إعلان

بالصور - الأهالي يروون لمصراوي تفاصيل "جريمة الرحاب"

09:06 م الثلاثاء 19 أبريل 2016

كتب - محمد مهدي:

الأجواء هادئة كعادتها في مدينة الرحاب، الساعة التاسعة صباحًا، السيارات تمر سريًعا من صينية الرحاب القريبة من شارع التسعين، غير أن عدد منهم توقف أمام "نَصَبِة" شاي، يعمل بها شاب لم يتعدَ 18 عاما، يقترب من السائقين بهِمة، يسألهم عن طلباتهم، ويناولهم أكواب الشاي الساخن، قبل أن تقترب سيارة شرطة يستقلها فردين، أحدهما يرتدي الزي الرسمي للأمن، بينما يُسمع من على بُعد أمتار صراخ صاحب عربة الفول المجاورة غاضبًا من عدم دفعهما ثمن الإفطار "طلبوا كوبايتين شاي، شربوا وادوا ضهرهم وكانوا هيمشوا" قالها سائق تاكسي-رفض ذكر اسمه- استوقفهما الفتى غاضبًا للحصول على المقابل، رد عليه أحدهما بغطرسة "مبندفعش" فاشتعلت الأزمة.

مندفعًا تدخل عامل بمشتل صغير مجاور لـ"نَصَبِة" الشاي، استنكر تصرف رجال الشرطة "قالهم يعني بتشربوا بلوشي وعايزين تمسكوا فيه"، لم يرضَ أمين الشرطة المنفعل بتلك الكلمات، وجه لهم السباب، تشابكت الأيادي، احتدم الموقف، لينطلق رجل الأمن إلى سيارة النجدة، التقط منها "رشاش"، صوبه ناحيتهم والشرر يتطاير من عينيه "لقيته فرغّ الطلقات في جسم واحد منهم، وزميله بيجري عليه بيرفع السلاح لفوق قبل ما يطول ناس تانية" ذكرتها سيدة ثلاثينية مرت أمامهم صدفة، قبل أن تفر من المكان خائفة، لتعود إلى منزلها القريب من الصينية.

مفزوعًا هرول "سيد"-اسم مستعار بناء على طلبه- حارس إحدى الفيلات المطلة على مكان الحادث، خارج الفيلا بعد سماعه لصوت طلقات متتالية في الأنحاء "خرجت لقيت أمين شرطة بيجري هربان، والناس اتلمت عند المشتل والنصبة..صحابها كانوا طيبين ومشفناش منهم حاجة وحشة"، تحسس خطواته مرتجفًا ناحية الزحام "لقيت جثة صاحب المشتل، وواحد مصاب"، فيما اختفى صاحب الـ "النَصَبة"من المنطقة "الناس اتلمت حولين عربية الشرطة عايزين يضربوا الأمين التاني.. وسواق تاكسي جرى ورا الأول".

"محمد أدهم" سائق التاكسي المًنطلق خلف أمين الشرطة الهارب، فوجيء بالواقعة أثناء مروره بالمكان، شاهد رجل الشرطة يستقل سيارة ملاكي مطموسة الأرقام "عربية مفيهاش أرقام.. وفيها سواق"، شعر أن واجبه الامساك بالقاتل، زاد من سرعة سيارته في محاولة للحاق بالجاني "بس هو عربيته كانت أسرع"، استمر لنحو 10دقائق في محاولته قبل أن يُغير مساره عائدًا "لقيته باصيلي وبيطلع من العربية.. قولت لا يديني طلقة ولا حاجة".

عند عودته إلى مكان الجريمة، كان المئات قد التفوا حول الجثمان وسيارة الشرطة "الناس فضلت تكسر في العربية من غضبها"، الهتافات تعلو ضد وزارة الداخلية، سيارة إسعاف وصلت لنقل القتيل والمصابين "خدوا اللي اتصابوا بس.. مقدروش يأخدوا الميت، الناس منعتهم"، رفضهم نابع من خوفهم من طمس الحقيقة قبل وصول وسائل الإعلام أو جهات التحقيق "كل شيء بقى وارد في البلد دي".

من شرفة منزلها وقفت سيدة عشرينية مشدوهة تجاه ما يجري أمامها، تابعت تدافع عربات الأمن المركزي إلى المكان "عددهم كان كبير"، اندفعت القوات صوب الغاضبين المتواجدين في الصينية،في محاولة لتفريقهم وتخليص أمين الشرطة، منعوا التصوير"كنت مطلعة تلفوني وبصور لقيت ظابط بينادي عليا بيقولي بتعملي إيه؟ متصوريش"، قبل أن يوجه رجاله نحو منزلها للامساك بها "بس البوابة كانت مقفول كويس، معرفوش يدخلوا" ذكرتها بأسى.

فضت قوات الأمن التجمع، بينما ألقت القبض بطريقة عشوائية على عدد من المتواجدين في محيط الحادث، يوضح حارس العقار القريب من الصينية "شوفتهم بيمسكوا الناس من بينهم عم رافع بواب عمارة جنبنا"، قبل أن يُنقل الجثمان بإحدى سيارات الإسعاف إلى المشرحة، من بعدها عاد الناس إلى المكان من جديد ليتناقلوا فيما بينهم قصة الحادث.

على أحد الأرصفة، جلس أبناء "عم رافع" في انتظار عودة والدهم، عويل زوجته لا ينتهي، ابنته تبكي "خدو أبويا وأخويا وهما ملهمش ذنب"، كان الرجل الخمسيني يروي الحشائش أمام العقار الذي يحرسه، عندما وقعت الواقعة، اندفع إليه ابنه الأكبر، لم يقتربا من منطقة الجريمة غير أنهما فوجئا باندفاع قوات الأمن ناحيتهم وإلقاء القبض عليهم "القسم قالوا لنا هيطلع بعد المغرب".

بعد ساعات من الجريمة، خلى المكان من الناس، لم يبقَ سوى زجاج سيارة الشرطة المهشم في الأرجاء، "قصاري"الزرع ملقاه على الأرض، دماء القتيل طُمست بالرمال، فَرشته التي يأوي إليها في نهاية كل يوم ماتزال في انتظاره، حذائه و"الكاب"الذي يقيه سطوة الشمس، ملابسه مبعثرة بالقرب من زهوره، اختفت "نَصَبِة" الشاي مع صاحبها، لكن لن تختفَ القصة من ذاكرة أهالي المنطقة "عمرنا ما هننسى اللي حصل.. ولازم الظلم دا ينتهي" لفظها أحد المارين من أمام مكان الجريمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان