مصر وإسرائيل في 4 سنوات: من "ع القدس رايحين" إلى "فتح السفارة"
كتبت-رنا الجميعي:
بدأت الشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى، مر أسبوع على الانتهاكات المستمرة ضد المسجد، بهدف إخراج المصلين المعتكفين بالمسجد، ومحاولتهم إدخال المستوطنين احتفالًا برأس السنة العبرية، أصيب في تلك الأحداث عدد من المرابطين والمرابطات بالمسجد، كذلك تم الاعتداء على أئمة الأقصى، والحراس، قبل المداهمات بأيام كان الاحتفال في مصر بافتتاح مقر السفارة المؤقت، ببيت السفير، حاييم كورن، بعد أربعة أعوام من الإغلاق الرسمي، فيما تتأرجح العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ عام 2011، التي يصفها دكتور أحمد حماد، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، في تصريح لمصراوي، بــ"الفتور".
لم تغفل الذاكرة مشهد الحشد الضخم أمام السفارة الإسرائيلية بالجيزة، الواقعة أمام النيل بشارع ابن مالك، وقع خطى الحشد انتهى بيوم التاسع من سبتمبر لعام 2011، ملأ وقتها الغضب نفوس الثائرين على إثر مقتل جنود مصريين على الحدود برصاص إسرائيلي، تحوّل الغضب إلى معاول تهدم جدار الحماية المقام بارتفاع المترين ونصف، الذي أقامه الأمن المصري بشهر أغسطس لحماية السفارة، وتم اقتحامها، ذلك المشهد لم يتكرر بعدها، فيما توقف بالحلوق هتاف "أول مطلب للثوار.. قفل سفارة وطرد سفير"، أُغلقت السفارة بشارع "ابن مالك" لأربع أعوام متتالية منذ ذلك التاريخ، ومازالت قيد الإغلاق، غير أنه بالتاريخ ذاته من شهر سبتمبر لعام 2015، تم افتتاح مقر للسفارة مؤقت ببيت السفير الإسرائيلي.
كانت مديحة مجدي ضمن ذلك الحشد، تتذكر الأيام التي قضتها سيرًا من التحرير إلى موقع السفارة، شهدت أيام الاقتحام الأولى في مايو، والأخيرة بسبتمبر، "أول مطلب للثوار.. قفل سفارة وطرد سفير".. كانت تلك ضمن الهتافات التي التهبت بها الحلوق، معاداة للصهيونية، وتضامنًا مع المقاومة، كما تذكر مجدي.
"كانوا أقوياء جدًا".. تصف مجدي الشباب من قاموا بهدم الجدار المحيط بالسفارة، تستغرب الشابة تلك القوة التي مكنتهم من هدم جزء بالمعاول، ثم استعانوا بأجسادهم لهدم الباقي من العازل "الجدار كان مسلح"، لم تكن أيام المجلس العسكري فقط هي التي شهدتها مجدي، فأيام مبارك أيضًا كانت جزءًا منها، حيث المظاهرات أمام نقابة الصحفيين، والمسيرة أمام بيت السفير القاطن بالمعادي.
عمت شوارع غزة الفرح، كما يصف طارق الفرا، صحفي فلطسيني، حين تابعوا عن كثب اقتحام السفارة في 2011، ويقول الفرا إن فلسطين تهتم بالموقف المصري تجاه "شعبنا وقضيتنا"، وعلى الرغم من أن الشعب المصري بنظر الفرا "قال كلمته" وأضعف العلاقات المصرية الإسرائيلية، لكن
تبقى أي قوة تحكم مصر تخضع لاتفاقيات السلام والاتفاقيات الاقتصادية، وبمرور الزمن يعمل الساسة على تحسين هذه العلاقات.
"النظام هو هو" تقول مجدي عن الدولة التي مر عليها خمسة عهود مختلفة، فيما ترى أن افتتاح السفارة بنفس تاريخ الاقتحام هو "استفزاز"، تُدرك مجدي أن عهد مُرسي كان الأفضل بالنسبة للقضية الفلسطينية "مرسي معملش حاجة لمصر، لكن فاد القضية"، فيما تعرف تمامًا أن "اللي كان بيحرك القضية" هم الشباب الموجودون الآن بالسجون، والبقية "بيدوروا عليهم".
"لقد نجحنا، بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس السيسي بصد التهديدات ونحن نعمل مع مصر على تحقيق الاستقرار والازدهار بالمنطقة، وستكون مصر دائما أكبر وأهم دولة بالمنطقة فلا عجب أن يسمونها في العالم العربي "أم الدنيا".. تلك كانت كلمات من حديث مدير عام الخارجية الاسرائيلية، دوري جولد، أثناء اعادة افتتاح السفارة، التي نشرتها صفحة "اسرائيل تتكلم بالعربية"، وجاء الاحتفال، ما وصفوه بـ"العرس الدبلوماسي"، بحضور السفير الإسرائيلي ومدير عام وزارة الخارجية، فيما قالت صحفية "القدس العربي" إنه لم تُوجد تغطية إعلامية لليوم.
أربعة أعوام مرّت على مصر تخلخلت فيها العلاقات، خلال الأعوام الماضية سحبت مصر سفيرها لدى إسرائيل في 14 نوفمبر 2012، إثر العدوان الإسرائيلي على غزة، ولم يتم تكليف سفير مصري حتى يونيو لهذا العام، بينما عينت إسرائيل سفيرها بمصر في سبتمبر العام الماضي، وبارك بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي تلك الحركة، وصرّح بـ"هذا القرار يعزز العلاقة بين الدولتين، بالإضافة إلى السلام الموجود بينهما".
بالنسبة للفرا، فإن إعادة فتح السفارة هو "إعادة للأمور لما كانت عليه أيام مبارك"، ورغم تفهمه اتفاقيات السلام بين البلدين، إلا أنه لا يجدها مبررة في ظل بقاء الاحتلال و"ارتكابه جرائم ضد المدنيين بغزة".
منذ عدة أيام أصدرت وزارة الخارجية بيانًا تُطالب فيه اسرائيل بالتوقف الفوري عن سياسة التصعيد وانتهاك المقدسات الدينية، محذرة من مخاطر الاستمرار في هذا النهج التصعيدي، فيما حثت المجتمع الدولي على "تحمل المسئولية تجاه حماية المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونزع فتيل الأزمة الراهنة من خلال توفير الحماية للشعب الفلسطيني"، لم تكن الخارجية هي رد الفعل الوحيد الصادر من مصر، بل أدانت أيضًا الجامعة العربية ومؤسسة الأزهر الشريف.
يصف دكتور "حماد" العلاقات المصرية الإسرائيلية أنها الحالة الأدنى من العلاقات، لم تصل الأوضاع بين الدولتين إلى القطيعة غير أنها فاترة، وإعادة إسرائيل افتتاح مقر السفارة المؤقت، لا يعني سوى أنه اهتمام بالشكليات، برأي "حماد" فإن التصريحات الصادرة من مدير عام الخارجية الإسرائيلية أنها لتهدئة الأوضاع "شيء طبيعي إنه يقول كدا"، فيما يؤكد أن العلاقات لن تتطور بل أنه من المحتمل تراجعها.
ويحلل "حماد" ردود الأفعال المصرية مُقابل الانتهاكات الحالية، فهي تتبع سياسة التصعيد بالتدريج، دون انفعالات، كما أرسل "السيسي"، قبل أيام، رسالة إلى القيادة الإسرائيلية تُدين ما حدث، كذلك لا يُوجد ربط بين فتح السفارة هنا والمداهمات بالأقصى، غير أنه من الممكن القول لإيجاد دلالة ما بين الحدثين فيُتابع قائلًا "دي عادة اسرائيل انها توحي للعالم إن فيه رضا عن اللي بتعمله".
في رأي الفرا فإن الاستنكار والشجب العربي "لم يعد له قيمة"، حتى لو كان من وزراء مصريين فهم أول من أقام علاقات مع إسرائيل، بحسب الصحفي، فيما يتذكر ما قامت به إسرائيل بعد أسبوع واحد من زيارة السادات للقدس "دخل الاحتلال وضم القدس"، بلهجة قاطعة يُدرك الفرا أن الاحتلال لا يهتم بالخطابات أو الكلام، إنما يخاف من "العداء وقطع العلاقات، أو الأعمال العسكرية ضده".
فيديو قد يعجبك: