إعلان

من غزة إلى حلب.. "طوطح" يحفر معاناة شعبين على الرمال

12:50 م الإثنين 09 مايو 2016

طوطح" يحفر معاناة شعبين على الرمال

كتبت- إشراق أحمد:
القصف لا يتوقف بحلب، الأنباء تتوالى بمقتل العشرات، يتزامن معها بيانات التنديد الرسمية، فيما يبحث كل ذي قلب عن وسيلة، تعبر عن غضبه، رفضه، وأحيانا قلة حيلته لوقف قتل السوريين، ومع ظهور دعوات بتغيير خلفية الصور بمواقع التواصل الاجتماعي، للون الدم المهدر في أرض الشام، خرج محمد طوطح إلى شاطئ ميناء غزة كعادته، متعكزا على عصاه الحديدية، غير مبالٍ لساقه المبتورة، التي أعادت له مشاهد ما يحدث بسوريا، ذكرى يوم أفقده القصف الإسرائيلي إياها "ما بيحس بالشعب الأعزل إلا الشعب اللي زيه" قال ابن غزة، عاملا برمل الشاطئ، ما تجيده يداه من لمسات فنية، هي كل ما لديه لدعم السوريين، موصلا رسالة "حلب تحترق" عبر حفرها، من أرض منكوبة لمثيلتها، علها تزلزل أصحاب القلوب بشتى الأماكن.

باليوم الثالث، من الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ديسمبر 2008، نال صاروخ مقذوف، من منزل "طوطح" بحي الزيتون شرق غزة، حصد معه أرواح عدة، واكتفى باقتناص الساق اليمنى للشاب ابن الـ19عاما حينها، وكان من العابرين إلى مصر، حيث أقام ثلاثة أشهر، تلقى بها العلاج، ورغم فقده لقدمه، غير أن الانكسار ما كان له مكان في نفس ابن القطاع المحاصر، قرر أن يعود ليبدأ حياة جديدة، استغل بها حبه وموهبته في الرسم، رغم توقف تعليمه عند المرحلة الثانوية.

1

تكوين رملي بارز بحواف انسيابية، شكله "طوطح" على شاطئ غزة، للكلمة الأشهر عقب قصف المدينة السورية "حلب تحترق"، ثم وقف من وراءه رافعا العلم الفلسطيني، أراد الشاب العشريني أن يوصل رسالة أهل غزة إلى سوريا "لكن ما تخيلت يتنشر بهذه السرعة"، ردود أفعال من سوريا، وصلته لتدعم ما يقوم به، وأخرى من داخل فلسطين وخارجها، لم تخل من عتاب البعض "ليش تعمل سوريا أحنا عايشين في الوضع اللي هم فيه وذكريات الحرب اللي صارت لساها موجودة"، لكنه أصر على موقفه، مدعوما من الكثير "اللي ذاق الحرب بيعرف شو اللي حاسس بيه السوريين" يقول "طوطح" لـ"مصراوي".

2

كان الرسم على الرمال، مجرد هواية لـ"طوطح" حتى عام 2012، يكتفي بمداعبة الرمال، تشكيل ما يحب، إلى أن قام يوما بتجسيم ما صنعه يداه ليبرزه، كتب "غزة" فاستحسن ما فعل، ليقرر أن يطلق العنان لموهبته، التي صارت عمل له، بعد أن وجد اهتمام، وذاع صيته في غزة كأول جريح يمارس مثل هذا الفن بشواطئ غزة "ما في غيري وشخص أخر يرسم على الرمال"، وعقب أول وأكبر تصميم له عام 2013، بكتابة اسم جائزة فلسطينية "جائزة فلسطين الدولية للإبداع والتميز" على مساحة 15 متر، وتصويره وانتشاره، صارت "الدعاية الإعلانية" عبر الرسم على الرمال، مهنة تعينه على الحصار بعد أن كان عمله الوحيد، التوصيل بالأجرة عبر سيارة نصف نقل.

3

مع دقات السابعة صباح كل يوم، يتوجه "طوطح" إلى شواطئ ميناء غزة، مصطحبا أدواته "مسطرين، مسطرة، ألوان بخاخ، فرشاة، ورقة دفتر بها الرسم"، ينتقي التربة اللينة، قرب ماء البحر، لتشكيل تصميم مطلوب منه للدعاية، أو فكرة طرأت على خاطره، داعمة لبلده حال "غزة بكفي حصار"، ما بين 3-4 ساعات يستغرق الشاب العشريني لإنهاء إحدى اللوحات الرملية المكتوبة، يتنقل أرضا دون عكاز "عشان مدمرش الرسم".

العمل تحت أشعة شمس الصيف، مع صعوبة تشكيل الرمال في هذا الفصل "الأرض بتكون يابسة"، والتفات الناس حوله وقت تنفيذ التصميم هو ما يعبأ له عضو المنتخب الفلسطيني لكرة السلة عند بدء أي تصميم، معتبرا أن رسم الوجوه هو الأسهل "نصف ساعة واخلصه".

4

يحتفظ ابن غزة، بكل ما صممه على رمال الشاطئ، يحرص أن تلتقط له صورة بعد الانتهاء، وقبل أن يدمره بنفسه، كي لا يستغله أحدهم بتصويره والادعاء أنه صانعه، لم يكن يكترث في البداية، إلى أن انتبه لإمكانية ضياع مجهوده، فضلا عما لقاه من نفع "شاركت بالصور في معرض بغزة 2015"، وهو ما ساعد على نشر ما يقوم به على نحو أوسع.

5
طاف تصميم "طوطح" المتضامن مع سوريا خارج غزة، بينما هو محاصر، معتبرا أن ذلك ما باستطاعته تقديمه، تمنى لو استطاع أن يفعل ذلك في شواطئ أخرى خارج فلسطين، دون أن يمنعه الاحتلال حال السفر إلى ألمانيا لتركيب طرف صناعي، والمرات الثلاث، التي دعي بها إلى الضفة للمشاركة في معارض.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان