. "الناس غلابة وبتاكل طين"

04:48 م الأحد 14 أغسطس 2016

الرئيس السيسي

كتب- محمد زكريا:
"ماتقلقوش واخدين بالنا جدا من محدودي الدخل بتعليمات الرئيس السيسي".. قبل أقل من شهر، كشف الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، في تصريحات صحفية، أن الوزارة تضع فى اعتبارها المواطنين من محدودي الدخل الذين يمثلون الشرائح الثلاث الأولى فى خطتها لإعادة هيكلة أسعار الكهرباء لرفع الدعم تدريجياً، قبل أن يعلن الوزير ذاته في مؤتمر صحفي عقد الأثنين الماضي التسعيرة الجديدة للكهرباء، والتي ستطبق بدءًا من فاتورة أغسطس 2016، بواقع زيادة جنيه ونصف على الشريحة الأولى وأربع جنيهات ونصف للثانية و14 جنيها للشريحة الثالثة، وهو ما أثار غضب المواطنين نتيجة زيادة حمل الأعباء المعيشية وارتفاع الأسعار باستمرار في شتى مجالات حياتهم.

وفي هذا التقرير حاول مصراوي التعرف على آراء بعض المواطنين حول التسعيرة الجديدة للكهرباء، إذ تباينت آرائهم، واتفق الجميع على معاناة يتلقونها يوميا.

"محدودي الدخل اطحنوا" كلمات وجدها "يوسف" معبرة عن سياسات الحكومة تجاه مواطنيها. ويعتقد المهندس الذي يعمل بالبورصة، أن رفع أسعار الكهرباء بشكل تدريجي هي إحدى ظواهر خطة تهدف رفع الدعم عن الطاقة والمياه وتحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وفقا لإشتراطات صندوق النقد الدولي "غليت المياه، والناس الفواتير تراكمت عليها ومبقتش قادرة تدفع، وبتغلي الكهربا"

 يرفض الرجل الخمسيني قبول السياسات الحكومية بدعوى سد عجز الموازنة العامة للدولة "أنت بتدفع مرتبات بملايين للأجهزة السيادية والقضاء والشرطة، طيب ما تظبط مصاريف الموازنة منها، مش تيجي ع الغلابة".

ويرى رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أن التسعيرة الجديدة للكهرباء لا ترعى محدودي الدخل كما هو معلن من قبل وزارة الكهرباء. وانتقد "رشاد" الوزير مخالفته توصيات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن مراعاة الفئات الأكثر عوزا والتي تستهدفها سياسات ترشيد استهلاك الكهرباء من الأساس.
" لما الحكومة زودت الحد الأدنى للرواتب، يقولوا قليل، لما نيجي نزود جنيهات صغيرة في الكهرباء أو المترو، يقولوا ده كتير، هي الجنيهات بتاعتنا إحنا ملهاش قيمة وجنيهاتكم أنتم لها قيمة؟، هي بلد بتاعتنا كلنا، مش بتاعتي أنا بس ولا الحكومة ولا المسئولين، ومش هتكبر ولا هتنهض إلا بينا كلنا"، هكذا علق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على ارتفاع أسعار الكهرباء، صباح السبت، خلال كلمة ألقاها باحتفال افتتاح مجمع "إيثدكو" للبتروكيماويات بالأسكندرية.


  وكانت كلمات الرئيس هي الأولى منذ اتفاق مصر المبدئي، الخميس الماضي، مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، تزامنا مع الكشف عن اتخاذ الحكومة إجراءات اقتصادية صعبة تخص رفع الدعم عن الطاقة وتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، مما ينذر بزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.

ويوضح رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية لمصراوي أن الاستهلاك المنزلي ارتفع فيه سعر الكيلو وات للشريحة الأولى بنسبة 47% والثانية بنسبة 31% والثالثة بنسبة 34.4%، في حين ارتفعت أسعار الشريحة الرابعة بنسبة 44.8% والخامسة بـ41% والسادسة بـ39% والسابعة بـ21%. وفي حالة الاستهلاك التجاري ارتفعت الأسعار بالقرش للكيلو وات بنسبة 2.9% للشريحة الأولى و19% للثانية والثالثة ارتفعت بنسبة 11.6%. لذلك وجد "عبده" أن الطبقات الأكثر فقرا والتي تتمثل بالشرائح الأولى تتحمل الجزء الأكبر من أعباء سياسة ترشيد الكهرباء، رغم كونها جُعلت لتخفيف معاناتهم.

واستبعد "عبده" أن تكون سياسة رفع الدعم تدريجيا عن أسعار الكهرباء تمس قرض صندوق النقد الدولي المزمع إنهاء الاتفاق على شروطه خلال أيام "الخطة بتاعت ترشيد استهلاك الكهرباء معمولة من سنتين قبل ما يبقى في كلام عن قرض صندوق النقد الدولي".

وكانت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، قد أعلنت قبل عامين، رفع الدعم عن الطاقة الكهربائية خلال خمس سنوات، تبدأ من العام الماضي، ويزداد أسعارها مع بداية شهر يوليو كل عام خلال الخمس سنوات. وهو ما أثار انتقاد "إيهاب" الذي وجد أن زيادة أسعار الكهرباء على فترات تصيب المواطن بعدم الاستقرار "زود مرة واحدة، علشان نتأقلم، بدل ما كل شوية نستقر وتزيد تاني"، كما وجد ابن حي الأميرية رفع الدعم الحكومي عن الكهرباء خطوة مجحفة تصيب الطبقات الأكثر فقرا "الرجل الغلبان إللي بيدفع مبلغ عليه دعم هيقدر يدفع المبلغ كامل بعد 4 سنين ازاي".

ويعتقد "إيهاب" الموظف بإحدى الشركات الخاصة أن السعي الحكومي وراء القروض الدولية من شأنه تعقيد الأزمة الاقتصادية بدلا من حلها "مش هتعرف تسدد القديم، ولا هتقدر على الجديد، وبتحمل العبء على الأجيال المستقبلية، القروض هتبقى سيستم كده بقى"، لكنه وجد الحل في الشفافية من خلال مشاركة المجتمع أزماته "شارك الناس اتخاذ القرار وهي تستحمل"

فيما وجد أحمد محمود، صاحب محل صيانة أجهزة إلكترونية، الزيادة في ارتفاع أسعار الكهرباء، أمر طبيعي، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، "أنا بدفع 50 لوهدفع 60 يبقى عادي مش هتفرق كتيير". نفس الأمر وجدته منى أحمد، إذ تعتقد أن الأزمات الاقتصادية التي تعانيها البلاد هي نتاج فترات طويلة من الفساد واتباع سياسات استهلاكية وعدم انتهاج الحكومات المتعاقبة التصدير كوسيلة لجلب العملات الأجنبية "بقالنا سنين طويلة معتمدين على السياحة وقناة السويس ومبننتجش"، رافضة تحميل الرئيس السيسي مسؤلية الإخفاق الاقتصادي بالكامل.

واعتبر أسامة منصور، صاحب "سايبر كافيه"، منذ ثلاثة أشهر، الارتفاع في قيمة فواتير الكهرباء أمر سئ "الحاجة إللي بتغلى مبتنزلش تاني، ومحدش بيراعي ظروف حد"، إلا أنه وجد في سداد قيمة الفاتورة ضرورة حتمية "في أيدي أيه هعمله، إللي يطبق على الناس يطبق عليا".

وترجع شيرين الشواربي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أزمة الكهرباء إلى سوء الأوضاع الاقتصادية "الوضع من سئ لأسوء، كنا بنستلف عشان نسدد الديون دلوقتي بنستلف عشان ناكل"، غير أنها ترى أن عدم وجود إدارة رشيدة على مدى سنوات طويلة هو سبب تفاقم الأزمة، وتستكمل "رفع الأسعار فقط وإن كان ضروريا سيؤدي في النهاية إلى مأساة، لابد من الإعلان عن خطة تنموية بمدة محددة يتم مراجعة نتائجها ومحاسبة المسؤولين عنها، بجانب تشجيع الاستثمار وتوفير فرص عمل، الحل في إنعاش الاقتصاد حتى يشعر المواطن بتحسن ظروفه المعيشية".

داخل محل متواضع يبيع منتجات اللحوم المجمدة بالمطرية، يجلس "جمل" الشهير بـ"أبو حمادة" على مكتب خشبي يقابله تليفزيون صغير. اعتاد "أبو حمادة" متابعة الأخبار التي تبثها القنوات المصرية، غير أن الحديث عن تخفيض الأسعار والشروع في تطبيق سياسات ترعى الفقراء ومحدودي الدخل تلقى استهجان الرجل الخمسيني "القنوات كلها كدب".

"الناس غلابة وبتاكل طين".. يفتتح "أبو حمادة" حديثه عن معاناة يلقاها نتيجة ارتفاع الأسعار "طبعا لو الكهربا زادت 5 جنيه هتأثر عليا، لكن المشكلة مش كهربا بس، دي الكهربا والمياه والبضاعة وكل حاجة".

 يحكي ابن المطرية عن شهور مضت كانت الزبائن تتراص على "الفترينة" طلبا لمنتجاته، غير أن الأمر اختلف كثيرا منذ شهر تقريبا، ما اضطره لرفع أسعار منتجاته، ما تسبب في تذمر ذبائنه.

يعتقد الرجل الخمسيني أن شكوى "البسطاء" لا تلقى التفات المسؤولين "دول بيأذوا الناس، ولو ممشيتش معايا هصفي مصدر رزقي الوحيد"، لكن كل ما يشغله "تجهيز" ابنته الكبرى "رحت أجيبلها التلاجة لقيت سعرها زاد في شهرين من 2900 إلى 4100 جنيه، وبراد الشاي إللي كنا بنجيبه بـ50 جنيه لقيته في التوحيد والنور بـ 190، أجلت الفرح شوية"، ورغم حصول ابنته- بكالريوس تجارة- على درجة الماجيستير إلا أنها تعمل بإحدى الشركات مقابل 1300 جنيه "بتصرف نصهم مواصلات، وبديها فلوس كمان". إذ يعتقد "جمل" أن استمرار الأوضاع بنفس السوء ينذر بـ"ثورة جياع للناس الغلابة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان