إعلان

من أذربيجان إلى العالم.. رسوم تكره الحرب والاستبداد

02:38 م الخميس 31 مارس 2016

من أذربيجان إلى العالم

كتبت-إشراق أحمد:

مَن ذا الذي يحب الحرب، مَن ينتشي لبقاء الظلم؟، أن يُسلب مكانه بين ليلة وضحاها، يصير وأهله في مهب الريح، تتمزق ذاكرته الإنسانية، ولا يجد سوى المجهول يجيب زخم تساؤلاته. الكارهون كثر، لكن لا يملك الجميع ملكة الرفض، غير أن جوندز أغاييف فعل، وجد ضالته في رسوم جرافيك، تكسر حدود الزمان والمكان، ترى العالم أفضل مما هو عليه، تفضح قسوته بالألوان، تسخر من أحداثه، تطوف بموطنه في أذربيجان، إلى قلب أوروبا، تمر على الولايات المتحدة، والمملكة البريطانية، وروسيا، تتوقف رويدا في إفريقيا، ولا تنتهي عند بلاد العرب.

1

فتاة فيتنامية صغيرة تركض ذعرا عارية، ويبكي نظرائها رهبة ومن ورائهم جنود مدججة بالسلاح، قاصرات يقفن جوار أزواجهن في اليمن، طفل ياباني يحمل على ظهره جثة شقيقه الصغير، فيما يقف ثلاثة آخرين أمام حطام منزل ببريطانيا وقت الحرب العالمية الثانية، في وقت يتربص به نسر بأفريقيا لطفل انتظارا للفظه النفس الأخير.. صور واقعية تداولتها الأعين بحسرة ولا زالت، غير أنها في قاموس "جوندز" الفني، كان لها هيئة أخرى "لما يجب أن يكون عليه العالم"، فتحمل الصغيرة الفيتنامية بالون، وكذلك بقية الصغار، ويصبح الجنود "خيال مآتة"، ويركض الصبي الياباني بأخيه فرحا على شاطئ بحر، بينما ينظر صغار بريطانيا لمدينة وال ديزني بدلا من الركام، ويحتضن الطفل النسر مبتسما للكاميرا، لتُلتقط لهما صورة معا.

____2

تعلق "جوندز" بالرسم منذ صغره، رؤية والده يرسم حرك مؤشر هواياته "كان معلمي الأول"، جذبه نحو الأوراق والألوان، وتحولت خطوط الطفل الصغير، إلى طريق يتخذه، فدرس بأكاديمية الفنون في أذربيجان -1998/2002، قبل أن تتشكل رؤيته "اعتبر واجبي لفت الأنظار بالرسم ليس فقط لمشاكل بلدي لكن البلدان الأخرى في كل أنحاء العالم".

____3

متابعة الأحداث العالمية بشكل دائم، يرى بها "جوندز" دافعا لأعماله،المتنوعة بين الرمزية والصريحة في نقدها، لكن جميعها يهدف إلى "نشر كراهية الحرب والدكتاتورية" كما يقول الرسام الثلاثيني لـ"مصراوي"، ولا تخلو الرسوم من سخرية تشبه طابع الكاريكاتير، كان آخرها عن خبر فصل 774 صحفي، واعتقال 156 في عام 2015 بتركيا، فصور "اردوغان" حاملا لجهاز تحكم التليفزيون، وأمامه العديد من الصحف، فيما لا تظهر القنوات سوى صورته بأوضاع مختلفة.

____4

نحو 60 ألف متابع من مختلف دول العالم لصفحة "جوندز" على فيسبوك. هي نافذته الأساسية لعرض رسومه، كأنما نشرة أخبار تُتابع أكثر الأحداث أهمية، تعبر عنها رسوم "جرافيك"، ولا يغفل صاحبها التعريف بأوضاع بلده، التي كثيرا ما تحمل رسوماته عنها "تقييد حرية التعبير" وأزمات تتعلق بالنفط وضيق الحال، وصراع بين سلطة الدين والعلم، وهو ما يجعله يعتبر تصنيف ما يقوم به في فئة "الفن السياسي".

____5

حمامة وحصان كانت أولى رسوم "جوندز" بينما كان طفل صغير، حملت نفسه ما بها من معان عن الحرية، والسلام والقوة والجمال، ظل متمسكا بها، حتى بعد أن أبصر ضجيج الحروب والدماء المراقة في بلدان العالم بأشكال مختلفة، ووجد أن بلدته ليس عن ذلك ببعيد، فأخذ ينتقد دون روية المشاكل بها، يعبر عما يراه سلطة مقيدة تستنزف الأبرياء، وكان لهذا ثمن دفعه "واجهت ضغوط اضطرتني إلى مغادرة بلدي"، فمنذ 2014 ويعيش الرسام الاذربيجاني بالخارج، متحفظا عن ذكر البلد المقيم به، درئا للمشاكل الناجمة عن ذلك، وهو أقصى ما واجهه حسب قوله، غير أن هذا لم يثنيه عن مواصلة الرسم.

____6

أقام "جوندز" العديد من المعارض الشخصية في أذربيجان، وشارك في أخرى، كان الورق والألوان "الشكل التقليدي" للرسم وسائله الأساسية، قبل أن يصبح "الكمبيوتر" رفيقه الدائم، و"الجرافيك" بديل جديد يواصل به رسومه "الديجيتال"، حتى يستطيع امتلاك "استوديو" خاص به، غير أنه لا يجد في هذا عائق، فطيلة العام ينشر أعماله، التي يفضل منها تلك "المسلسلة"، ففضلا عن لوحاته المستقلة بفكرتها، يحرص على عمل لوحات موحدة الفكرة تعتمد على "التخيل" كما يقول، يرى أنها "غير منحازة ولهذا تلقى قبول" فكانت مجموعة رسومات "مجرد رؤساء"، "الحرب والسلام"، "المتحولون"، تلك التي تخيل بها أبرز 8 رؤساء لدول العالم في 2015 في هيئة سيارات.

في الرسم مشقة وراحة الرسام الأذربيجاني؛ يُنفس عن غضبه إزاء ما يحدث بالعالم، من موت الأبرياء حال الطفل السوري "إيلان"، والتفجيرات الإرهابية، وتلك السياسات الملقية بالجنود إلى الهلاك في بلاد أخرى باسم "حماية الوطن"، وحينما يشعر بالضيق وخمول قدرته من مواصلة الحديث عن الحروب والسياسة، يختار مواضيع "سهلة ومسلية"، يأخذ بها قسطا من الراحة وكذلك الجمهور المتابع له، عملا بمنطقه الخاص "لا تصيب الجمهور بالملل لكن لا تتركه للجهل"، فيرسم تارة عن ما فعلته عادة متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، وتصوير "السيلفي"، وأخرى عن حياة الرسام في "جرافيك" بسيط، سريع الفكرة.

____7

____8

ما بين ساعات وأيام حسب ما تطلبه الفكرة، يقضي "جوندز" وقته لإنجاز لوحة، يدرك أن العديد من الأشخاص يعيشون في ظل أوضاع وأنظمة "استبدادية"، يرى ذلك كل يوم عبر الأخبار المتداولة، يلح عليه سؤال "لماذا يجب أن نغلق أعيننا إزاء مشاكلهم؟"، فيسارع إلى الرسم، صانعا عالمه المأمول، تحمل نفسه أمنية يسعى لتحقيقها "أريد السفر حول العالم وكتابة مقولة "لدي حلم" لمارتن لوثر –المناضل الأمريكي إفريقي الأصل - في كل مكان وبكل اللغات".

____9

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان