إعلان

مصراوي في عزاء "شهيد الإسعاف".. ابتسامة مرسومة على كفن الموت - (صور)

10:21 م الثلاثاء 08 مارس 2016

كتب - يسرا سلامة وإشراق أحمد:

على نافذة لسيارة "ميكروباص"، قدمت من محافظة الفيوم، توقفت في محيط مسجد عمر مكرم بوسط القاهرة، لصقت صورة لصاحب العزاء، بدا فيها المسعف الراحل رضا الشحات إبراهيم مبتسمًا، فيما كان الحزن يخيم على الحضور، من مسعفين زملاء وفدوا من عدد من المحافظات، وأصدقاء، وأقارب، ومسؤولين اشتركوا في تأدية واجب العزاء.

"كلنا ممكن نمر بالمشوار ده".. قالها سائق الإسعاف خميس محمد واصفًا حال العاملين بالإسعاف خاصة في سيناء، بينما يغلق باب سيارة الميكروباص، والتي جاء بها من الفيوم بصحبة نحو 15 مسعفا، إلى مكان العزاء، لم يلحق خميس بجنازة "رضا" الذي لقي مصرعه أول أمس الأحد في منطقة الشيخ زويد بسيناء، بعد إطلاق النار عليه، أثناء نقله لبعض أفراد الأمن المصابين، لكن "خميس" حرص على الحضور للعزاء للوقوف بجانب زملائه.

بدا جلال الموت في وجوه المعزيين، لم يقطع الصمت إلا صوت مقرئ يخرج من مسجد، فيما تأتي الكلمات همسا بين الوقوف بالخارج، لتسوية الصفوف المستقبلة للوافدين، وتنظيم اللافتات الحاملة لصورة "رضا"، وإبراهيم العزب الذي توفى إبان فض رابعة، كان مسعفو شمال سيناء الأكثر حزنا على رفيقهم، تميزوا بين نظرائهم بقمصان بيضاء حملت صورته، فيما كتب عليها "شهيد الإسعاف".

دائم الابتسام، مقدام، لا يخشى الموت، بل يتمناه بنيل الشهادة، فقط ينتابه القلق على صغاره الثلاثة، لكن ذلك لم يمنعه من أداء الواجب لحظة.. هكذا عرف الزملاء والأصدقاء "رضا"، فكان رحيله صدمة لهم، حبست الكلمات عن أغلبهم، واندفعت من بعضهم مختنقة بالدموع "رضا مات.. رضا راح عند اللي خلقه" اكتفى بها أحمد أنيس المشرف المباشر على الشهيد.

جاء بلاغ من وحدة العمليات من منطقة كرم القواديس إلى مرفق الإسعاف في منطقة الشيخ زويد، استجاب على الفور "رضا" إلى نداء الواجب، هكذا يعتاد مسعفو شمال سيناء رغم الظروف الأمنية الصعبة، "اللي مش بيطلع غيره بيطلع.. كلنا بنطلب الشهادة، لكن ربنا هو اللي بيختار الشهيد"، قالها المشرف على وحدة إسعاف رفح "أحمد الأباصيري"، فيما يتذكر الشهيد بكلمات تصف حاله إبان العمل "كان ابن موت، كان على طول بيضحك".

بين المصطفين على الجانبين في وضع استقبال المعزيين، الذي كان بينهم وزير الصحة أحمد عماد، وقف مصطفى الميرغني، جاء مثل رفاق أخرين، من خارج القاهرة، يخدم المسعف بالطريق الساحلي الدولي "قطاع الدلتا" كما يقول، حضر متضامنا ومعزيا في وفاة زميله "كلنا واحد ومعرضين للموت"، بأسى استقبل موت المسعف الثلاثيني "حسيت إن أنا مكانه"، لذا لم يتردد لحظة بالقدوم.

اعتاد "رضا" ابن السابعة والثلاثين ربيعا على العمل لمدة أسبوعين بنقطة غرناطة بالقرب من الشيخ زويد، فيما يعود لأهله بمركز الطويلة، في مدينة فاقوس بمحافظة الشرقية الأسبوعين الآخرين من الشهر، بالليلة الأخيرة قبل رحيله للعمل في كل مرة، يلقاه شريف رمضان، صديق دراسته وفترة عمله بالتدريس.

لا ينسى الصديق آخر لقاء جمعه برضا، حين عمل الراحل على تلبية حاجة أحد زملائه بسيناء بشراء أحد مستلزمات الكمبيوتر، لم يسعفه الوقت لذلك، واعدا الصديق "لما أنزل المرة الجاية ابقى اجيبها"، وكانت آخر كلمات الشهيد.

يكتم "رمضان" دموعه على ابن بلدته والرفيق الذي لم تنقطع علاقته به، رغم تركه لمهنة التدريس بالتربية والتعليم قبل قرابة خمس سنوات، بعد أن تقدم إلى هيئة الإسعاف المصرية للعمل، ملبيا إعلانها عن الحاجة لخريجين من التربية الرياضية، رغم "رضا" في تحسين ظروفه المادية، دون عبء بما تحمله المهنة من مخاطر.

لا يتوقف إطلاق النار في سيناء، فيما لا يتوقف "رمضان" عن الاطمئنان على رفيقه باتصال فور كل حادث، يخبره "يا أبو خالد خليك بعيد عنهم"، فيجيب الشحات مطمئنا "ربك يسترها.. ضرب النار مش بيقف"، كان "رضا" حال جميع المسعفين يعلم بالتهديدات الموجهة إليهم من العناصر الإرهابية إزاء نقلهم لأفراد أمن، يسرّ الخوف في نفسه، يوقن أن البقاء قدر، كما الموت، فيخبر صديقه كلما عاد لعمله "متخافش عليا.. أنا بطلع من بيتنا برفع الشهادة، مش عارف هرجع تاني أمتى.. في أي لحظة ممكن أجي لكم في صندوق".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان